"حبيس المنزل محروم من ممارسة حياته بشكل طبيعى بالنهار ، وصرخات وآهات والآم الليل تخطف النوم من عينه " تلك هى معاناة أكثر من 800 مواطن بحسب الإحصائيات الأولية، في مدينة القرين بالشرقية ، يعانون من مرض الفلاريا ، أو "داء الفيل " وهو مرض لعين استوطن المدينة منذ عدة عقود ، ولقب بهذا الاسم لكونه عبارة عن تضخم شديد فى الأطراف يشبه قدم الفيل مصحوبا بإلتهابات وتقرحات.
فمدينة القرين ، تقع بمحافظة الشرقية استوطنها المرض منذ عقود وأصاب العديد من أبنائها.
وبالرغم من تأكيد مديرية الصحة بالشرقية ، أن الإصابات كلها قديمة ، وأن آخرها كانت قبل 10 سنوات ، انتقل "اليوم السابع" الى المدينة، فى البداية تجولنا داخل المدينة، قابلنا محمد عبد المنعم 55 سنة وهو موظف ومن الشخصيات الإجتماعية التي على دراية بأحوال أهل البلد ، حيث أكد أن المرض بداية ظهوره كان منذ عهد الانجليز واستوطن المدينة ، ذلك بسبب معسكر للقوات الإنجليزية كان بينهم جندي هندى جاء حامل للفيرس وظهر عليه المرض خلال فترة تواجده بالمعسكر، وانتقلت العدوى إلى عدد من الجنود والأهالي بالمدينة وبعد ذلك انتشر الفيروس.
وأضاف أنه بالرغم وجود المرض وانتشاره على مدار عقود طويلة ، إلا أن الأهالى تعايشوا معه وأصبحوا لا يبالون به بل الأكثر من ذلك هو عزوف نسبة كبيرة عن المتابعة الطبية الدورية ، واقتصارها فى حالة حدوث التهاب وتقرحات وغالبا يكون لدى طبيب خاص .
وتوجهنا لعدد من المرضي والذين فضلوا عدم الحديث للإعلام عن مرضهم لعدد من الاعتبارات الشخصية .
وخلال التجول بالشوارع ، أخبرنا أحد الأهالي عن حالة عم "خيري" ، وبالوصول الي منزله استقبلتنا زوجته بالترحاب، وبعد دقائق طويلة دخل علينا رجل وهو يمشي علي عكازين استغرق فى مسافة أقل من مترين أكثر من 10 دقائق بالكاد يتحرك ويكتم بداخلة صرخات الألم الذى يشعر به من شدة الحركة ، وروي " خيرى محمد سليمان " 62 سنة مأساته بعدما أظهر قدماه والتي تضخمت بشكل كبير ، قائلا " عمرى ما قعدت ساعتين كاملين ، طول حياتى أحب الناس وأختلط بينهم ودائم الزيارات للجميع أحل مشكلات بين المتخاصمين ، ظهر على المرض منذ أكثر من 30 سنة ، إلا أنه كان تضخما بسيطا لا يعيق الحركة بهذا الشكل".
وأضاف :"قبل ثلاث سنين ، تعرضت لسخونة شديدة ظننا أنها حالة انفلونزا ، بعدها بدأت القدمين التضخم" وتابع :" أهالى القرية طوال السنوات الماضية يعشقون سماع الآذان بصوتى ، والمسجد يبعد عن المنزل أمتار ، وأنا الآن حبيس المنزل لا أستطيع الحركة أو حتى الوصول للمسجد أشعر بحمل ثقيل جدا تحمله قدمى ، وإذا تحركت خطوتين ، أشعر بالآم شديدة كـ" النار" تحرقنى ، فحركتى تقتصر علي الذهاب إلى الحمام أوالوضوء، ولا أخرج من البيت " .
وفي مركز الأمراض المتوطنة بالمدينة ، الذي أقامته وزارة الصحة لتوفير الخدمات الطيبة للمرضى ، لاحظنا وجود العديد والذين يجرون فحوصات طبية ومتابعات ، التقينا بالدكتورة نورا عبدالمنعم موسى ، مدير المركز وهي طيبية شابة ، حيث أكدت أن مرض "الفلاريا " مرض طفيلى يسببه نوع من أنواع الديدان الخيطية، تعيش فى الجهاز الليمفاوى للإنسان مما يؤدى إلى تورم الأوعية الليمفاوية، وينشأ عن هذا تورم وتشوهات بالمناطق المصابة خاصة الأطراف والخصية، وينتقل الطفيل من إنسان الى إنسان بواسطة لدغة أنثى بعوضة ولا تتم العدوى من إنسان الى إنسان مباشرة .
وأشارت إلى أن المركز يقدم العديد من الخدمات الطبية وبه العديد من الأدوية المستوردة الغير مصرح ببيعها ، فكل مريض "فلاريا" له ملف طبي يحمل رقم تليفونه وعنوانه ، لإجراء المتابعات الدورية والتحليلات ، كما أن أول جلسة علاج عبارة عن نصائح كيفية التعامل مع المرض ومع التقرحات الجلدية ومنح المريض كتيب صور ليتذكر النصائح ومنحه جرعة علاج 6 أقراص من عقار DEC .
وأضافت أن المركز يستقبل حالات من المحافظة والمحافظات المجاورة ، ويتم إجراء التحليلات والفحوصات الطبية ، مشيرة إلى أن كل الحالات التى تعالج بالمركز هي إصابات قديمة ، فأخر إصابة ظهرت كانت قبل 10 سنوات ، فالصحة تولي اهتماما بالأمر وتقوم بحملات دورية لعمل مسح شامل وللتأكد من عدم ظهور حالات جديدة ، خاصة أنها تضع خطة للقضاء علي المرض فى مصر.
وأكدت أنها بجانب عملها ، تقوم أيضا بتنظيم حملات توعوية بالمدارس والمصالح الحكومية بالمدينة، وتحفيز الحضور بالحرص علي النظافة الشخصية ونظافة المنزل لمحاربة البعوض والقواقع والقوارض، فضلا عن مخاطبة الجهات المعنية بالتطهير الدورى للمصرف المار بوسط المدينة.
وأضافت أن أصعب التحديات التي توجهها، هوعزوف نسبة كبيرة من المرضي عن المتابعة بالمركز بإعتبار أن المرض مزمن، وإنهم يتحاشون الحرج طبقا للعادات الاجتماعية في الريف.
يذكر أن مركز الامراض المتوطنة ، يعد أحد أكبر المراكز الصحية للأمراض المتوطنة في مصر ، وتم إقامته على مساحة 600 متر مربع بتكلفة 5.5 مليون جنيه ليخدم أبناء المحافظة ومحافظات شمال وجنوب سيناء ، بورسعيد ، الإسماعيلية ، السويس ، الدقهلية ، لتقديم خدمات طبية تشخيصية وعلاجية للأمراض المتوطنة والمضاعفات الناتجة عنها ومكافحة القواقع الناقلة للأمراض المتوطنة عن طريق استعمال المبيدات ، وأضاف أنه تم تجهيز مكان لإقامة المرضى القادمين من المحافظات الأخرى ، كما تم توفير دواء للقطاعات الطبية، و المبنى مكون من أربعة طوابق ويحتوي على أربع وحدات لمكافحة الأمراض المتوطنة وهي إدارة البلهارسيا والطفيليات المعوية، وإدارة مكافحة ناقلات الأمراض، وإدارة الملاريا و الفلاريا و الليمشانيا، وإدارة مكافحة القواقع ، ومركز تدريب متكامل وقاعة مؤتمرات لعمل دورات تدريبية للأطباء والفنيين.
صورة توضح تضخم القدامين للمريض فلاريا
مريض يروي معاناتة
صورة لمريض اخري
صور اخري لمرضي يعانون من الفلاريا
مركز الامراض المتوطنة بالقرين
الدكتورة نورا عبدالمنعم موسي
المرضي يعالجون بالمركز
صيدلية تحتوي علي اودية مستوردة متوفرة للعلاج
عيادة الفلاريا
نموذج ملف للاحد المريضات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة