سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، منذ الجمعة التاسع عشر من يناير 2018، وحتى الخميس الخامس والعشرين من الشهر ذاته، الضوء على عدد من القضايا المهمة التي تشغل الرأي العام المحلي والعالمي في مختلف بلدان العالم، وأصدر العديد من التقارير والمقالات من خلال وحداته المختلفة التي تعمل على تفنيد ادعاءات المتطرفين وعناصر الجماعات الإرهابية، وذلك في ضوء متابعته المتواصلة للوقوف على آخِر المستجدّات على صعيد أنشطة الجماعات المتطرّفة واستراتيجياتها في استقطاب الشّباب وتنفيذ مخططاتها الإجرامية.
وتابع المرصدُ الممارساتَ القمعية والأفعال الإجرامية التي يُقدم عليها عناصر الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطني الأعزل، وهو ما دعا نوابًا بالبرلمان الإسباني لوصف الفلسطينيين بـ «السُجناء في وطنهم»، وفي التقرير التالي نستعرض أبرز التقارير والمقالات التي أصدرها المرصد، من خلال وحداته المختلفة خلال هذا الإسبوع.
الاحتلال الصهيوني
من يملك الحقيقة لا يخشى إطلاع الناس عليها؛ ولأن الصهاينة يُدركون أن وجودهم على الأراضي الفلسطينية «أمر باطل» ترتعد فرائسهم كلما حاول البعض توثيق ما يرتكبونه من ممارسات قمعية وجرائم ضد الشعب الفسطيني الأعزل الذي يدافع عن أرض تؤكد كل الشواهد والوثائق والأدلة التاريخية والجغرافية والدينية أنها وطنه دون غيره. وفي هذا السياق تابعت وحدة رصد اللغة الإسبانية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف منع قوات الاحتلال وفد البرلمان الإسباني -والذي يضم أعضاء من الحزب الشعبي وحزب العمال الاشتراكي وحزب «بوديموس» وغيرها من الأحزاب الأخرى الممثلة داخل البرلمان الإسباني - من دخول قطاع غزة دون إبداء أية أسباب لهذا القرار.
وأكدت وحدة رصد اللغة الإسبانية في تقريرها الصادر الجمعة 19 يناير الجاري، أنه في إطار متابعتها لزيارة وفد البرلمان الإسباني إلى القدس عاصمة دولة فلسطين المُحتلة، والتي كان المرصد نوّه عنها منذ أسبوع مضى، فقد منعت سلطاتُ الاحتلال الإسرائيلي الوفدَ البرلماني من دخول قطاع غزة، وفقًا لما أكده «بابلو بوستندوي» المتحدث الرسمي باسم حزب «بوديموس»، وأعضاء آخرين من الوفد المرافق له، في تصريحات لهم أدلوا بها لصحيفة «أوروبا برس».
ولعل السر وراء إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على منع أعضاء وفد البرلمان الإسباني من دخول قطاع غزة يكمن في خوفهم من إطلاع العالم على ما يرتكبونه من جرائم في حق الفسلطينيين العُزل، وهذا ما أكدته «سورايّا رودريجث» وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي سابقاً وعضو بحزب العمال الاشتراكي الإسباني، والتي قالت في تصريحات لها تعقيبًا على القرار الصهيوني: «إن القرار يهدف إلى عدم الإطلاع على الوضع المأساوي الذي يعاني منه المواطنون الفلسطنيون جرّاء الأعمال التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي».
سُجناء في وطنهم
واهتمت الصحف الإسبانية بنشر شهادات أعضاء الوفد البرلماني الإسباني عقب عودتهم من الأراضي المحتلة، وفي هذا السياق، تابعت وحدة رصد اللغة الإسبانية تنديد عددٍ من النواب الإسبان بالاحتلال الإسرائيلي لمحافظة «الخليل» التابعة للضفة الغربية، وإقامة وحدات استيطانية لقرابة 500 مستوطن صهيوني.
وأوضحت النائبة «سورايّا رودريجث»، في تصريحات صحفية لوكالة «إفي» أن اليهود يمارسون اعتداءاتٍ بحق سكان مدينة «الخليل»، الأمر الذي يُعد انتهاكًا صارخا لحقوق الإنسان، كما أعربت النائبة «كارمن كينتانيا» العضو بالحزب الشعبي الإسباني عن أملها في وصول مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى حل سلمي لإنهاء النزاع «الفلسطيني - الإسرائيلي».
وأكد «انريك باتالر» ممثل التحالف السياسي الإسباني"Compromís" في البرلمان، أن زيارته للقدس كان لها أثر كبير في نفسه، خاصة عندما رأى كيف يعيش الفلسطينيون مضطربين ومنزعجين يومًا تلو الآخر جرّاء الانتهاكات التي يقوم بها المستوطنون؛ قائلًا: «من المؤسف جدًا رؤية شعب كامل يعيشون كالسجناء في مدينتهم، حيث لا يستطيعون الوصول إلى جزءٍ كبيرٍ من الأماكن التي تشكل جزءًا من ذاكرتهم وتاريخهم».
ألمانيا والإسلام
ومن الأراضى الفلسطينية المحتلة إلى ألمانيا؛ حيث أكدت وحدة رصد اللغة الألمانية في تقريرها الصادر الأربعاء 24 يناير الجاري، أن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي المتطرف، دأب على مناهضة الإسلام والدعوى إلى إخلاء البلاد من المسلمين، والتحذير المستمر مما يسميه «أسلمة المجتمع الألماني»، وأنه استغل هذه المواقف العنصرية في الترويج لمرشحيه خلال دعايته الإنتخابية الأخيرة، وسعى بهذا الفكر المتطرف إلى كسب أصوات الناخبين.
ومن الأدلة التي تُبرهن على انتهاج أعضاء حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي المتطرف، لسياسة العنصرية والعداء ضد المسلمين هي تلك العبارة المكتوبة على الصفحة الرسمية للحزب في ولاية «براندنبورغ» والتي يقولون فيها: «الإسلام في رأينا لا ينتمي إلى ألمانيا»، وذلك في إشارة إلى عدم قناعتهم برأي الرئيس الألماني الأسبق «كريستيان وولف»، الذي قال إن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا.
ويُعد «أرتور فاغنر»، أحد أشهر قيادات حزب «البديل من أجل ألمانيا» في ولاية «براندنبورغ»، أحد أبرز المروجين لفكر الحزب اليميني المتطرف المناهض لأي وجود إسلامي على الأراضي الألمانية، حيث اشتهر بمواقفه المتشددة ضد المسلمين واللاجئين، وانتشر له في يوليو 2017 مقطعًا مصورًا على موقع «يوتيوب» -قُبيل الانتخابات البرلمانية في ألمانيا- وهو يخاطب الألمان الروس بلغة روسية وترجمة ألمانية، داعيًا إياهم للتصويت لحزبه «من أجل إنقاذ ألمانيا»، ومؤكدًا في المقطع ذاته أن المستشارة أنجيلا ميركل قامت «بخطأ كبير» عندما فتحت الحدود أمام اللاجئين، وأن سياساتها حولت ألمانيا إلى بلد آخر.
ووسط كل هذا العداء والعنصرية والمواقف المتطرفة ضد الإسلام والمسلمين؛ فوجئ أعضاء حزب «البديل من أجل ألمانيا» بإعلان «أرتور فاغنر» -أبرز قيادات الحزب في ولاية «براندنبورغ» والذي أشرنا إلى فكره ومواقفه السابقة- اعتناق الإسلام، وتقديم استقالته من منصبه في قيادة الحزب بالولاية لأسباب وصفها بـ «الشخصية»، ووفقًا لما نقلته صحيفة «تاغيس شبيغل» الألمانية، فإن «فاغنر» أكد أن أسباب اعتناقه الإسلام «أمر شخصي لا يريد التحدث عنه»؛ مشيرًا إلى أنه لم يتعرض لأية ضغوط أجبرته على الانسحاب أو الاستقالة من قيادة الحزب.
من جانبها، نقلت صحيفة «تاغيس شبيغل» الألمانية تصريحات «دانيل فريسه»، المتحدث باسم حزب «البديل من أجل ألمانيا»، والتي أكد فيها أن اعتناق «أرتور فاغنر» الإسلام لا يمثل أية مشكلة للحزب؛ قائلًا: «لا أعتقد أن ذلك يعد مشكلة عند أغلبية أعضاء الحزب»؛ مشيرًا إلى أن هناك أعضاءً مسلمين أيضًا في حزب البديل من أجل ألمانيا.
وأوضح «اندرياس كالبيتس»، رئيس منظمة الحزب اليميني الشعبوي المعادي للإسلام في ولاية «براندنبورغ» - في تصريحات أدلى بها الثلاثاء الماضي 23 يناير الجاري للصحيفة ذاتها - أن «فاغنر» استقال من منصب قيادة الحزب بالولاية في الحادي عشر من يناير الجاري لأسباب شخصية، ولم يكن قد عُرِفَ حتى ذلك الوقت أنه تحول إلى الإسلام.
أفغانستان والإرهاب
ومن ألمانيا إلى أفغانستان؛ حيث شهدت الأراضي الأفغانية أسبوعًا داميًا جرّاء وقوع هجومين إرهابيين غاشمين أحدهما في مدينة جلال آباد شرقي البلاد، والآخر استهدف فندق إنتركونتيننتال في العاصمة كابول. وتابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الهجوم الإرهابى الذى استهدف فندق انتركونتيننتال بالعاصمة الأفغانية كابول، مساء السبت 20 يناير الجاري، وأدى إلى مقتل 18 مواطنًا وإصابة 10 آخرين، واحتجاز أكثر من 160 رهينة بالفندق قبل أن تتمكن قوات الشرطة من تحريرهم.
واستمر الهجوم الإرهابي على فندق انتركونتيننتال لأكثر من 16 ساعة، نفَّذهُ 4 مهاجمين انتحاريين، وذكر المتحدثُ باسم وزارة الداخلية الأفغانية، نجيب دانش، أنَّ الحادثَ أدّى إلى مصرع 18 فردًا منهم 14 مواطنًا أجنبيًا و 4 من المواطنين الأفغان، واصفًا قوات الأمن بأنهم أبطال، وأنهم تمكنوا من إنقاذ أكثر من 160 شخصًا منهم 41 أجنبيًا.
ورغم إعلان حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أنَّ المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية صرَّحَ أنَّ الأدلة توضح أن «شبكة حقاني» هي مَنْ نفَّذَت هذه العملية؛ قائلًا: «إنه على الرغم من إعلان جماعة طالبان مسئوليتها عن الهجوم، إلا أن الهجوم خُطِّطَ له فى باكستان ونفذته شبكة حقاني».
وعقب أيام من هذا الهجوم، كانت الأراضي الأفغانية على موعد آخر مع الهجمات الإرهابية، حيث ضرب هجوم إرهابي غاشم مدينة جلال آباد عاصمة محافظة «نانجارهار» شرقي أفغانستان، بعد أن قام 4 مسلحين في الأربعاء 24 من يناير الجاري، بالهجوم على مكتب تابع لهيئة إنقاذ الأطفال فى مدينة جلال آباد، وهو ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 أشخاص، وإصابة 20 آخرين.
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن هذا الهجوم ضمن خطته لاستهداف المؤسسات التابعة لبريطانيا والسويد والحكومة الأفغانية، وعقب وقوع هذا العمل الإجرامي أغلقت هيئة إنقاذ الأطفال جميع مكاتبها في أفغانستان.
ويدين مرصدُ الأزهرِ لمكافحة التطرف، هذه الهجمات الإرهابية الغاشمة، ويدعو المجتمع الدولي إلى تضافر جهوده من أجل القضاء على الإرهاب واستئصالِ شأفته وإقرار السَّلام في شتّى بقاعِ العالم.
أحداث أخرى
شارك مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فى ورشة العمل الإقليمية الأولى حول «منع ومكافحة التطرف العنيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، والتي أقيمت فى العاصمة اللبنانية بيروت برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ونظمتها بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، بالتعاون مع السلطات اللبنانية، وبالشراكة مع البرنامج الأوروبي "TAIEX" للمساعدة التقنية.
كما تابعت وحدة رصد اللغة الفرنسية، إلقاء السلطات الفرنسية القبضَ على شابٍ يبلغ من العمر 33 عامًا بعد أن اشتبهت في تخطيطه للقيام بهجماتٍ إرهابية، وبعد تأكدها بأنه كان قد سبق له مبايعة داعش من خلال أحد الفيديوهات.
وفي سياق متصل تابعت وحدة رصد اللغة الإفريقية، الإصدار المرئي الجديد الذي بثّته جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، وبلغت مدته 37 دقيقة، ويُظهر عددًا من الفتيات المختطفات من مدينة «تشيبوك» بشمال نيجيريا منذ إبريل 2014. وتخلّل الإصدار إلقاء زعيم الجماعة الإرهابية «أبو بكر شيكاو» كلمة استمرّت 13 دقيقة، وهو يحمل السلاح ويحثُّ أتباعه على مواصلة ما أسماه بـ «انتصارات ساحقة»، والقيام بمهامهم على الوجه المطلوب، مهدّدًا بشنّ مزيد من الهجمات والعمليات داخل نيجيريا وخارجها.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف أنّ هذا الإصدار يعدّ حلقةً جديدة من مسلسل التحدّي السّافر الذي تنتهجه هذه الجماعة بدعوى الجهاد ومحاربة الكفر والنّفاق وردّ العدوان، والحقّ أنّهم يحاربون الإيمان والسّلام ويعملون على تحقيق مصالح أعداء الإنسانية والاستقرار. كما يشدّد المرصد على أنّ أسلوب ادّعاء النّصر والغلبة والتغنّي بنصرة الدّين بات أسلوبًا مفضوحًا وبهتانًا مبينًا، وإصدارًا كهذا يعطي دلالة واضحة على إفلاس تنظيم داعش وجماعة بوكو حرام بالتبعية، وسعيهما الحثيث على إيجاد فرصة لإثبات أنّ التنظيم وأذنابه لا يزال لهم مكانًا، وأنهم لا يزالون يملكون حظوظهم في تهديد سلام العالم والعبث باستقراره، الأمر الذي يراه المرصد متوقّعًا في ظل تردّي وضع التنظيم وتراجع قوته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة