العدو يريدنا فى الركن الدفاعى دائماً، أن نستمر طوال الوقت فى الدفاع عن أنفسنا، هل تلاحظ معى هذه الحالة منذ ثورة يونيو وحتى الآن؟
عبر 5 سنوات مضت عشنا فى حالة دفاعية، الإعلام فى حالة دفاعية، السياسة فى حالة دفاعية، الأمن فى حالة دفاعية، وكأننا نحن من أخطأنا فى الدفاع عن وطننا ضد الفتنة والتقسيم وهيمنة الإرهاب على شؤون البلاد، نحن ندافع كل الوقت بلا خطط هجومية راسخة، 30 يونيو تدافع عن نفسها ضد اتهامات الانقلاب، الأمن يدافع عن نفسه وهو يواجه إرهابا غاشما ممولا من الخارج والعدو يتصيد الصغائر ليحولها إلى قضايا حقوقية، دافعنا عن أنفسنا فى ملف مفتعل تحت اسم «الاختفاء القسرى»، ندافع عن أنفسنا فى الشائعات اليومية على شبكات التواصل الاجتماعى، ورغم أننا نعرف أنها شائعات، ونعرف من يقف وراءها، إلا أننا نصر على هذه الحالة الدفاعية المخيفة، وهى حالة أعتقد أنها تمنح مميزات إضافية لأعدائنا، وتفرض وجودهم الوهمى على البلاد والعباد فى مصر.
خذ مثلا قضية التسجيلات الأخيرة، فرغم أجواء «الفبركة» الواضحة، والسذاجة المفضوحة فى شخص من قام بهذا الفخ لنجوم كبار فى السينما مثل الفنانة يسرا، أو لإعلاميين متحمسين فى فضائيات مختلفة، رغم هذا القبح السافر إلا أننا دخلنا جميعا فى حالة «دفاعية» صاخبة وانفعالية، رغم أن الرد الوحيد على هذه التسجيلات هو إذاعتها على القناة الأولى كما هى ليتأكد الناس أنها مفبركة بالكامل ولا أساس لها من الصحة، «بلدى أوى التسجيلات دى».
يؤسفنى أن العدو وعبر قنواته ووسائطه الإعلامية يمسك زمام المبادرة فى هذا الملف الدعائى السخيف، ويؤسفنى أننا نتعامل مع هذه الهجمات الدعائية المريضة بكثير من التوتر، وكأن كلمة واحدة ستؤدى إلى تغيير المزاج العام فى الشارع، وستقود مصر إلى الفوضى من جديد، ويقينى أن هذا التصور غير صحيح بالمرة، فرغم قسوة التحديات التى واجهتنا أمنيا وسياسيا واقتصاديا ودوليا، إلا أن المواطن المصرى واثق الخطى فى دعم دولة 30 يونيو، ومطمئن إلى أن قرار الثورة كان صحيحا، وقرارات الصبر كانت صائبة، ودعايات الإخوان لم تنل من عزائم الناس.
ووفق هذا اليقين أتصور أننا يجب أن نتوقف فورا عن قوقعة أنفسنا فى هذه الحالة الدفاعية، وأن نعيد النظر فى الهجمات الدعائية التى قام بها العدو عبر قنواته فى الخارج أو عبر منصاته على الـ«سوشيال ميديا»، سنكتشف بسهولة أننا نحن من بالغنا فى ردة الفعل، ونحن من انفعل غضبا ومنح الدعايات الساذجة قيمة حقيقية على الأرض، هذه السياسة الدفاعية خدمت العدو، وجعلت صغائر أفكاره عملاً ذا شأن كبير، وحدث فى جميع القنوات، ومانشيتات فى جميع الصحف، نحن من صنعنا لصغائر الأمور شأنا كبيرا، ونحن من منحنا أفكارهم الهجومية الدعائية «البلدى» قيمة سياسية وإعلامية بالرد المستمر والغاضب والمتهور على تفاصيلها المضحكة.
أدعو نفسى وإياكم لإعادة التفكير فى هذه الحالة الدفاعية، وبناء رؤية إعلامية سياسية بتنسيق رفيع المستوى ننجو به من ركن الدفاع، ونتحرك به إلى الحالة الهجومية المعلوماتية، فما نحن عليه من الحق أقوى وأطهر من أن تنال منه سخافات هذه الفئات المأجورة.
أما إذا كنا نحب الاستمرار فى الحالة الدفاعية فأذكركم أيضا بأن خير وسيلة للدفاع، هى الهجوم.
مصر من وراء القصد.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو مصطفي
احسنت
اؤيدك تماما في طرحك، والحل. فإعلامنا من يصنع من الحبة قبة كما يقولون! ويظل يضخم في كل تصريح او كلمة او نقد، وكأ ننا نقول لكل من لم يسمع اسمع، او كأ ن علي رأسنا بطحة، حتي صنعنا لاشخاص وأحداث، واراء تافهة، كيانا وشهرة وألقابا،ما كانوا ليحلموا بها. واصبحنا كالملاكم المحصور في ركن الحلبة، همه صد لكمات خصمه!!.