رغم انقضاء عام ونصف على المقاطعة العربية للنظام القطرى الرافض لمطالب دول الرباعى العربى (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) التى حددتها العام الماضى، يواصل تنظيم الحمدين الذى يحكم الإمارة خطواته العبثية، غير آبه بدعوات إعادة الإمارة إلى الحضن العربى، ويسير نحو تعميق الشروخ مع أشقاؤه العرب لاسيما المملكة العربية السعودية، ووصل مؤخرا سفير الدوحة الجديد الذى تم تعيينه مؤخرا بأعلى مرتبة دبلوماسية فى مراتب السفراء المتعارف عليها دوليا.
وفى يونيو الماضى عين النظام القطرى سفيرا فى إيران بأعلى مرتبة دبلوماسية فى مراتب السفراء المتعارف عليها دوليا، وأصدر الأمير تميم بن حمد آل ثانى، مرسوما أميريا بتعيين محمد حمد سعد الفهيد الهاجرى سفيرا "فوق العادة" مفوضا لدى إيران، بعد أن شغل المنصب سابقا فى كل من اليمن وليبيا واليونان.
ويعتبر مصطلح "سفير فوق العادة" أعلى مرتبة دبلوماسية فى مراتب السفراء، وتمنح لشخص مكلف بمهام خاصة لبلده لدى بلدان أخرى أو منظمات دولية، وتعطى له إمكانيات استثنائية لأداء مهامه. وهو مصطلح قانونى يعنى الترخيص للسفير بإبرام اتفاقيات باسم الدولة أو الهيئة التى يمثلها، ما دفع المراقبون القول بإنها خطوة من أمام بدء مرحلة جديدة فى العلاقات المشبوهة بين البلدين وتنبأ بتوقيع المزيد من الاتفاقيات بين البلدين، معتبرين أن عزلة الإمارة لعبة دورا كبيرا فى انفتاحها على إيران.
السفير القطرى الجديد لدى إيران
واستهل السفير القطرى مهامه فى طهران بلقاءاته الرئيس حسن روحانى الذى أكد على أن الشعبين الإيرانى والقطرى لديهما عزيمة راسخة فى توطيد العلاقات الشاملة، ووصف روحانى، خلال استقباله السفير القطرى الجديد لدى طهران محمد حمد سعد الفهيد الهاجرى أمس الثلاثاء، العلاقات بين البلدين بالحميمة والحارة خلال الأعوام الأخيرة.
وفى أغسطس 2017 استغلت دولة الملالى حالة التراجع التى تعيشها الإمارة للتغلغل داخلها، واتخاذها مدخلا لغزو منطقة الخليج العربى، والتوسع وزيادة النفوذ على حساب القوى الكبرى فى المنطقة وأمنها القومى، وزيادة حجم التبادل التجارى معها.
وكشف صادقيان رئيس اللجنة الزراعية بغرفة التجارة الإيرانية، "تصدير 200 طن من البضائع الإيرانية تشمل الفاكهة والخضروات وأولى شحنات الألبان من مدينة شيراز إلى الدوحة خلال الأيام الأولى للأزمة الخليجية، كما كشف رئيس الدائرة التعاونية لمنتجى المواد الغذائية فى إيران، مهدى كريمى تفرشى، ارتفاع صادرت إيران من المواد الغذائية إلى قطر بعد الأزمة الخليجية من 200 إلى 300 مليون دولار فى عام 2017، بعد أن كان حجم الصادرات الإيرانية لقطر فى عام 2016 لا يتجاوز 18 إلى 20 مليون دولار.
واعتبر روحانى أن أفكار ووجهات نظر البلدين حيال مختلف المجالات لاسيما الإقليمية تقاربت أكثر مما مضى وينبغى تعزيز هذا المسار، وأكد أن بلاده تريد إرساء الأمن والهدوء الكامل فى هذه المنطقة الحساسة والخليج، مشددا على رفض تدخل البلدان الأخرى فى شؤون بلدان الجوار.
ووصف الشعب القطرى بالراشد والكبير والمسؤولين القطريين بالحكمة فى إدارة شؤون بلدهم. وشدد على أن طهران ترفض اتخاذ الآخرين قرارات لشعب قطر وحكومتها.
وأعرب روحانى عن ترحيبه لإقامة علاقات وثيقة بين طهران والدوحة، "ونأمل بتمتين الأواصر المهمة للغاية بين إيران وقطر على مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والمصرفية والسياحية والسياسية والثقافية أثناء مهمتكم الجديدة".
من جهته أشار السفير القطرى الجديد لدى طهران محمد حمد سعد الفهيد الهاجرى، عقب تسليمهأوراق اعتماده، إلى أهمية توطيد العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدا على بذل بلاده المساعى للإرتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين فى سياق الحفاظ على مصالح شعبيهما.
دلالات تعيين سفير قطرى جديد
تعيين قطر سفيرا جديدا بأعلى مرتبة دبلوماسية فى إيران فى هذا التوقيت، حيث يواجه النظام اتهامات دولية بدعم الإرهاب، ويرفض المطالب الـ 13 للرباعى العربى والتى كانت قد حددت فى يونيو 2017 لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، وأشارت فيه إلى "أن تعلن قطر رسميا خفض التمثيل الدبلوماسى مع إيران وإغلاق البعثات الدبلوماسية الإيرانية فى قطر، وطرد عناصر الحرس الثورى من قطر، وقطع أى تعاون عسكرى مشترك مع إيران، ولن يُسمح إلا بالتبادل التجارى مع إيران بشرط ألا يعرض ذلك أمن دول مجلس التعاون الخليجى للخطر، وقطع تعاون عسكرى أو استخباراتى مع إيران." خطوة من شأنها تعميق الشرخ وتأزيم المقاطعة العربية.
خطوة قطر الأخيرة، تشير إلى أن الدوحة تواصل بث رسائل تعكس جديتها فى الانسلاخ من محيطها الخليجى والعربى، والارتماء فى أحضان ملالى طهران، ما دفع المراقبين للتأكيد على أن سحب السفير فى يناير عام 2016 كان مجرد مسرحية، جاءت فى إطار الرياء والكذب المفضوح الذى تمارسه الدوحة تجاه أشقاءها فى الخليج وهو ما ظهر بقوة فى علاقاتها مع الدولة الشيعية التى تعد مصدر تهديد للأمن القومى العربى.
الخطوة العبثية لقطر، مؤشر أيضا على تنامى العلاقات المشبوهة بين البلدين على مدار السنوات الماضية، منذ عهد الأمير الوالد حمد الذى التقى المرشد الإيرانى فى 2010 ثم تميم، والتى وصلت إلى ذروتها السنوات الأخيرة، وتم توثيقها باتفاقيات أمنية مع الحرس الثورى فى 2015، رغم تهديد الأخيرة للأمن القومى العربى فى الخليج، ويرى مراقبون أن هذه القوات ستحكم الإمارة بعد أن ينتهى النظام فى الدوحة.
وفى 26 أغسطس 2017 استأنفت قطر العلاقات الدبلوماسية مع إيران وأعادت سفيرها "على بن أحمد على السليطى" وذلك بعد 20 شهر من سحبه فى يناير 2016 إلى جانب عدد من دول مجلس التعاون الخليجى بعد اعتداء متظاهرين إيرانيين على مبنى السفارة السعودية وقنصليتها فى مدينة مشهد، وإحراق مبنى السفارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة