بعد انقضاء عيد الأضحى بأيامه الأربعة، يبدأ العيد الحقيقي في آلاف البيوت التي سافر أحد أهلها لأداء فريضة الحج وعاد بعد الانتهاء من جميع مناسكه، ليبدأ عيد آخر عند استقبال الحاج وما جاء به من نفحات من الأرض المباركة. تمتد الاحتفالات بامتداد الوطن العربي ورغم اختلافها إلا إنها جميعًا تتفق في اعتبار الحج إنجازًا كبيرًا يستحق الاحتفاء بصاحبه والترحيب به وتكريمه.
ورغم أن هذه الطقوس للاحتفال بعودة الحجاج قلت كثيرًا في الوقت الحاضر عنها في الماضي، إلا أن كل بلد في الوطن العربي لا تزال محتفظة بنكهتها الخاصة في الاحتفال بالحجاج، لا سيما في المناطق الريفية التي لا تزال محتفظة بالتراث القديم ومتمسكة بالعادات والتقاليد.
رسوم استقبال الحجاج فى مصر من كتاب رسومات الحج
ولهذا لا تزال الاحتفالات بعودة الحجاج في الريف المصري ومحافظات صعيد مصر تعكس الصورة القديمة لاحتفالات المصريين بعودة الحجاج، بدءًا من الرسوم الشعبية على الجدران لبيت الله الحرام والعبارة الشهيرة "حج مبرور وذنب مغفور" وصولاً إلى الزغاريد التي تصاحب وصول الحجاج إلى بيوتهم سالمين.
فيما لا تزال مختلف محافظات مصر محتفظة بالطقس الأشهر لزيارة الحاج في بيته بعد عودته، وهي الزيارة التي يستعد لها الحاج بالعديد من الهدايا من بيت الله الحرام والتي تتنوع بين السبحة والخمار وسجادة الصلاة والجلباب الأبيض وتصل حتى لزجاجة من ماء زمزم.
استقبال الحجاج في فلسطين وسوريا الأقرب إلى مصر
رسوم استقبال الحجاج فى مصر من كتاب رسومات الحج
ومن بين مختلف الدول العربية تعد فلسطين وسوريا الأقرب إلى مصر في طقوس احتفالهما باستقبال الحجاج،حيث يحتفل الفلسطينيون باستقبال الحجاج تمامًا مثل المصريين بكتابة عبارات التهاني والأشعار على بيته مع رسومات للكعبة المشرفة والجمال والمسجد النبوي، بالإضافة إلى تزيين منزله بزعف النخيل. أما في الماضي فكانوا يحتفلون بذبح الأغنام عند وصول الحاج وتوزيع جزء من لحومها على الفقراء وطبخ الباقي من لحومها لإطعام الزائرين والمهنئين.
رسوم استقبال الحجاج فى مصر من كتاب رسومات الحج
كذلك في سوريا يحتفلوا بتدوين العبارات المهنئة بالحج على جدران البيت ويزينونه بأغصان الأشجار والأنوار قبل وصوله، وفي موعد وصوله يحضرون موكبًا من السيارات لاستقباله من المطار أو الميناء البري أو البحري لتوصيله إلى البيت وسط جو من البهجة، وفي البيت تقام عروض لاستقبال الحاج ويتلى القرآن والأناشيد الدينية في بيته.
"المدرهة اليمنية" أبرز وأقدم طقوس استقبال الحجاج
أما في اليمن فيتم تزيين الشارع أو الحارة كلها من أجل استقبال الحاج وليس المنزل وحده، ويتم استقبالهم باحتفالية تراثية شهيرة تسمى "المدرهة" وهي عبارة عن أرجوحة كبيرة يتم نصبها في ساحة أو فناء منزل ويتأرجح عليها أقارب الحاج وجيرانه من كل الأعمار، كبارًا وصغارًا وحتى النساء، وأثناء ركوب الأرجوحة يرددون أناشيد شعبية خاصة باستقبال الحجاج.
المدرهة اليمنية
ويرجع السر وراء هذا التقليد إلى اعتقاد اليمنيين أن تأرجح الأهل والأصدقاء والجيران على هذه الأرجوحة فإنهم بذلك يدفعون عن الحاج أخطار الطريق، وكانت في الماضي تستمر لشهور طويلة حيث كانت رحلة الحج تستغرق الكثير من الوقت، ولكن مع تقدم وسائل المواصلات أصبحت الرحلة أقصر وأصبحت طقوس نصب المدرهة تقتصر على شهر ذي الحجة فحسب.
الكليجة وفرق الموسيقى الشعبية أبرز طقوس استقبال الحجاج في العراق
تمتد أجواء البهجة والإنشاد إلى العراق حيث يتم استقبال الحجاج من خلال موكب سيارات للمطار يطوف الشوارع حاملاً أقارب الحاج وأصدقائه وجيرانه يرددون الأهازيج الشعبية ويزغردون للإعلان عن أنهم في طريقهم لاستقبال الحاج.
المدرهة في اليمن
ومن أبرز طقوس استقبال الحجاج أيضًا في العراق فرق الموسيقى الشعبية المتجولة التي تنتظر الحجاج عند رأس الشارع وتستقبله بالمعزوفات التي يرقص على أنغامها الأطفال فيما تستعد النساء في البيوت لاستقبال الحجاج بتحضير حلوى "الكليجة" العراقية الشهيرة وهي أشبه بالقرص بالعجوة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة