يعرف الإماراتيون جميعا أن الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان طفرة في مسيرة بلدهم. جاء الرجل واسع الروح بحلم الوحدة والتآلف ، فجمع شتات الإمارات السبع في بلد واحد ، وترك هذه الطاقة في أرواح الإماراتيين جميعا، ضمن أشياء أخرى عديدة تركها فيهم، لعل أولها حب مصر.
للمحبة قوانينها التي تفوق كل قانون وتتجاوز كل منطق. وبالمحبة وحدها يُمكن أن ينتمي فرد لبلد أو مجتمع أو ناس غير ناسه، وبقانون المحبة يمكن القول إن الراحل العظيم الشيخ زايد كان مواطنا مصريا، بقدر ما أحب مصر ودعمها ووضع كتفه في كتفها تحت كل الظروف ، وبالقانون نفسه فإن كل عياله المخلصين مصريون بالانتماء الروحي ورباط المحبة الغليظ ، وفي مقدمتهم إبراهيم بهزاد.
يقول الإمام الشافعي في قصيدة منسوبة له "وعين الرضا عن كل عيبٍ كَليلةٌ ".. هذا المعنى يُلخّص الصورة الأنقى للحب، التي ترى الجوهر المخبوء خلف الظاهر الذي قد لا يكون مُريحًا أو مثاليًّا في بعض الأحايين ، وتنتمي بالوصل والاتصال والتوحّد والاندغام الكاملين في المحبوب ، حتى لو فرّقتهما المسالك والحدود والطرقات. ومن هذا الصنف إبراهيم بهزاد، الذي قفزت روحه أكثر من 4 آلاف كيلو متر تفصل الإمارات عن مصر، ليسير في شوارع أم الدنيا كعاشق مُصفّى، وكدرويش من دراويش "هبة النيل".
عرفتُ اسم إبراهيم بهزاد للمرة الأولى من تغريداته وما ينشره من معلومات وصور عن مصر، كان باديًا جدًّا أنها صنعة الحب ونتاج عين مُحبّة بصدق، وفي الوقت الذي تكالب فيه الجيران والأغراب على مصر ومؤسَّساتها، كان "بهزاد" مُنافحًا عنها ومُروّجًا لاقتصادها وسياحتها، وداعمًا لمواقفها، ومُتحدّثًا عن تاريخها وحاضرها وتحدّياتها، وكاشفًا عن لؤلؤ جمالها والدرّ المخبوء في أنحائها. كان عاشقًا كما يليق بالعشاق، وصادقًا كما يليق بمصر وبأبناء زايد.
إبراهيم بهزاد الذي يشغل موقعًا تنفيذيًّا كبيرًا في حكومة دبي، مديرًا لإدارة حماية حقوق الملكية الفكرية بدائرة التنمية الاقتصادية بالإمارة ، لم يجد حَرجًا في أن يقف في صف العاشقين الداعمين والمُروّجين لمصر، ولم يستشعر أن ثقل موقعه المسؤول قد يضغط على محبته، أو أنه قد يُتّهم في انتمائه لبلده بالمولد والنشأة والانتماء ، لأنه انتمى لمصر بالروح والاختيار والمحبة.
في تصريحات صحفية سابقة على هامش إحدى زياراته لمصر، قال إبراهيم بهزاد: «رؤية عودة السواح إلى مصر أمر جميل جدًا، وحملة دعم السياحة في مصر تستمر مع وجود حملات أخرى في دول الخليج العربي لمقاطعة السياحة لتركيا، التي اختارت عداوة بعض دول مجلس التعاون الخليجي». وعمليًّا لم يتوقف المُدوّن الإماراتي الأشهر عن دعم السياحة والترويج لها، بجانب دعم الدولة المصرية ومؤسساتها، واتخاذ موقف واضح وقوي من الخطابات العدائية أو الاستهداف المباشر لها.
مؤخّرًا تعرض "بهزاد" لوعكة صحية عارضة. لكن حالة الاهتمام الواسعة بمحنته، والالتفاف العريض من النجوم والفنانين والشخصيات العامة ورواد مواقع التواصل العاديين حوله، ودعواتهم له، تحمل إشارة مهمة إلى ما هو أكبر من المشاعر العابرة، ومن وافد زار مصر فأُعجب بها وتحدّث عن افتتانه على الملأ. في الأمر تأكيد لأن المحبة صادقة ومُتبادَلة، وأن مصر والمصريين يعرفون من يحبهم بصدق، ويُبادلونه الصدق والمحبة. ولعلّ الرجل في محنته، والعالم في رصده لردود الفعل، يثقون الآن في أن الحب لم يكن من طرف واحد.
الآن يرقد إبراهيم بهزاد في أحد مستشفيات الإمارات بعد وعكة صحية ألمّت به. ربما أصبح القلب واهنًا قليلاً في وظائفه، لكن قلوب المُحبّين لا تهتّز في محبتها. ولأن قلبًا تسكنه مصر لا شكّ ستصحبه بَرَكة مصر ودعواتها، ولا شكّ سيحوّطه قلبها وروائحها، فإن طابورًا مُتّصلاً من الورد والأمنيات يصل القاهرة بدبي، ويلفُّ فراش إبراهيم بهزاد في محنته، على أمل أن يصطحبه قريبًا في زيارة جديدة لـ"أم الدنيا"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة