آية محمود شحاتة تكتب: ومن العلم ما قتل

الخميس، 07 سبتمبر 2017 04:00 م
آية محمود شحاتة تكتب: ومن العلم ما قتل اثار تفجير قنبلة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رحلة بين صفوف مجلدات المكتبة تجمعنا بمجلد تاريخي يعود إلى  الماضي يسدل الستار عن جانبٍ قاسٍ للعلم ، يروي قصص عن استخدام الفيروسات والبكتيريا في إشعال نيران الحروب ، ليست قصة من قصص  أفلام الخيال العلمي بل إنها حقيقة دثرت بين ثنايا أهوال البشرية حتى مطلع القرن العشرين  .

" الحرب البيولوجية " مصطلح يشير إلى استخدام الفيروسات والبكتيريا وغيرها من الكائنات المسببة للأوبئة في القتال ، عن طريق إلقاء السموم في مياه الشرب وحقن البشرية بأمراض فتاكة تتولى التهام الأحشاء ، أو رجمك بجثة صديقك المقرب بعد أن قرر المرض العيش بداخله .

 استخدام الأسلحة البيولوجية استُهِلَ في الحروب منذ 14 قرنًا قبل ميلاد المسيح . ففي القرن السادِس قبل الميلاد سَمم الأشوريون آبار العدو بفطريات جَعلت العدو يُصاب بالهذيان .

فلنتجه لماضٍ أقرب فبالطبع سمعت عن" الطاعون" في حصة التاريخ خاصتك عندما كنت طالباً يسيطر عليه الشغف لمعرفة سبب هلاك سكان أوروبا في القرن ال 14 ، فالطاعون أو كما يسمى " الموت الأسود " - لتسببه في ظهور بقع دموية تُصبح سوداء تحت الجلد- قضى على سكان أوروبا ولم يكتف بذلك.

 

وقع هذا الوباء أيضاً في الصين عام 1940 ، عندما قررت القوات اليابانية إسقاط قنابل تحتوي البراغيث المصابة من الطائرات ، معكرةً بذلك صفو السكان ومعلنةً اغتصاب حرمات أجسادهم وصحتهم  .

رحلة تاريخية أخرى تقودنا إلى عام 1979 حين وقعت أكبر حادثة استنشاق لجراثيم الجمرة الخبيثة، ذلك عندما أطلقت دون عمد في المركز البيولوجي العسكري في سفيردلوفيسك في روسيا، وقع ضحيتها 79 شخصًا، ولم ينج  منهم إلا 11 فردًا.

أحداث تاريخية مدوِّية تصدر شرارةً تذعن بالرعب وتدق ناقوس الخطر مؤكدةً أن الحرب البيولوجية أخطر من مثيلاتها على الصعيد العسكري  ، فعلى سبيل المثال : لن تتمكن من إعطاء أطراف الحرب هدنةً فالأوبئة لا تستكين ! في غمار التقدم في مجالات الهندسة الحيوية وغيرها من المجالات المتطورة التي أصبحت عناوينا لعصرنا الحالي ، قد صار اللعب بالجينات و تعديلها على المستوى الجزيئي  بديلاً عن ألعاب المتاهة أو ألعاب التركيب المختلفة ، فبدلاً من امتلاك منزل خاص أو طائرة سيفضل البعض امتلاك مختبر يعج بكائنات تكفي لإبادة عدة كواكب  .

تخيل أنك عالم في معمل بيولوجي تهدف إلى إيجاد حل لمرضٍ فتاكٍ عن طريق دراسة كائن دقيق ، ربما تقودك الأبحاث إلى إلقاء نظرة على تركيبه الجيني وربما يدفعك فضولك إلى إجراء بعض التغيرات حتى ترحب بصديقٍ جديد على متن مختبرك الخاص ، ربما لن تكون مدركاً لخطورة صديقك الجديد او مدركاً لكيفية التعامل معه ولأن " الإهتمام مبيتطلبش " قد يتحرر الصغير ويقرر إحتلال البشرية برفقة أقرانه من الكائنات الدقيقة ، وتفاجئنا النتيجة بأن وباءً من صنع البشر يقضي على سلالة البشر !

ليس الأمر بتلك الصورة دائماً ، فلطالما رغبت بعض الدول في تطوير فيروس جديد تعتقد بأنه الوسيلة الأمثل لمواجه المستقبل المجهول ضد أعدائها .

قد يقودنا العلم إلى الهوس ، هوس يؤدي إلى تطوير كائنات وأمراض ربما لا نسطيع علاجها ، لن هوسٌ قد يؤدي إلى كارثة بكل المقاييس .

الأبحاث العلمية والتطور البيولوجي على نحو خاص سبيل التقدم وطريقٌ لمجدٍ لا محال ، فالعلم لازال نوراً ولازلنا نحلم بامتلاك مختبر حيوي يجر وراءه العديد من خطوات التقدم . ولكن يجب أن يقترن بضوابط قانونية وأخلاقية تقتضي باحتواء الخطر على قدر الإمكان ، قيودٌ تمنع العالم من اتباع أهوائه أو فرضياته التي لا تستند لقواعد علمية لنحافظ على الوجود البشري. فالعلم ليس وسيلة لتحقيق سلطة أو نفوذ ، العلم قوة تواجه قوة المرض ولا تصنع مرضاً له قوة ! قوانين تمنع الحرية المطلقة في امتلاك مختبر حيوي وتسمح بمراقبة ما يدور بداخله عن كثب ، نمتلك بعضاً من هذه القوانين بالفعل ولكن لازالت بعض الدول منفردة بأبحاثها التي قد تحمل ألغازاً لا نستطيع فكها .

فلنسع لمزيد من العلم والعمل لنهضة المجتمع لا لدفنه تحت أنقاض الحروب .

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة