بخسائر مفتوحة ونزيف لا يتوقف للموارد تواصل عائدات إمارة قطر ـ الراعى الأول للإرهاب ـ تراجعها بعد ثلاثة أشهر من المقاطعة العربية لنظام تميم بن حمد، لدوره المشبوه فى دعم وتمويل الكيانات والتنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان وتنظيمى القاعدة وطالبان وغيرهم.
ويستقبل القطريون عيد الأضحى المبارك فى ظل موجة غلاء واضحة فى ظل ارتفاع هامش التضخم وتراجع معدلات السيولة النقدية بالتزامن مع هروب الودائع الأجنبية بشكل لافت منذ بداية المقاطعة العربية والتى كبدت الاقتصاد الداعم للإرهاب خسائر كبرى فى شتى القطاعات بداية من الطيران والسياحة، وصولاً إلى قطاع البترول.
منذ اللحظة الأولى لاتخاذ قرار قطع العلاقات العربية مع قطر، انطلق عداد خسائر الاقتصاد القطرى على كافة المستويات ليصبح هناك علاقة طردية ما بين مرور المزيد من الوقت على المقاطعة، وبين تكبد اقتصاد الإمارة المزيد من الخسائر، وهو ما أجمعت عليه عدد من الوكالات الاقتصادية العالمية.
تداعيات الأزمة الخليجية على الاقتصاد القطرى، تناولتها الصحف الأجنبية حيث قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن قرار وكالة التصنيف الائتمانى "ستاندرد آند بورز" العالمية، برفع الدوحة من قائمة المراقبة السلبية، لم يقدم سوى قليل من الدعم إلى العملة القطرية التى لم تستعد عافيتها بعد بسبب مقاطعة الرباعى العربى الدبلوماسية والاقتصادية لها.
ورغم أن قطر حاولت الاستعانة بإيران لمواجهة قرار المقاطعة، وهو ما ينذر بتزايد تعمق الأزمة مع دول الجوار الخليجية، وفقا لما أكدته فاينانشيال تايمز.
وبخلاف مؤسسة موديز التى خفضت تصنيف قطر، أقدمت أيضا "ستاندرد آند بورز" على تقليص تصنيف الإمارة عند مستوى "AA-" فى يونيو الماضى، وحذرت من إمكانية خفضها عقب الأزمة الدبلوماسية بين الدوحة ودول الرباعى العربى – السعودية ومصر والإمارات والبحرين- بسبب اتهام الأولى بدعم وتمويل الإرهاب.
غير أن "ستاندرد آند بورز" حافظت على تصنيفات قطر فى جلسة مغلقة قبل أيام وألغتها من مراقبة الائتمان، قائلة إنها تتوقع من الحكومة "الاستمرار فى إدارة تأثير المقاطعة بفعالية مع الحفاظ على قوة التصنيف الأساسية لقطر، بما فى ذلك الموارد المالية العامة القوية".
من جانبها، ذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن الاقتصاد القطرى يعانى من أبطأ وتيرة نمو منذ عام 1995، وذلك بسبب الإجراءات، التى اتخذتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ردا على سياسات قطر.
وتوقع اقتصاديون، أن يتراجع نمو الناتج الإجمالى إلى 2.5% العام الجارى بينما سيصل إلى 3.2% العام المقبل، مقارنة بنسبة 3.1% و 3.2% على التوالى فى الاستطلاع السابق الذى أجرى فى يونيو.
ويتوقع الاقتصاديون عجزا فى الميزانية بنسبة 5.1% من الناتج المحلى الإجمالى هذا العام، مقارنة بـ 4.6%..
كما انخفضت الواردات والودائع الأجنبية وارتفعت أسعار الفائدة، مما أدى إلى تفاقم التباطؤ، الذى تأثر أيضا بانخفاض أسعار الطاقة العالمية، حسبما أفادت بلومبرج.
وقال ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين فى الأسواق الناشئة فى كابيتال إكونوميكس، إن المؤشرات الأولى تفيد بتوجيه العقوبات ضربة قاصمة للاقتصاد القطرى، موضحًا أنه رغم أن تأثير هذه الضربة يبدو مؤقتا، بحسب المؤشرات الأولية، فإنه سيؤدى إلى ضعف نمو الاقتصاد القطرى.
وحثت الحكومة القطرية بنوكها على الاستعانة بالمستثمرين الدوليين لزيادة التمويل بدلًا من الاعتماد على التمويل الحكومى، فى ظل استمرار تأثر الاقتصاد القطرى بسبب إجراءات دول الرباعى العربى وزيادة الضغط على السيولة، وذلك بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لوكالة "بلومبرج" الأمريكية.
وأضافت الوكالة، أن البنك المركزى القطرى يعقد اجتماعات مع البنوك القطرية لقياس كيفية تأثير المقاطعة على السيولة المتوفرة لديها، فى ظل العقوبات المفروضة على البلاد من كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، ويشجع البنوك على الاقتراض للحصول على التمويل من خلال بيع السندات والحصول على قروض لتجنب استنزاف الاحتياطى الأجنبى وتخفيض التصنيفات العالمية للبنوك المحلية.
وأوضحت المصادر، التى فضلت عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية مناصبها، أن البنك المركزى طلب من البنوك والمؤسسات المالية والشركات الحكومية عدم اللجوء للحكومة فى التمويل إلا كملجأ أخير.
وأوضحت الوكالة، أن بعض البنوك المحلية والمؤسسات الحكومية تخطط حاليًا لطلب التمويل الخارجى لتخفيف حدة نقص السيولة، وتنوى غالبية الشركات اللجوء إلى تمويل من آسيا لسد الفجوة فى التمويل المصرفى المحلى التى خلفها المقرضون الخليجيون، وجمع بنك قطر الإسلامى مؤخرًا تمويلًا بالين اليابانى والدولار الأسترالى من خلال مؤسسات مالية خاصة، وفق ما ذكره أحد المصادر.
ويتعرض المقرضون القطريون لضغوط بعدما قطعت مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وأغلقت طرق النقل فى يونيو لتمويلها الإرهاب، وهى التهمة التى تنكرها الإمارة، وتراجعت احتياطات النقد الأجنبى إلى أدنى مستوى فى عامين فى شهر يونيو، وقد تتراجع أكثر من ذلك، حيث يرفض بعض المقرضين الخليجيين طرح أسهمهم وتجديد إيداعاتها فى البنوك القطرية.
وأجرى بنك قطر الوطنى أكبر بنوك قطر، محادثات مع بنوك دولية من أجل الحصول على تمويل أو بيع سندات أو الاقتراض، بينما أرسل بنك قطر التجارى طلبا للحصول على قروض بالدولار بمقدار 500 مليون دولار، وفق ما قاله مصدران آخران.
وأضافت المصادر كذلك، أن بنك الدوحة يسعى أيضًا إلى بيع سندات بالدولار الأمريكى.
وتجد البنوك القطرية صعوبة فى الحصول على تمويل قصير الأجل من البنوك الدولية، التى تطلب ضمانات بالأصول خارج قطر، وليس أصولا محلية لتقليل مخاطر الإقراض، وضخ صندوق الاستثمار السيادى القطرى مليارات الدولارات فى البنوك القطرية أخيرا لتعويض هذا النقص.
ومن ناحية أخرى، قال موقع صحيفة "الخليج" الإماراتية، إن المقاطعة الخليجية أدت إلى انخفاض الواردات والودائع الأجنبية بقطر، فى حين ارتفعت أسعار الفائدة، ما أدى إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادى بسبب تراجع أسعار الطاقة العالمية، وبعد ما يقرب من عقدين من النمو السريع المدفوع، بزيادة قدرها 7 أضعاف فى إنتاج النفط والغاز، تراجعت طفرة الإنتاج فى قطر هذا العقد، مع اكتمال المشاريع وتحول التركيز إلى تعزيز النمو غير النفطى، مع تراجع أسعار النفط الخام.
وأوضح ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين فى الأسواق الناشئة بـ"كابيتال أيكونوميكس" بحسب تقرير "الخليج": "حتى قبل الأزمة الدبلوماسية كان من المتوقع أن يتباطأ اقتصاد قطر غير النفطى"، مشيرًا إلى أن العقوبات كانت ضربة قاصمة لاقتصاد قطر فى يونيو.
وأمام محاولات قطر الزعم بعدم تأثرها من المقاطعة العربية والترويج لما تمتلكه من احتياطى نقدى وثروات نفطية هائلة، رسم موقع "أويل برايس" الأمريكى المختص بشئون الطاقة والبترول سيناريوهات سلبية لقطاع النفط والغاز القطرى، مشيراً إلى أن إدعاء قطر ومحاولتها الترويج إلى استغلال المقاطعة العربية فى الاتجاه نحو تنويع مصادر دخلها وليس الاعتماد الكلى على تصدير الغاز الطبيعى، هو إدعاء جرئ لا تدعمه حقائق.
وأضاف الموقع فى تقرير لمستشار الطاقة العالمى سكوت بيلنسكى، اليوم الأحد، أنه على الرغم من كل الحديث عن تحويل المقاطعة إلى فرصة، فأن السبيل الوحيد لقطر لتحقيق إصلاحات اقتصادية جوهرية هو بالاقتران مع جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجى، فبدون الوصول إلى الأسواق السعودية والإماراتية، فأن الاإقتصاد القطرى لن يكون قادرا أبدا على إغراء وجذب مستثمرين من الخارج.
وأكد التقرير أن الأزمة الحالية الناشبة بين الدوحة وجيرانها العرب الذين يطالبونها بنبذ الإرهاب، تضع قطر على طريق الخراب الاقتصادى على المدى الطويل.
ولفت إلى أن دول الرباعى العربى، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، قامت بالفعل بتقديم مقترحات وعرضت فتح حوار مع قطر، ما دام القطريون يتصرفون بحسن نية لوقف تمويل الإرهاب الذى يمر وعبر أراضيها. وختم بالقول إن الواقع القاسى بالنسبة لقطر هو أنه لا توجد وسيلة للفوز فى هذا المأزق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة