قال الدكتور مبارك الحربى، عضو هيئة الإفتاء فى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فى دولة الكويت، إن التطور فى التبادل التجارى كان نتيجة لتجدد الحاجات، واختلاف الأزمان وتباعد الأماكن وتبدل الأعراف حتى وصل الحال إلى ما نحن عليه الآن من استحداث نقود يسهل حملها وحفظها وتحويلها وهذا شأن المعاملات المالية قديماً وحديثاً تبدأ فكرة بسيطة ثم تتطور شيئاً فشيئاً.
وأضاف مبارك الحربى: من هذا المنطلق لم ينص الشارع على كل مسألة مالية بعينها؛ لأن النصوص محدودة والمستجدات المالية غير معدودة فجعل الأصل فى التعامل الإباحة وبذلك سايرت الشريعة كل تطور مالى ولم تتأخر يوما عن إيجاد الحلول الشرعية لمعضلات المستجدات الحالية وظل الفقه الإسلامى يحمل راية هذا التجديد وفق ضوابط وشروط حددها أهل العلم.
واستعرض "الحربى"، خلال كلمته بالجلسة العلمية الخامسة بمؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العالم والمنعقد تحت عنوان التجديد فى الفتوى بين التطبيق والنظرية، مفهوم النوازل لغة واصطلاحًا، ثم بيّن تاريخ تدوين النوازل، كما عرض لأهم خصائص مؤلفات النوازل الفقهية مؤكدًا أن مؤلفات النوازل الفقهية تتميز بعدة خصائص لا يشاركها فيها غيرها من الفنون الأخرى.
وأضاف "الحربى" أن من أهم خصائص النوازل الفقهية التجدد المستمر الذى لا يقف عند حد ذلك أن لكل نازلة زمانها ومكانها ومصالحها ومفاسدها مع اختلاف أحوال المكلفين وبيئاتهم، ويعد التجدد المستمر للنازلة الفقهية هو الوجه المشرق للفقه الإسلامى الذى يواكب حياة الناس واحتياجاتهم.
ولفت الدكتور الحربى النظر إلى شروط يجب توافرها فى الناظر للنوازل المستجدة وخاصة المالية المعاصرة، كما بيّن مراحل النظر فى النوازل المالية المعاصرة، والتى لا تكون إلا ممن استجمع الشرائط المقررة فى باب الاجتهاد، فيشترط فى جواز فتواه وقبولها شروط فى غاية الدقة نظراً لصعوبة المهمة.
وأشار الدكتور مبارك الحربى إلى طرق وكيفية بحث النازلة من فتاوى الصحابة ومن التابعين وما بعدهم من الفقهاء، ومن خلال الفتاوى الفقهاء المدونة، ومن خلال الاستفادة من قرارات المجامع الفقهية.
وعرض "الحربى" لأهم النتائج منها التأكيد على لزوم منهج الفقهاء النوازليين القدامى فى النظر فى النوازل المستجدة، ولا يعنى ذلك صلاحية اجتهاداتهم للأزمان التى تليهم، فلكل زمان ظروفه فإن النوازل تختلف باختلاف الأزمان والأماكن والعادات والبيئات والأفراد والجماعات.
واختتم الدكتور الحربى كلمته بعدة توصيات منها الاهتمام بدراسة المزالق الفقهية المتعلقة بمنهجية النظر فى تحقيق مناط النازلة، وإنشاء أقسام علمية فى كليات الشريعة تعنى بدراسة النوازل، وطرائق النظر فيها حسب ما تقتضيه مستجدات العصر، مع إعادة صياغة الفقه المالى صياغة اقتصادية معاصرة من حيث المصطلحات والتمثيل، والتقسيم، وملائمة الواقع وتطبيقاته.
من جانبه، قال الشيخ أبوبكر أحمد، الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند، إن الافتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل لأن المفتى وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وقائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ ولهذا قالوا المفتى موقع عن الله تعالى: عن ابن المنكدر قال العالم بين الله تعالى وخلقه فينظر كيف يدخل بينهم. وعن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة.
واستعرض الشيخ أبو بكر معنى مفهوم الإفتاء وأركان الفتوى وأهميتها وشروط المفتى، محذرا من الفتوى بغير علم لأنها تتضمن الكذب على الرسول (صلى الله عليه وسلم).
وشدد فضيلة الشيخ أبو بكر على خطورة التساهل فى الافتاء وترك التقيد بآراء العلماء وطريقهم يؤدى الى التطرف والارهاب والبدعة والضلالة. فعلى المفتى أن يحقق المسألة كما حقق السلف الصالح قبل الافتاء والكتابة.
وختم الشيخ كلمته بقوله على المفتى ألا يذهب بالمستفتين مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال. والدليل على صحة هذا أنه الصراط المستقيم الذى جاءت به الشريعة بلا إفراط ولا تفريط، فإذا خرج عن ذلك فى المستفتين خرج عن قصد الشارع، ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموما عند العلماء الراسخين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة