يبدو أن إصرار رئيسة الوزراء، ماى على مواقفها من البريكست، وعدم الإصغاء إلى وزرائها، لم ينأى بها من محاولات التمرد، التى أصبحت ثمة فى صفوف الحكومة البريطانية، تهدد خطة تيريزا ماى، للخروج من الاتحاد الأوروبى "بريكست"، فى ظل انتقادات عدة وزراء يطالبونها بتغيير موقفها.
وتعانى حكومة تيريزا ماى من الانقسام وتنافر فى المواقف، مما دعا رئيسة الوزراء فى محاولة لتجاوز الانقسامات العميقة، خصوصا قبل بدء قمة الاتحاد الأوروبى أمس الأربعاء، فى بروكسل، أن تطالب أعضاء الحكومة بالاتحاد، وإظهار الوحدة لإسكات من يضغطون عليها لإعادة النظر فى استراتيجيتها لمغادرة التكتل.
وحرصت ماى قبل توجهها إلى بروكسل على إظهار أنها تحظى بدعم حكومتها بعدما واجهت ضغوطا من بعض أعضاء حزبها المحافظين ومن الاتحاد الأوروبى لتغيير المسار بشأن الانسحاب الذى يعد أكبر تحول فى السياسية البريطانية منذ ما يربو على 40 عاما.
وزير البريكست السابق ديفيد ديفيس
وفى تقرير نشرته صحيفة "صنداى تايمز" البريطانية، قالت إن الوزير السابق لشؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ديفيد ديفيز دعا إلى تمرد حكومى ضد رئيسة الوزراء على خلفية خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبى (بريكست)، قائلا " لقد حان الوقت لمجلس الوزراء لممارسة الضغط والتمرد على تريزا ماى بشأن البريكست".
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير "بريكست" السابق اتهم رئيسة الوزراء بالمضى قدما فى خطة "معيبة"، لإبقاء بريطانيا فى اتحاد جمركى، وهو اقتراح وصفه بأنه "غير مقبول على الإطلاق".
كما اتهم ديفيز مساعدى رئيسة الوزراء "بالذعر فى البداية" فى مواجهة مطالب بروكسل، ومحاولة منع الحكومة من اتخاذ القرارات الحاسمة، على نحو خاطئ.
وطالب بتمرد كبار مساعدى رئيسة الوزراء، قائلا: "هذا واحد من أهم القرارات الأساسية التى اتخذتها الحكومة فى العصر الحديث. لقد حان الوقت لمجلس الوزراء لممارسة سلطته الجماعية. هذا الأسبوع ستكون سلطة دستورنا على المحك "، محذرا من أن الإخفاق فى التوصل إلى اتفاق نهائى سيترك بريطانيا لدفع 39 مليار جنيه إسترلينى إلى بروكسل مقابل "سمك فى البحر"، على حد قوله.
بوريس جونسون وتيريزا ماى
يأتى ذلك فى الوقت الذى قال نواب ووزراء إنهم مستعدون للإطاحة بتريزا ماى، إذا لم تغير المسار فيما يتعلق بسياسات الخروج من الاتحاد الأوروبى، كم تم الكشف الأسبوع الماضى عن مؤامرة من جانب بعض النواب لتعيين ديفيز زعيما مؤقتا فى حالة اضطرت رئيسة الوزراء للرحيل.
وسابقا تمرد وزير الخارجية السابق بوريس جونسون واستقال، من منصبه يوليو الماضى، ووجه تحذيرا من أن الاتفاق فى طريقه إلى أن يكون "أكبر إذلال وطنى"، واصفا، خطة تيريزا ماى بأنها "مختلة".
وقال جونسون، المرشح الأوفر حظا لخلافة ماى، "شاركت فى حملة الخروج من الاتحاد الأوروبى على عكس رئيسة الوزراء"، مضيفا "على عكس رئيسة الوزراء فقد حاربت من أجل ذلك.. أنا مؤمن به، وأعتقد أنه السبيل الصحيح لبلادنا وأعتقد أن ما يحدث الآن ليس هو ما وُعد به الناس فى 2016".
كما لفتت وسائل الإعلام البريطانية إلى أن "ماى" تواجه الآن هجوما من 9 وزراء على الأقل يريدونها أن تغير موقفها، إلى جانب تهديدات حقيقية بالاستقالة من 4 آخرين على الأقل.
ويطالب هؤلاء الوزراء بتحديد موعد لترك الاتحاد الجمركى أو شرط للانفصال، ينطلق فى لندن وليس فى بروكسل.
قمة قادة أوروبا فى بروكسل
قادة الاتحاد الأوروبى يقروا بعدم تحقيق اختراق فى مفاوضات خروج بريطانيا
واستضافت العاصمة البلجيكية بروكسل الأربعاء، قمة الاتحاد الأوروبى، والتى ركزت مناقشاتها بالأساس على قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أو ما يطلق عليه "البريكست"، التى تواجه مسارا صعبا يعرقل الوصول إلى اتفاق نهائى بين الجانبين.
وأقر قادة الاتحاد الأوروبى الـ 27 مساء الأربعاء، بعدم تحقيق اختراق فى مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، على الرغم من "حسن نية" رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى التى أبدت انفتاحًا على فكرة تمديد الفترة الانتقالية بعد حصول الطلاق.
ولم يتسلم القادة الـ 27 أى مقترحات جديدة من ماى فى بروكسل. ونتيجةً لذلك، لم يتم التخطيط حتى الآن لقمة استثنائية فى نوفمبر الثانى المقبل، بحسب ما أكد مصدر أوروبى.
من جهته، قال المستشار النمسوى سيباستيان كورتز "لم أكُن أتوقع انفراجه، ولم تحصل انفراجه" حول مسألة الحدود بين مقاطعة إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية إيرلندا، وهو أبرز موضوع خلافى فى المحادثات.
غير أن سيباستيان كورتز الذى تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى، أكد أنه "متفائل" بشأن إمكان التوصل إلى حل "فى الأسابيع أو الأشهر المقبلة".
وكان رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك قال قبل يوم من هذا الاجتماع، أن الاتحاد الأوروبى ينتظر من ماى مقترحات "ملموسة" و"خلاقة".
رئيس البرلمان الأوروبى ماى لم تقدم اقتراحات جديدة فعليا
لكن رئيس البرلمان الأوروبى أنطونيو تاجانى أعلن أن رئيسة الوزراء البريطانية لم تُقدم اقتراحات جديدة فعليا فى الكلمة التى ألقتها أمام قادة الاتحاد الأوروبى مساء أمس الأربعاء فى مستهل قمتهم فى بروكسل.
وقال تاجانى "لقد قلت أنه لا يوجد أى شيء جديد فعلياً فى المحتوى، لكنى أشعر بإرادة سياسية لتحقيق تقدم".
أما تيريزا ماى والتى تحدثت نحو 15 دقيقة أمام الزعماء الأوروبيين الذين بدأوا يشعرون بالقلق نظرا إلى الحاجة الملحة لإيجاد اتفاق يجعل الطلاق منظمًا، قالت "لقد أظهرنا أنه يُمكننا إيجاد اتفاقات صعبة معًا وبطريقة بناءة"، مضيفة أن "الخطوة الأخيرة ستتطلب شجاعة وثقة وقيادة من الجانبَين".
غير أن تاجانى أشار إلى أن الأجواء كانت "أقل تشنجًا" مما كانت عليه فى اجتماع عقد قبل شهر فى سالزبورغ بالنمسا. وأضاف أن تيريزا ماى أظهرت "نية حسنة".
تيريزا ماى
الآمال التى كانت معلقة على القمة تتبدد
من جهته اعتبر كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى ميشيل بارنييه لدى وصوله إلى القمة أن الكلمتين الرئيسيتين هما "الهدوء والصبر". وقال "إننا بحاجة إلى الوقت، إلى مزيد من الوقت" للتوصل إلى حل بشأن شروط الطلاق والعلاقات المستقبلية.
وفى ضوء ذلك نجد تبدد الآمال التى كانت معلقة على هذه القمة التى كانت تُقدم على أنها "ساعة الحقيقة" قبل أقل من ستة أشهر على الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد فى 29 مارس 2019.
وبات هامش المناورة الذى تملكه ماى يضيق بسبب ضغوط المعارضة داخل حزبها المحافظ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة