مع انتهاء المدة التى منحتها مصر ودول الخليج لقطر، للبت فى المطالب التى تم رفعها للنظام القطرى الحاكم، يعيش الشارع والمواطن القطرى حالة من السخط والغضب ولاسيما فى صفوف أبناء القبائل بسبب السياسات التخريبية التى ينتهجها تميم بن حمد ووالده حمد بن خليفة، وتدمير العلاقات الثنائية مع مصر ودول الخليج ما أدى لمقاطعة تلك الدول للدوحة، ويتخوف المواطن القطرى من الأفعال الصبيانية التى يقوم بها "الأمير الطائش" فى مواجهة العرب.
ويعول أبناء الشعب القطرى على دور القبائل الوطنية التى يمكن أن تقود قطر نحو الاستقرار وتعزيز العلاقات مع العرب، والتخلص من حكم تميم ووالده الذى أنقلب على الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى خلال عام 1996، ويحسب لـ"آل مرة" مواقفهم الوطنية ورفضهم لانقلاب أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى، ما دفع أمير قطر تميم بن حمد لممارسة الضغوطات والترهيب على القبائل القطرية والتهديد بملاحقة والنيل من رموز تلك القبائل.
وتأتى الضغوطات القطرية التى تمارسها مخابرات تميم وأذرعه الأمنية، عقب تأكيد عددا من شيوخ وكبار قبيلة آل مرة فى السعودية دعمهم للمملكة فى مقاطعتها قطر، وذلك أثناء لقائهم ولى العهد وزير الدفاع السعودى الأمير محمد بن سلمان، واستنكر شيوخ قبيلة "آل مرة" ما فعلته الدوحة بشدة، لافتين إلى أن سوء العلاقات "السعودية القطرية" بدأت منذ تولى الشيخ حمد آل ثان إمارة قطر.
وتشير تصريحات مشايخ قبيلة "آل مرة"، لاستيائهم الكامل من المواجهة التى فتحها تميم بن حمد باحتضانه لعناصر الحرس الثورى الإيرانى والاستقواء بجيش أردوغان ضد الدول العربية والإسلامية، التى طالبت الدوحة بوقف تمويل الجماعات الإرهابية وتجفيف مصادر التمويل الضخم الذى ينفقه النظام القطرى على جماعات الإرهاب والتطرف فى سوريا وليبيا، إضافة لإبرام صفقات مشبوهة مع جماعات إرهابية وطائفية وهو ما حدث مؤخرا فى صفقة المليار دولار بين الدوحة وجماعة إرهابية فى العراق.
شيوخ قبائل "آل مرة" رفضوا محاولات الاستقواء التى تقودها قطر عبر السماح بتواجد قوات إيرانية وتركية على أراضيها، مؤكدين خلال لقاءهم الأخير بالأمير محمد بن سلمان: "يأخذون قوتهم من تركيا وإيران، الشعوب اللى هناك امتدادها من المملكة، أهل قطر وبنى عمنا، ولو يأمرنا بإشارة ما منهم أحد، لكن ما هم بأهل الأمور ذى".
وكشف رئيس الفوج الأربعين لقبيلة "آل مرة"، الشيخ فيصل بن لاهوم المرى، منح الملك فيصل قطر نحو 80 كيلومترًا من الأراضى السعودية هبة لها، بعد أن قال الحاكم الخامس القطرى على بن عبدالله، إن دولته قرية من قرى الإحساء بالسعودية.
وتضم دولة قطر عدد كبير من القبائل والأسر العربية وغير العربية، والتى نزحت إليها من دول الجوار طلبا للأمان وسعيا لطلب الرزق، ومنها قبيلة آل مرة ذات الجذور الضاربة فى أعماق قطر، وأكثرهم عددًا منذ مئات السنين، وقد كانت علاقتهم بأسرة آل ثانى علاقة حميمة منذ عهد المؤسس الأول للدولة الشيخ قاسم بن محمد آل ثانى، ومن تبعه من الأسرة الحاكمة إلى يومنا هذا، وشاركوا فى كثير من المشاهد التاريخية للدفاع عن قطر، وساهموا مساهمة فعالة فى بناء الدولة منذ نشأتها، ولم يكن فى يوم من الأيام ذرة شك فى وطنيتهم طبقًا لواقع المكان والزمان.
وبعد نيل قطر للاستقلال عام 1971 وما تلاه من تولى الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى مقاليد الحكم فى قطر عام 1972، فتح الباب لمن لديه الرغبة فى اكتساب الجنسية القطرية من أقارب القبائل والأسر المعروفة فى الدولة، وذلك عن طريق معرفين معتمدين من وزارة الداخلية دون التحقق أو المطالبة بما لديهم من جنسيات سابقة.
وفى عام 1995 صدرت تعليمات شفهية من وزارة الداخلية عن طريق أعيان القبائل والأسر، وبدون إعلان رسمى من الجهات المختصة، بأنه على من كان يحمل جنسية سابقة للجنسية القطرية أن يسلمها لإدارة الهجرة والجوازات بوزارة الداخلية، وذلك منعا لازدواج الجنسية، فتجاوب الكثير من المواطنين مع تلك التعليمات ثقة فى صاحب القرار ومصداقية فيمن نقل تلك التعليمات من الأعيان، وتحفظ البعض الآخر لعدم وضوح التعليمات لكونها شفهية.
وفى العامين 1995م/1996 م، وما جرى فيها من عزل للحاكم الشيخ الأب خليفة بن حمد آل ثانى، وتولى الابن الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى مقاليد الحكم، والمحاولة الانقلابية الفاشلة التى أرادت إعادة الحاكم السابق للسلطة، والتى قام بها بعض ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة، المؤلفة من جميع شرائح المجتمع، والذين يرون أن الشيخ خليفة هو الحاكم الشرعى للدولة، وأدوا القسم القانونى بالولاء والطاعة له، وحيث إن عدد من شارك فى تلك المحاولة من الضباط والأفراد هم من قبيلة آل مرة، يعتبر كبير نسبيا بمقياس النسبة والتناسب لعدد السكان، مقارنة بعدد من شاركوا من القبائل والأسر الأخرى، فقد الصقت بهم تهمة التحريض والقيادة، وتم تبرئة ساحة الآخرين لاعتبارات اجتماعية أو قرابة بعض المسئولين فى الدولة لبعض من شاركوا، علمًا بأن القائد والمحرض الأول هو الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى الحاكم السابق.
وزجت قطر بأكبر عدد ممكن من أبناء قبيلة "آل مرة" فى السجون، وبدون محاكمة، ولفترات طويلة، حيث مورست عليهم صنوف التعذيب والإهانة، ومن ثم تمت إحالتهم إلى القضاء، والذى افتقد فى أحكامه إلى العدالة، والبعض الآخر منع من دخول البلاد لفترات طويلة، ومن بعد ذلك أسقطت جنسياتهم، والبعض الآخر لما علم أن جنسيته أسقطت، وهو فى خارج البلاد وممنوع من دخولها، تجرأ وفرض أمره كواقع على المنافذ البرية والمطارات، فقامت الأجهزة الأمنية بوضعه فى سجن الإبعاد كمجهول للهوية ومع العمالة السائبة، ثم تصرفت الدولة مع كل من له صلة قرابة قريبة كانت أم بعيدة، حتى وإن كان يحمل جنسية دولة أخرى بتصرفات لا تعكس الصورة الحقيقة للدولة الحضارية، دولة القانون والعدالة أو دولة الحرية والديموقراطية التى تزعم أنها أحد أعمدتها.
وتمثلت الإجراءات التعسفية بإنهاء خدمات الكثير من الموظفين والعسكريين من أبناء قبيلة "آل مرة" دون غيرهم، ممن أدرجت أسماء أقربائهم فى العملية الانقلابية، فضلا عن حرمانهم من الوظائف المدنية الأخرى، ثم تطور الإجراء إلى منع أبنائهم من الالتحاق بالوظائف المدنية عند اكتمال دراساتهم الثانوية أو الجامعية، وذلك عن طريق عدم تحرير شهادة حسن سيرة وسلوك، والتى بموجبها يتم قبول طلبات التوظيف، وكذلك مورست ضغوط نفسية على من هم على رؤوس أعمالهم المدنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة