من مرارة الهزيمة إلى إعادة تنظيم الصفوف، تواصل مرشحة الرئاسة الخاسرة مارين لوبان تحركاتها ضد الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون الذى استطاع قبل بضع شهور هزيمتها فى جولة الإعادة بالانتخابات الفرنسية التى جرت منتصف العام الجارى، مستغلة فى ذلك حالة التخبط التى تعانى منها حكومته وعجزها عن التعامل مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية، وقبل ذلك كله عدم قدرتها على وقف التهديدات الإرهابية التى عانت منها فرنسا ولا تزال منذ عدة سنوات.
وبعد سلسلة من الفشل فى الملفات الكبرى على مدار أكثر من 4 أشهر منذ تنصيب ماكرون رئيسًا لفرنسا، بدأت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان تحركاتها لإعادة ترتيب صفوف حزبها اليمينى المتطرف، مؤكدة أنها لا تزال تشكل البديل أمام الفرنسيين فى السلطة .
وشنت لوبان انتقادات لاذعة للحكومة الفرنسية والرئيس منذ بداية اقتراب إعصار إرما من الحدود الفرنسية وتسببه فى وفاة عدد من الأشخاص، مؤكدة أن المسئولين الفرنسيين لم يوفروا البنية التحتية اللازمة ولم يقدموا وسائل السلامة والإنقاذ للمواطنين، كما وجهت السياسية اليمينية انتقادات لاخفاقات الحكومة فى ملفات من بينها تنظيم قوانين العمل، والإصلاح الاقتصادى وملف الضرائب وغيرها.
وبالتزامن مع هجومها ضد الرئاسة الفرنسية، بدأت لوبان حملة لإعادة ترتيب صفوف حزب الجبهة، حيث أقدمت على إقصاء نائبها فلوريان فيليبو، الذى خرج فى تصريحات صحفية اليوم الخميس ليعلن تخليه عن منصبه وذلك بعدما طلبت منه لوبان ذلك بشكل مباشر بسبب رئاسته جمعية باسم "الوطنيون" تسعى لأن تكون قوى سياسية منافسة.
ورغم الانشقاقات التى ضربت حزب الجبهة بعد خسارة لوبان فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلا أن زعيمته مارين لوبان تعهدت فى مناسبات عدة بتصعيد عدد من القيادات الشابة والدفع بأسماء مؤمنة بضرورة العمل على صيانة المصالح الفرنسية والدفع بها فوق أى اعتبارات فى إشارة إلى ارتباط فرنسا بالاتحاد الأوروبى.
وقبل أسبوع، نظمت لوبان مؤتمرًا شعبيًا أمام ما يقرب من 500 شخص فى قرية براشاى شمال شرق فرنسا، وقالت: "أعود مع تصميم كبير وشعور بالتزام حاسم بالعمل، ليس من أجلى بل من أجلكم، وليس بمفردى بل معكم.. عائلتنا السياسية هى الوحيدة القادرة على أن تكون بديلا حقيقيا".
ورأت أن الجبهة الوطنية المعادية للمهاجرين "تبدو أساسا للاستقرار السياسى والفكرى، وأساسًا صلبا تستند إليه مواقفنا الحاسمة، ويبنى عليه البديل الكبير فى المستقبل".
وفيما يطرح اليسار الراديكالى بزعامة جان لوك ميلانشون الذى فاز بسبعة عشر مقعدًا نفسه كأبرز قوة "مناهضة للنظام" فى فرنسا، هاجمته لوبان معتبرة أنه خاضع لسيطرة "إسلامية تروتسكية" وخليط ممن يتطلّعون إلى "أسوأ المستبدين، فى كوبا الامس أو فنزويلا اليوم".
وهاجمت أيضًا الحكومة الحالية قائلة، إن "فوز ماكرون كان فوزا للطبقة المهيمنة، التى ترفع شعارات حقوق الإنسان فى حين أن أهدافها ومقاصدها الوحيدة هى المال".
ومنذ بداية ولايته ، يعانى ماكرون العديد من الأزمات أدت إلى تراجع حاد فى شعبيته، إلا أن خلافه مع رئيس الأركان الجنرال بيير دو فيلييه والذى استقال من منصبه يظل الأشهر، حيث اعترض الأخير على مساعى الرئيس الفرنسى لتخفيض ميزانية الدفاع 850 مليون يورو، مؤكدًا استحالة تنفيذ خطط التأمين اللازمة للبلاد فى ظل تلك الميزانية.
كما آثار الرئيس الفرنسى الكثير من الجدل بعدما منح زوجته بريجيت ماكرون السيدة الأولى صلاحيات إدارية ومخصصات مالية بالمخالفة للقانون، وهو ما دفع عدد من الأحزاب إلى تنظيم حملة توقيعات ضمت 170 ألف فرنسى معارض للقرار الذى يسعى ماكرون من خلاله لاستحداث نظام خاص بـ"السيدة الأولى" فى البلاد بحسب ما نشرته وسائل إعلام فرنسية.
ووفقًا لوسائل إعلام فرنسية، فإن النظام الجديد يتضمن تخصيص أموال من الدولة لمصاريف السيدة الأولى، التى تقوم فى قصر الإليزيه بالأساس، بدور التحضير للاستقبالات، وعلى وجه الخصوص وضع قائمة الولائم ومكان جلوس الضيوف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة