قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن علماء الأمة وضعوا للفتوى ضوابط وقواعد وآدابًا، وأوجبوا على المفتِين مراعاتها عند القيام بالنظر فى النوازل والمستجدات، رعاية لمقام الفتوى العالى من الشريعة، وإحاطة له بسياج الحماية من عبث الجهلة والأدعياء.
وخلال مقاله فى صحيفة صوت الأزهر اليوم الأربعاء، فرَّق فضيلته بين فقه التيسير - فى الشريعة - المبنى على اليسر ورفع الحرج والمنضبط بضوابط المعقول والمنقول، وبين منهج المبالغة والغلو فى التساهل والتيسير واتباع الرخص وشواذ الآراء، أو التصدى لمسائل وقضايا لا تتناسب مع طبيعة العصر، ولا تنسجم مع النفس الإنسانية السوية، حتى لو وجدنا بعض هذه المسائل فى كتب التراث على سبيل التمثيل أو الافتراض.
وأكد الإمام الأكبر أنه لا ينبغى لمن يتصدى للإفتاء - تحت ضغط الواقع - أن يضحى بالثوابت والمسلمات، أو يتنازل عن الأصول والقطعيات بالتماس التخريجات والتأويلات التى لا تشهد لها أصول الشريعة ومقاصدها، مضيفًا أن الرخص الشرعية الثابتة بالقرآن والسنة لا بأس من العمل بها لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"، ولكن تتبع رخص المذاهب واعتماد الفتاوى الشاذة منهج خاطئ، يتنزه عنه العالم الثبت والمفتى المتمكن.
وشدد على أنه لا يصح الترويج للأقوال الضعيفة والشاذة والمرجوحة، المبثوثة فى كتب التراث، وطرحها على الجمهور، فهذا منهج يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على ترك العمل بالأقوال الشاذة، مشيرًا إلى أن الفقهاء قالوا بوجوب الحجر على السفيه الذى يبدد ماله ولا يصرفه فى مساراته الصحيحة، وكذلك الحال بالنسبة لمدعى الإفتاء يجب الحجر عليه، لأنه مستهين بالعلم، متبع للهوى، غير ملتزم بما ورد فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية وبما أجمع عليه المسلمون، ولم يراع أصول الاستنباط السليم.
وأوضح شيخ الأزهر أن التقدم التقنى وشيوع وسائل التواصل الاجتماعى شكلا صعوبة بالغة فى إمكانية السيطرة على ضبط الفتوى، وصعبا على طالب الفتوى القدرة على فرز الغث من السمين من بين ما يقال، وأصبح هذا الوضع يشكل عبئًا كبيرًا على العلماء الذين يؤدون رسالتهم بإخلاص وخشية من الله سبحانه، لا يخافون سواه، ولا يبيعون دينهم ولا يتاجرون بعلمهم.
وأضاف أنه من المؤسف حدوث انفصال بين مقاصد الشريعة الإسلامية، وبين ما نعيشه على أرض الواقع، ونحن نعتقد أن الواقع والعرف لابد أن يُراعيا فى فقه الأحكام الشرعية، لكى لا يحدث انفصال بين الواقع وبين الشرع.
وبيّن الإمام الأكبر أنه ليس كل منتسب للأزهر يعبر عن صوته، فبعض ممن ينتسبون إلى الأزهر الشريف يحيدون عن منهجه العلمى المنضبط، ونحن نقول للمسلمين: "إن الأزهر الشريف ليس مسؤولًا عن هؤلاء الشاردين عنه".
وأضاف أن الهيئات المخولة بتبليغ الأحكام للناس أو بيان الحكم الشرعى فيما يثار من قضايا أو مشكلات تواجه المجتمع على أساس شرعى هى: "الهيئة الكبرى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء ومركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية"، ولا يكون ذلك لفرد أو أفراد، محذرًا من اختيار المسلم الحكم الشرعى بمزاجه مستفتيًا قلبه، لأنه من المعلوم أن الإنسان يميل قلبه إلى ما يحقق له رغباته ومصالحه الشخصية، وإذا كان كل شيء سيستفتى فيه المسلم نفسه، فماذا نصنع بقول الله تعالى" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وأين نضعه؟.
واختتم مقاله فى جريدة صوت الأزهر بالتأكيد على ضرورة الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة، لأنها تضر المجتمعات، منوهًا إلى أن الدستور والقانون خولا لهيئة كبار العلماء الاختصاص بالبت فى القضايا الشرعية، وفيما قد تختلف فيه دار الإفتاء مع مجمع البحوث من أحكام شرعية، وهذا موجود فى كل العالم الذى يحترم العلم والدين والفقه، ولا يعرض أحكام الدين كسلعة تعرض فى البرامج والسهرات التليفزيونية.
عدد الردود 0
بواسطة:
سحس
يجب ايضاح الامر
يجب ايضاح الامر الدكتوري صبري سأله احد الناس انه جامع زوجته عن جهل وكان يظن انه جماع الوداع فهل هذا يكون زنا ؟ فرد الدكتور بأن هذا الامر تأباه النفوس السوية ولكن لا يعد زنا لانها زوجته فالرجل كان في ورطة ويريد من يجيبه علي هذا السؤال ...