منذ اندلاع الحرب السورية وحتى اليوم، تعاقب على الأزمة 3 مبعوثين من الأمم المتحدة، لم يتمكن أى منهم تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، ولا خطة سلام واضحة، وإن كانت النجاحات لا تتجاوز تقديم مساعدات إنسانية، وإدخال قوافل الإغاثة، مع وقف محدود لإطلاق النار فى منطقة أو أخرى.
المبعوثون الثلاثة
كوفى عنان تولى المهمة كمبعوث من الأمم المتحدة والجامعة العربية فى فبراير 2012 ، لكن لم يدم بقائه فى المنصب سوى 6 أشهر، لم يحرز فيها سوى عدة مقابلات مع الرئيس السورى بشار الأسد، وتقديمه خطة سلام مقترحة من 6 نقاط تقوم على وقف إطلاق النار بدعم من مجلس الأمن، ثم عملية انتقال سياسى وانتخابات جديدة.
عند الاستقالة قال: "بذلك كل جهدى لكن التصعيد العسكرى يتزايد".. لا حظ أن كل هذا بدأ قبل حتى أن تعلن أمريكا وروسيا التدخل العسكرى فى سوريا وقبل حتى أن يظهر تنظيم داعش على الأرض فى 2014.
تلى كوفى عنان تولى الأخضر الإبراهيمى وزير الخارجية الجزائرى السابق للمهمة، وكان ذلك بعد مرور أسبوعين فقط على استقالة كوفى عنان، وباءت محاولاته لتحقيق السلام بالفشل أيضا، وإن كان أحرز بعض التقدم، حيث كان له الفضل فى تنظيم أول مفاوضات مباشرة بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة، فى 2014 فيما يعرف بمحادثات جنيف برعاية موسكو وواشنطن والأمم المتحدة، لكن تعثرت المحادثات الأولى نتيجة الخلاف الرئيسى حول بقاء الرئيس السورى بشار الأسد فى السلطة.
وفى مايو 2014 استقال من مهمته قبل شهر واحد من صعود تنظيم داعش على الساحة فى يونيو، وقال فى إعلان استقالته "إنه حزين لترك منصبه وسوريا فى حالة سيئة" ووصف الوضع بأنه صعب للغاية.
ثم جاء الإيطالى ستيفان دي ميستورا ليستمر فى المنصب مدة أطول من سابقيه "4 سنوات و 4 أشهر" وخلال هذه المدة أشرف على العديد من حلقات مفاوضات جنيف ومفاوضات غير مباشرة أيضا فى فيينا بلا نتائج واضحة
قبل أن يعلن فى أكتوبر 2018 الاستقالة لأشباب شخصية.
لماذا الفشل الأممى
الأمم المتحدة فشلت فى سوريا، ربما تكون العبارة الوحيدة التى اتفق عليها أطراف الصراع فى سوريا، فالمنظمة الأممية لم ترض أى طرف فى الصراع ولم تتدخل بموقف حازم.
ولا دليل على ذلك سوى رؤية عناوين الأخبار من كافة المواقع مختلفة الانتماءات "الجارديان" تنشر افتتاحية فى فبراير 2018 بعنوان "فشل الأمم المتحدة فى الغوطة الشرقية" بينما موقع روداو الكردى ينشر باللغة الإنجليزية مقالا أخر بنفس العنوان قبلها بيوم واحد.. وصحيفة الوطن السورية المؤيدة للحكومة السورية دخلت على الخط بنفس العنوان مع القصف الأمريكى لدمشق 2017.
إذا الفشل هو الاتهام الدائم للأمم المتحدة ومبعوثيها، لكن الأسباب ربما تختلف، فمن جهة الأطراف المعارضة للحكومة السورية، فإن الفشل هو التصعيد العسكرى المستمر، وعدم الإعلان عن وقف إطلاق نار فعال منذ بداية الأزمة، بجانب التهمة المستمرة فى مجلس الأمن وهى الفيتو الروسى والصينى الذى يمنع أى قرار إدانة للحكومة السورية كلما دعت واشنطن لعقوبات أممية، دليل على ذلك الفيتو الروسى - الصينى فى 2013 والذى منع قرار إدانة كان الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما يريد استغلاله فى إطلاق عملية عسكرية ضد دمشق.
بينما الجانب المؤيد للحكومة السورية يرى أن المفاوضات التى تتم برعاية روسيا فى العاصمة الكازاخستانية أستانا، حققت تقدما أكبر من 9 جلسات فى جنيف، ولا عجب حيث إن محادثات أستانا الأولى تسببت فى انقسامات فى صفوف المعارضة السورية وزال معها ما يسمى بتحالف جيش الفتح.
وهو ما أشار إليه موقع يوروأكتف البلجيكى المختص بالتحليل السياسى للشأن الأوروبى، حيث قال الموقع إنه منذ بدء "أستانا 1" والدور الغربى يتضاءل فى سوريا مقابل تعاظم الدور الروسى، لدرجة أن المحادثات كلها تعقد بعيدا عن أى إشراف غربى.
الأمر الذى يعنى أن المفاوضات التى تمت برعاية أطراف لها مصالح مباشرة فى الحرب السورية، كانت أكثر جدية من مجتمع دولى يتحدث عن إيقاف إطلاق نار بدون الاهتمام بمصالح كل طرف من أطراف الصراع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة