سلطت مجلة "الإيكونومست" البريطانية الضوء على تراجع الاهتمام بتعلم اللغة العربية فى كلٍ من الولايات المتحدة وبريطانيا بالمقارنة بالفترة بين عامى 2002 و2009، عندما ارتفع عدد طالبى الجامعات الدراسين للغة العربية بنسبة 231%، وكان هذا الارتفاع مدفوعا برغبة فهم أسباب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية عام 2001.
وأوضحت المجلة أن هذا الاهتمام سرعان ما تراجع حيث هوى عدد متعلمى اللغة العربية بين عامى 2009 و2016 بنسبة 10%، رغم استمرار التواجد الأمريكى فى العراق وبدء المعركة ضد تنظيم داعش فى سوريا والعراق. ولفتت إلى أن اللغة العربية تحتل المرتبة الثامنة بين أكثر اللغات دراسة فى كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتأتى بعد لغات ربما تكون أقل أهمية مثل الإيطالية لكنها أكثر جاذبية.
وأضافت المجلة البريطانية أن اللغة العربية هي اللغة الخامسة من حيث الانتشار في العالم ، حيث يتحدث بها أكثر من 313 مليون شخص، كما أنها اللغة الرسمية لـ25 دولة، أى أكثر من أي لغة أخرى باستثناء الإنجليزية والفرنسية –فضلا عن أنها واحدة من اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة. وتدرس على نطاق واسع باعتبارها لغة أحد الأديان السماوية وهو الإسلام، ومع ذلك لا يبدو أن اللغة العربية تحتفظ بمكانتها فى العالم العلمانى.
وأعزت المجلة أسباب ذلك جزئيا إلى أنه لا يمكن وصف اللغة العربية بأنها لغة واحدة، لاسيما مع اختلاف لهجاتها، وهو ما يطلق عليه العلماء " macrolanguage" أو "لغة كبيرة". وأوضحت أن اللغة العربية الفصحى الحديثة MSA، ربما تكون وسيلة الكتاب للتعبير عن آرائهم ولغة الخطابات الرسمية فى العالم العربى، لكن سرعان ما اكتشف الطلاب الغربيون المشتركون فى فصول دراسة العربية أنه لا أحد يتحدث هذه اللغة "المعيارية". وتستند الفصحى الحديثة على لغة القرآن الكريم، بالإضافة إلى مفردات حديثة، ولكن قليل من العرب يتحدث تلك اللغة.
ورغم أنه من الطبيعى ألا تظل اللغة كما هى على مدار 14 قرن، إلا أن اللغة العربية المنطوقة في الحقيقة عبارة عن مجموعة من اللهجات المختلفة، حتى أنه يمكن اعتبار كل واحدة من تلك اللهجات لغة منفصلة.
واعتبرت المجلة أن اللغة العربية "المعيارية" ربما تكون أقرب للاتينية بالنسبة للغات المنحدرة منها، موضحة أن مثلا العربية السورية مماثلة إلى حد كبير للسورية الكلاسيكية، لكن اختفت بعض الأصوات بينما تغير معنى كلمات أخرى، فمثلا تحول "ث" إلى "س" أو "ز" فى بعض الكلمات. كما تم استعارة بعض الكلمات أوروبية الأصل مثل "تليفون". وأشارت إلى أنه مع مرور الوقت أصبحت القواعد النحوية كذلك مختلفة تماما، ولابد من تعلمها من جديد.
بعبارة أخرى ، يحتاج الأجنبي الذي يريد أن يقرأ ويتكلم اللغة العربية إلى اكتساب لغتين ، أو على الأقل ولغة ونصف اللغة. وحتى عندما يفعل ذلك، لا يعنى أنه سيفهم جميع اللهجات، فاللغة العربية ليست مثل "الماندرين" حيث يستطيع كل من يفهم الصينية فهمها. ورغم أن المصرية ربما تكون الأشهر بفضل ثقل البلاد الاجتماعى والثقافى، إلا أن متحدثيها موجودون فقط فى مصر.
واعتبرت "الإيكونومست" أنه ليس مستغربا أن عدد الذين يتعلمون هذا اللغة يتراجع، فمقابل كل خمسة من الذين يدرسون اللغة ،لا يصل إلى واحد منهم إلى مستويات متقدمة.
ومع ذلك، لا يشكل اختلاف اللهجات مشكلة بالنسبة للعرب، فمن خلال الارتجال ، يستطيع العرب من مختلف المناطق التحدث مع بعضهم البعض، حيث يستخدمون الكلمات المشتركة وبما يتماشى أكثر مع الفصحى الحديثة فى الوقت الذى يتجنبون فيه لهجاتهم الخاصة قدر الإمكان.
ولكن تبقى مشكلة اللغة الفصحى أن العرب يفضلون استخدام لغة أجنبية، مثل الفرنسية والإنجليزية، ورغم أن اللغة الفرنسية هى الأكثر استخداما فى الدول العربية، إلا إنها بدأت تفقد نفوذها كذلك.
وختمت الإيكونومست مقالها بالقول إن هذا أمر يدعو للخزى، لأن الكثير من الغربيين يربط اللغة العربية بما يحدث فى الشرق الأوسط اليوم، لكن اللغة العربية أكثر من ذلك، ولا يجب الحكم على شعب أو لغة فقط من خلال سياسة بلاده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة