أنت إذا قرأت التاريخ فستضحك كثيرًا على غباء بعض تلك الأنظمة السياسية ذات المشروعات التوسعية التى تحيط بنا شرقًا وغربًا، ثم أنت إذا قرأت التاريخ فسترتاح على مستقبل مصر، ولن تخشى كل الأخطار التى تحيط بها اليوم، وستهون عليك الصغائر الوقحة التى تنغص حاضرنا بالدم، وتفرض علينا بعض نكد الدنيا بالعوز وقلة ذات اليد.
التاريخ يقول لك، إن البلدان التى أصيب زعماؤها بحمى التوسع الأخرق، وفرض النفوذ، وصراع الزعامات، انهارت غير مأسوف عليها، وصارت حضارتها هشيمًا تذروه الرياح، هذه البلدان نسيت أحلام شعوبها البسيطة وتركت الفقر ينهش الرعايا، فتكسرت القواعد الشرعية التى تتأسس عليها الأنظمة وتعلو باسمها الإمبراطوريات، روما سقطت من فرط أحلام التوسع، والإسكندر المقدونى خرج إمبراطورا ثم انتهى جثمانا حائرا بعيدا عن الوطن الأم، اقرأ فقط هذا التاريخ، عندما لم تكن الشعوب هدفا للأنظمة والزعامات الطامعة، انهارت الإمبراطوريات ولم تستطع الجيوش حماية ما تبقى من ملك، تأمل كيف أطاح أتاتورك بالسلطنة العثمانية الجشعة، وكيف محا تاريخا كاملا بقرار وطنى من رجل آمن به الناس، ذهب كل شىء سدى، ولم يعد لهذه الإمبراطورية قيمة بعد هزائمها المتتالية فى حروب الطمع والسلطة والسلطان، أسقط التاريخ منظومة الطمع التى تاجرت بأحلام الناس، أسقط التاريخ الزعماء الذين أوهموا شعوبهم بأنهم سيكونون أغنى وأكثر أمنًا، حين يبسطون قوة الجيوش على أرضٍ غريبة، أو يحاربون بلدانا وشعوبا أخرى بالوكالة، أو يمولون الإرهابيين على أراضى الغير لتركيع أمم أخرى بالباطل، وحيازة القواعد العسكرية فى الخارج، واللعب فى معادلة الأمن الإقليمى بقوة السلاح.
الأنظمة التى تحيط بالشرق الأوسط الآن لا تفهم هذه المعادلة، تركيا تكرر الأخطاء وتتلاعب بالعقول المريضة فى هذا الإقليم شمالا وجنوبا، وإيران لم تفهم ذلك، وكذبت على مواطنيها تحت شعار تصدير الثورة وهيمنة المذهب، فساد الفقر ربوع البلاد، فيما ازداد النظام قسوة وعنادا، إسرائيل لم تحقق أبدا بالعسكر ما كانت تستطيع حتميا تحقيقه بالسلام، والولايات المتحدة الأمريكية أخفقت فى كل بقعة تصورت أنها تستطيع أن تديرها بقوة السلاح وبأسطورة القوى العظمى، الآن يعانى الملايين من الشعب الأمريكى البطالة، ويقاومون الفقر بشق الأنفس، ويشعر نصف الشعب الأمريكى على الأقل بأن بلادهم لم تعد صاحبة المشروع الحضارى باسم الحرية، لكنها ليست سوى «روما جديدة» تبسط نفوذها على البحار، لكنها لا تستطيع أن تبسط الرزق لأبنائها فى الداخل.
الفرق هائل بين الأنظمة التى تحقق طموحاتها السياسية الخاصة، والقيادات التى لا ترى سوى تحقيق أحلام شعوبها، وأنت إذا قرأت ماذا جرى فى بلادنا منذ 30 يونيو وحتى الآن فستدرك ببساطة أنه لم يكن لهذه الدولة الوليدة بعد ثورة شعبية جارفة سوى هدف واحد فقط، اجتهدت من أجله بكل قوة، وهو تحقيق أمن هذا البلد، وأحلام هذا الشعب، اجتهدت الدولة ما استطاعت إليه سبيلا، وأنجزت ما طالته قوتها، لكنها صارت دولة راسخة بما تركته من بصمات فى قلوب الناس، إنها دولة تسعى لأحلام شعبها، بلا طموح سياسى، وبلا انجراف فى غرور القوة، ودون بطش فى الداخل أو الخارج.
اقرأ التاريخ، ستضحك على أعدائنا، وأذيالهم الرخيصة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، واقرأ التاريخ والحاضر، سيطمئن قلبك لما هدانا الله إليه من سواء السبيل.
هل استمعت إلى كلمة الرئيس السيسى أمس؟..
اقرأ التاريخ واقرأ كلمة الرئيس.
مصر من وراء القصد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة