لأول مرة يحظى طفل لم يتجاوز عامين ونصف بإنصاف محكمة له بحكمين قضائيين الأول في نهاية العام الماضي أمس الأول 31 ديسمبر 2017م ،والثاني بداية العام الحالي الأول من يناير 2018م،بثبوت زواج والده عرفيا بوالدته المتوفاة، وثبوت نسب الطفل للوالدين.
صورة من حفل زفاف السيد وأيه
ففي قرية المنشأة الكبرى بمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ مثلها مثل بقية قرى المحافظة تنتشر فيها زواج القاصرات فالطفلة بمجرد وصولها لعامها الـ13 أو 14 يرى الأهالي أنها أصبحت مطمعا للأنظار لفوران جسدها كما يدعون فيوافقون على أول طارق يطرق بابهم ليتزوج الطفلة.
وهنا تبدأ تفاصيل واقعة مؤلمة وغريبة لطفلة تزوجت في سن الـ15 ولكنها توفيت بعد عامين من الزواج خلال إنجابها طفل.
تفاصيلها يرويها السيد مرزوق عثمان المكاوي 37سنة "الزوج " الذى قال إنه كان يعمل في المملكة العربية السعودية ، واختار له أهله عروسا ونزل ليتزوجها وكعادة أهل القرية لاينظرون لسن العروس فوجدها في الـ15 من عمرها بالصف الأول الثانوي التجاري ، فوافق على الفور خاصة أن عروسه تتسم بالجمال ، وتزوجها بعقد عرفي وعاش مع زوجته أيه سعد محمد عبدالوهاب.
الجدة تحتضن يوسف فرحة بثبوت نسبه
وأضاف المكاوي: كنا سعداء ولكن حدث ما لا يحمد عقباه ففوجئ بإصابة زوجته صاحبة الـ15 عاماً بأحد الأمراض ، وأنجبت بعد عدة أشهر يوسف ففرح كثيراً بقدوم ولي العهد الجديد ، وتوجه للوحدة الصحية لتسجيل الطفل ، فصدم عندما قالوا له لابد من وثيقة زواج رسمية .
وقال المكاوي:"أصابنى الذهول وبدرت منى تصرفات تجاه الموظفين هناك ، وعشت في حيرة وندم لزواجى من فتاة لم تبلغ السن القانوني ، فلم أكن أعلم بنتائج هذا الزواج ، طفل لا نسب له في الأوراق الرسمية ولكنه ابنى فى الحقيقة ، مؤكداً أنه خاف على الطفل إن ضاع أو حصل له مكروه كيف يثبت أنه نجله ، مشيراً إلى أنه توجه لعدد من المحامين لعلهم يجدوا له مخرجاً من ورطته وباءت المحاولات بالفشل"،لافتا إلى إنه فكر أن يسجل الطفل باسم والده فلن يترك طفله يضيع .
السيد المكاوي يحمل طفله يوسف
وتابع المكاوي: بعد إنجاب يوسف أصيبت زوجته بسرطان بالنخاع الشوكي فأنفق أكثر من 375 ألف جنيه كل ما جمعه في غربته ليعالج زوجته في عدد من المستشفيات ولكن وافتها المنية، فزادت آلامه أكثر، حيث ماتت زوجته دون إثبات الزواج في عقد رسمي وانقطع أمل بقاءها على قيد الحياة ، فكان لديه الأمل أن تبلغ زوجته الـ18 عاماً ويتحول العقد العرفي لعقد رسمي وبعدها بعدة أشهر يمكن تسجيل الطفل حتى ولو في غير عمره كحل أخير يغنيه عن التفكير في طفله الذي أصبح بلا نسب أو يكتب الطفل بإسم أبيه ، مؤكداً أنه أهمل عمله في السعودية ، وعاش شهورا في قريته يحتضن ولده الذي لايعرف مصيره ، كله رعب أن يموت كما ماتت أمه ويصبح نجله مشرد مثله مثل أطفال الشوارع بل منهم من له نسب وضاع من أهله ولكن نجله لا توجد أوراق تثبت نسبه.
المكاوي لا يخشى على يوسف بعد ثبوت نسبه
ووجه الزوج نصائحه للشباب قائلا :"أنصح كل شاب ألا يتزوج من فتاة تقل عن 18 سنة مهما كان الدافع للزواج لأنه سيتعرض لما تعرض له ، كما يطالب كل رب أسرة ألا يزوج ابنته قبل ال18 عاماً فهناك نماذج كثيرة تطلقت الزوجة بعد عام من زواجها ولم تكمل ال15 عاماً، وضاعت كل حقوقها وأحياناً الجلسات العرفية لا تستطيع أن تعطي الطفلة حقها.
وقالت والدة الزوجة آيه سعد إن عادة أهل القرية والقرى المجاورة هي تزويج الفتيات في سن ابنتها ومعظم أهالي القرية يزوجون بناتهم في سن الـ14 سنة بمجرد " فوران جسد البنت" ، مؤكدة أنها لا تعرف عواقب ذلك الزواج وكل السيدات بالقرية لايعلمن عواقبه برغم وجود أمثلة لفشل هذه الزيجات ولكنها إرادة الله.
يوسف في احضان جدته والمكاوي وأحمد العطار المحامي
وأضافت والدة الزوجة: لم تكن تعلم أن ابنتها ستموت وتترك لها طفل قبل اثبات زواجها من السيد أو اثبات نسب الطفل ، فزادت المصيبة مصيبتين وكثرت الهموم ، وأصبحت لاترى إلا صورة ابنتها والطفل يوسف وتخشى أن تموت قبل أن تجد حلاً لحفيدها ، مؤكدة أنها أخطأت في زواج نجلتها ، ولو معها بنت أخرى فلن تزوجها قبل سن ال18 سنة السن القانوني.
ولفتت الأم إلى أنها فكرت كثيراً واستشارت جيرانها وعدد من المحامين فأشاروا عليها أن توكل محامي ليقيم دعوى قضائية ويقدم كافة الأوراق التي تثبت زواج ابنتها عرفيا، لعلها تجد في حكم المحكمة انقاذاً لمستقبل طفل مظلم لا يحمل أي مستند رسمي بأن له أب أو أم سوى أورق زواج عرفي لأبيه وأمه ، وتشاورت مع زوج ابنتها، ولكن مكتب الصحة رفض تسجيل الطفل لعدم وجود وثيقة زواج رسمي تثبت زواجه من زوجته المتوفية
وقالت والدة الزوجة: يوم صدور الحكم حملت حفيدها الصغير وهي تندب حظه وحظها معه، وقدم أحمد العطار المحامي كافة المستندات للمحكمة قلين الجزئية لإثبات زواج الزوج على الزوجة المتوفية ودعوى إثبات نسب للطفل الصغير من الأم المتوفية ، وحملت الدعوتين رقمي 833 و 834 عام 2017م دعوى إثبات زواج المدعي من الزوجة المتوفية ،ودعوى ثبوت نسب الطفل.
ومع نهاية عام مضي وقدوم عام جديد جلست الجدة بمحكمة قلين تحمل حفيدها بين يديها لتسمع الحكم، وما إن نطق به رئيس المحكمة لم تتمالك نفسها، وانهمرت دموعها وسالت على وجه الطفل فاحتضنته مرددة " انتصرت العدالة لك ولأمك رحمها الله، الآن ولدت من جديد.
وقضت محكمة قلين الجزئية برئاسة المستشار محمود الشرقاوي بثبوت العلاقة الزوجية من المدعي على الزوجة المتوفية وثبوت نسب المولود، لينهي الحكم على مخاوف أسرتين ملأهما الرعب على طفل لا يعرف مصيره ولكن القضاء الشامخ منح له أمل الثبوت .
الطفل يوسف بين والده وجدته واليوم السابع
فرحة للمكاوي ويوسف يتابعها
الطفل يوسف وفرحة جدته
يوسف واليوم السابع وفرحة بثبوت نسبه
الدعووى القضائية للمطالبةبثبوت الزواج
اثبات ولادة الطفل لدى طبيب
شهادة وفاة الطفلة المتوفاة
التوقيع على الزواج
عقد الزواج
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة