سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 أكتوبر 1956..فرنسا تختطف أحمد بن بيلا وقادة للثورة الجزائرية فى قرصنة جوية من المغرب إلى تونس

الإثنين، 22 أكتوبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 أكتوبر 1956..فرنسا تختطف أحمد بن بيلا وقادة للثورة الجزائرية فى قرصنة جوية من المغرب إلى تونس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غادر الزعيم الجزائرى أحمد بن بيلا القاهرة يوم 16 أكتوبر عام 1956 ومعه محمد خيضر أحد قيادات الخارج لجيش التحرير الجزائرى.. وحسب فتحى الديب فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر»، فإنهما توجها إلى العاصمة الإسبانية «مدريد» للاجتماع بمحمد بوضياف وحسين آيات، ثم توجهوا جميعا إلى المغرب للقاء عاهلها السلطان محمد الخامس، والسفر بصحبته إلى تونس للقاء الرئيس الحبيب بورقيبة، لإطلاع الجارين عن آخر المفاوضات مع فرنسا التى تحتل الجزائر منذ عام 1830.
 
كانت الثورة الجزائرية فى عنفوانها منذ بدء كفاحها المسلح فى أول نوفمبر 1954 بمساعدة مصر التى قدمت كافة أنواع الدعم، بتدريب كوادر الثورة على الكفاح المسلح فى معسكر أنشاص، وشحن السلاح بالتهريب عبر سفن تتخفى فى الملاحة التجارية، والمساندة الإعلامية بقيادة إذاعة صوت العرب، وكان «الديب» الضابط بالمخابرات المصرية ومسؤول الشؤون العربية برئاسة الجمهورية، هو المنسق بين «عبدالناصر» وزعماء الثورة بقيادة بن بيلا، ويكشف الديب فى مذكراته، أن بن بيلا كان فى لقاء مع عبدالناصر بمنزله يوم 15 أكتوبر ثم سافر فى اليوم التالى إلى مدريد، وأن الرئيس لم يكن مطمئنا للقاءى تونس والمغرب، وأنه بعد أن استمع إلى بن بيلا: «عقب بعدم اطمئنانه لهذا اللقاء، وإحساسه بتدبير مؤامرة فى الخفاء، ونصح بن بيلا بتوخى الحذر الشديد قبل وبعد هذا الاجتماع المزمع عقده».
 
وبالفعل وقع الحدث الذى هز العالم فى يوم 22 أكتوبر «مثل هذا اليوم» 1956 وهو «اختطاف السلطات الفرنسية لبن بيلا ورفاقه»، ويذكر الديب: «تلقيت الخبر المفزع تليفونيا، ووقفت إلى جانب زوجتى التى استيقظت هى الأخرى مذعورة، وحاولت بكل الوسائل تهدئة أعصابى وثورة الغضب التى سيطرت على كل حواسى ومشاعرى».
 
يكشف «بن بيلا» فى كتاب «مذكرات أحمد بن بيلا كما أملاها على روبير ميرل»، ترجمة «العفيف الأخضر» عن «دار الآداب - بيروت»: «كنا نرغب فى أن نخبر المغرب وتونس، اللذين ساندا جهود الثورة الجزائرية بشروط السلام التى عرضت علينا، وأثناء إقامتنا بالعاصمة الإسبانية قدم إلينا رسول من مولاى الحسن «العاهل المغربى فيما بعد»، وأعلمنا بأن السلطان «محمد الخامس» يرغب فى رؤيتنا فى الرباط.. لم يسرنى مشروع هذا السفر، فالمغرب كان تحت احتلال الفرق الفرنسية، واليد الحمراء، التى شهرت نفسها فيما بعد بارتكابها على ترابه اغتيالات شهيرة، كانت قد برهنت على نشاطها القوى، ورغم هذا كنا نشعر باحترام للسلطان أقوى من أن يجعلنا نتملص من دعوته».
 
يضيف بن بيلا: «فى الرباط اتفقنا على أن نذهب إلى تونس برفقة محمد الخامس.. كانت الطائرة مغربية وقيادتها كانت فرنسية، ولكن حضورالسلطان فى الطائرة نفسها بدا لنا أنه ضمانة كافية، لكن لسوء الحظ أشعرنا القصر بأنه لعدم توفر المقاعد، لا نستطيع أن نصعد لطائرة صاحب الجلالة، وبأن طائرة ثانية ستوضع على ذمتنا، استأت كثيرا من هذا الخبر، ولكننا كنا فى يوم 22 أكتوبر، واجتماع تونس يوم 23 أكتوبر، ولم يكن الوقت يسمح بالقدوم إلى تونس عن طريق مدريد».
 
أخذت الطائرة مسارها، غير أن بن بيلا بدا له أنها لا تتبع طريقها العادى، وأنها كانت تتنحى كثيرا نحو الجنوب، وفجأة وجد نفسه ورفاقه فى مطار الجزائر، ويتذكر متعجبا: «كم كان انتشار الجنود هناك لأسر خمسة رجال، كان فى الطائرة فرنسيتان.. «ايف ديشامب» من جريدة «فرانس أوبسر فاتور».. و«كريستيان داربور»، واستشاطتا غضبا من القرصنة التى شهدتاها، وأخذتا تشتمان بعنف بالغ رجال الدرك الذين أوقفوهما بعد أن أساؤوا معاملتهما بما فيه الكفاية، وأدخلوهما معنا فى نفس سيارة الشحن، ولكن هذا لم ينل من شجاعتهما، واستمرتا تحتجان».
 
يضيف بن بيلا: «كان جو مشؤوم يسود السيارة التى كانت تتقدمها وتتعقبها دمدمة الدبابات وصفير الدراجات النارية، وكانت محشوة بالدركيين «الشرطة» الذين كنا محصورين بينهم، وكنا هدفا لشتائمهم، فلم نكن نستطيع أن نتحرك إلا بصعوبة بالغة، كنا مقتنعين بأننا سنغتال بالمشاركة الصامتة من السلطات الاستعمارية، ولهذا صمتنا ولم نشأ أن نبذر اللحظات الأخيرة من حياتنا فى كلام لا نفع فيه.. فى مركز الشرطة القضائية بـ«الأبيار» استنطقونا على التعاقب من جميع أفراد البوليس الذى كان فى تلك اللحظة موجودا بالجزائر.. والله يعلم كم كان عديدا، ثم جاء دور العسكريين فتقدم لواء لرؤيتنا.. وكنت أجهل اسمه، ولم يقدم نفسه لأسراه.. كان يريد بالخصوص أن يعرف كيف نرى منظورات النضال الآن بعد وقوعنا فى الأسر، وبُوغت عندما رآنا متفائلين».
 
فى القاهرة كان فتحى الديب يجرى اتصالاته لمعرفة كل جديد، واتصل تليفونيا بتوفيق المدنى الوحيد المتبقى من مسؤولى بعثة الكفاح الجزائرى فى القاهرة، وطالبه باللقاء فى اليوم التالى، وقضى باقى الليل يدون ملاحظاته حتى أول ضوء يوم 23 أكتوبر».. فماذا حدث؟ إنه يشكل ضمانة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة