أثار ظهور الكتب المدرسية فى الجزائر هذا العام خالية من البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم)، جدلا واسعا بالبلاد، سرعان ما انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعى بعد أن تفاجأ الجزائريون بعدم وجود البسملة التى تعودوا عليها فى كتبهم.
من جهتها أكدت وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريت، خبر إلغاء وزارتها للبسملة من الكتب المدرسية التى أطلقوها في شهر يونيو، والخاصة بالسنة الدراسية الحالية التى افتتحت أمس الأربعاء، موضحة أن "البسملة موجودة فى كتب التربية الإسلامية لأنها إجبارية، أما حذفها من باقي الكتب يتحمل مسؤوليته المصممون والمشرفون على طباعة الكتب".
الوزيرة نورية بن غبريط
إلا أن تداعيات السخط الشعبى من هذا الأمر لم تقف بعد تصريحات الوزيرة الجزائرية، والتى ترى دائما أنها تطبق برنامجا إصلاحيا للمنظومة التعليمية بموافقة رئيس البلاد، من أجل النهوض بالمستوى التعليمي بعيدا عن الأطر الأيديولوجية، حيث ندد عدد كبير من الجزائريين والمؤسسات الدينية فى الجزائر بهذا القرار، واعتبرت جمعية العلماء المسلمين، أكبر الجمعيات الدينية في البلاد، أن ذلك يعد "اعتداء على عقول الأطفال وهوية الشعب ومساسا بشخصية الجزائريين وعقيدتهم".
وقال عبد الرزاق قسوم، رئيس الجمعية، فى تصريح صحفي نشره موقع الجمعية، إن "البسملة جزء من هويتنا، ومن عقيدتنا، وإن حذفها يمثل اعتداء على عقول أطفالنا، ومساساً بشخصيتنا وهويتنا"، متحدثا عن أن الدستور، وهو المرجعية العليا للبلاد، يبدأ بالبسملة، ويؤكد على ثوابت الأمة.
وأضاف رئيس الجمعية، أن بيان أول نوفمبر "مرجع الثورة الجزائرية"، يبدأ كذلك بالبسملة، وكذا خطابات رئيس الجمهورية، وكل المؤلفات الدراسية على اختلاف تخصصاتها، متسائلا: "هل تمت استشارة وزارة الشؤون الدينية، والمجلس الإسلامى الأعلى، وجمعية العلماء، فى حذف البسملة؟".
وتابع قسوم في تساؤلاته: "لماذا التركيز على أطفالنا فى الابتدائي ومحاولة تنشئتهم، على قيم لائكية غير دينية، وهو ما يعمل على إفساد ما تبنيه لديهم الأسرة من قيم وأخلاق؟ وما هو الهدف من حذف البسملة الآن، وأية أجندة يخدمها مثل هذا الإجراء؟".
وفي تصريح صحفي مقتضب خلال نشاط رسمي، قالت وزيرة التعليم، نورية بن غبريت، إن البسملة فى كتب التربية الإسلامية ما زالت موجودة، وهو أمر إجبارى، أما وضعها أو حذفها من الكتب الأخرى، فأمر يتحمله ناشرو هذه الكتب.
وتعرّضت بن غبريت، منذ وصولها إلى رأس وزارة التعليم، لانتقادات واسعة تتعلّق بمخططها الراغب فى إصلاح قطاع التعليم، وتركزت الانتقادات على الجانب الدينى بشكل واسع.
واعتبر بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، أن حذف البسملة جائز، لأنها مجرد عنوان، وأن إدراجها فى كتاب الرياضيات أو الفيزياء لا يجعل من هذه الكتب دينية، وأن حذفها لا يؤثر فى المادة العلمية بالكتب، وأنه برغم ذلك فإنه سيقترح على الوزيرة إدراجها فى الطبعات الجديدة مستقبلا، لأن الجزائر دولة دينها الإسلام، مع الإشارة إلى أن الوزارة لم تستشر المجلس بخصوص هذا الموضوع.
الرئيس الجزائرى
واعتبرت جمعيات أولياء التلاميذ، حذف البسملة من بعض الكتب المدرسية أمر لا يتسحق كل هذا الجدل، وأن هناك قضايا أخرى فى قطاع التعليم أولى بالاهتمام، خاصة فى ظل النقائص المسجلة مع بداية الموسم الدراسي الجديد، سواء تعلق الأمر بنقص المرافق فى الكثير من المدارس، والاكتظاظ الذى تعانى منه الأقسام.
من جهة أخرى، تسببت الكتب الدراسية فى صداع برؤوس العائلات الجزائرية التى تبحث منذ أيام على الكتب المدرسية، فبعد أن كانت الدولة من تمنح الكتب في المدارس مجانا فى الثمانينيات والتسعينيات، على أن تستعيدها مع نهاية السنة، ولو فى حالة رثة، أصبحت الآن الكتب تباع فى المكتبات وليس المدارس، التى رفضت الكثير منها القيام بعملية البيع، الأمر الذى أدخل العائلات فى دوامة البحث عن الكتب التى لم يوزع منها العدد الكافى لتغطية الطلب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة