تظل الزيادة السكانية خطر داهم يهدد عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى التى تنفذها الدولة المصرية، مما يتطلب من الدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها التنسيق والتعاون لحلها وتخفيض معدل الزيادة السنوى للإنجاب، وتغيير الثقافة الخاطئة لدى العديد من المواطنين خاصة فى الطبقات الفقيرة والمناطق الريفية والشعبية والتى تكثر فيها معدلات الإنجاب عن غيرها من المدن والمناطق الراقية، لكن الأمر أيضا يتطلب التزام مجتمعى جنبا إلى جنب مع الإجراءات التى تتخذها الدولة.
رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، حذر مرارا وتكرارا، من خطورة الزيادة السكانية على تحقيق اقتصاد قوى، وآخرها خلال مؤتمر الشباب بالإسكندرية، الذى عقد على مدار يومى الاثنين والثلاثاء الأسبوع الجارى، قائلا: "الزيادة السكانية تحدى كبير وأكبر خطرين يواجهان مصر فى تاريخها الإرهاب والزيادة السكنية، وهذا التحدى يقلل فرص مصر فى الطلوع إلى الأمام".
الحكومة للمواطن: "طفلين كفاية"
والحكومة بدورها أعلنت عن عدة خطوات، كان بينها عودة حملات تنظيم الأسرة وتحديد النسل لتوعية المواطنين، منها حملة وزارة التضامن الاجتماعى: "اتنين كفاية"، لدعوة الأسرة لعدم إنجاب أكثر من طفل، كما سلمت الحكومة البرلمان، من خلال وزارة الصحة مشروع قانون يعدل قانون الخدمة المدنية، ويقصر إجازة الوضع للمرأة الموظفة بالجهاز الحكومى على مرتين فقط بدلا من ثلاثة، لإجبار المرأة على عدم إنجاب أكثر من طفلين، إذا ينص القانون الحالى على أن تستحق الموظفة إجازة الوضع ومدتها أربعة أشهر ثلاث مرات طوال مدة خدمتها، لينص التعديل على أن: "تستحق الموظفة إجازة وضع لمدة أربعة أشهر، وبحد أقصى مرتين طوال مدة عملها بالخدمة المدنية"، والغرض من ذلك الحد من الزيادة السكانية، لكن هذا التشريع حال صدوره ليس كافيا!.
استراتجية وزارة الصحة تستهدف تخفيض معدل الإنجاب من 3.2 إلى 2.2
وكانت الدكتورة مايسة شوقى ـ نائب وزير الصحة والسكان لشئون الإسكان استعرضت استراتيجية الوزارة عن التعداد السكانى أمام لجنة الصحة بالبرلمان، خلال شهر يونيه الماضى، وكشفت أن الاستراتيجية تهدف إلى الانخفاض بمعدل الخصوبة لـ2.2 بدلا من 3.2 ليكون لدى كل أسرة طفلين، كما قالت أن معدلات الزيادة السكانية شهدت خلال عام 2016 انخفاضا بعدما كان شهد المنحنى صعودا منذ 2006 وحتى 2014 خاصة خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية حيث لم يتم الاهتمام بخطط الدولة لتنظيم الأسرة، كاشفة عن انخفاض معدلات المواليد خلال الربع الأول من عام ٢٠١٧ بشكل كبير يقدر بحوالى ١٠٪، وأن محافظات مرسى مطروح والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا تشهد أكبر معدل زيادة سكانية فى الجمهورية، وإن بحوث الرصد أوضحت أن شهور يناير ومارس وأغسطس وسبتمبر موسم ارتفاع أعداد المواليد فى حين تعانى محافظات مرسى مطروح والشرقية والإسكندرية أكثر محافظات الجمهورية التى تعانى من نقص وسائل منع الحمل.
كما أوضحت أنه كان هناك فى الاستراتيجة لخلق حوافز إيجابية تشجع الأسر على خفض عدد أفرادها يتمثل فى منح رب الأسرة الذى لديه طفلين فقط حتى سن 45 عاما، زيادة نقاط التموين لكنه قوبل بالرفض من وزارة التموين إلا أن الوزير الحالى الدكتور على المصيلحى طالبها بإعادة الطلب مرة أخرى لإعادة بحثه، إضافة إلى تشريع يعاقب المأذون الذى يوثق عقدا للمتزوجين دون سن الـ18 عاما بعقوبات تصل للشطب.
لجنة الصحة بالبرلمان تطالب بتفعيل عقوبات الزواج المبكر والتهرب من التعليم
أما من ناحية البرلمان، فطالبت لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، الدولة باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة أزمة الزيادة السكانية، معلنة عن عدد من التوصيات الهامة فى هذا الصدد، منها تفعيل تطبيق العقوبات المقررة فى القوانين القائمة بشأن جرائم التهرب من التعليم والزواج المبكر وما يترتب عليهما، وتخصيص خطبة جمعة دورية تتناول التوعية بأهمية دور الأسرة فى المجتمع ومخاطر الزيادة السكانية.
وأكد الدكتور محمد العمارى، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، لـ"اليوم السابع"، أن اللجنة وجهت توصياتها للحكومة بعد مناقشتها رؤية وزارة الصحة والسكان بشأن استراتجية الوزارة عن التعداد السكانى المتزايد، وتضمنت التوصيات أهمية إعداد تقارير دورية تعكس الواقع عن الزيادة السكانية ومعدل الزيادة سنويا.
وقال "العمارى"، أن اللجنة أوصت بضرورة إصدار تشريع "المعالم للسكان والتنمية"، وأهمية تنسيق الجهود بين الوزارات والشركاء المعنيين لمواجهة خطورة الزيادة السكانية وتعزيز التنمية المستدامة، بالإضافة إلى أهمية المراحل التعليمية ودور التعليم فى توعية الشباب بخطورة الزيادة السكانية والزواج المبكر.
رئيس "محلية البرلمان" يقترح ربط الدعم بعدد الأطفال فى الأسرة للحد من الزيادة السكانية
من جانبه، قال المهندس أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه يولى اهتماما كبيرا بقضية الزيادة السكانية منذ أن كان طالبا فى الجامعة، وكان مشروع تخرجه يتعلق بالزيادة السكانية وطرح فيه حلولا لها، مستطردا: "حل مشكلة الزيادة السكانية مسألة إرادة من الدولة شأنها شأن الإصلاح الاقتصادى وإزالة التعديات على الأراضى، بالتالى المسألة أولها وآخرها إرادة وعلى الدولة إذا أرادت أن تواجه الأزمة بكافة أبعادها".
وأضاف "السجينى"، أن هناك أفكارا بالمئات فى مشاريع التخرج وأبحاث الدكتوراة والماجستير ولدى الخبراء والمفكرين، على الدولة أن تستدعيها وتفعلها، قائلا: "إرادة الدولة هنا لا يقصد منها الرئيس والحكومة فقط، بل كل المؤسسات برلمان ووزارات معنية ومؤسسات دينية على رأسها الأزهر والكنيسة، ودور التعليم من خلال المدرسة فى التوعية".
وتابع "السجينى": "عندما تم عرض مشكلة الزيادة السكانية من قبل وزير الصحة، تبين أنه بعد ثورة 25 يناير 2011، فى ظل عدم استقرار مصر خلال هذه الفترة، أن معدل الانجاب زاد ولم يكن هناك تنظيم للأسرة فى مناطق مختلفة، والأمر يحتاج عمل توعوى صحى ثقافى وتنظيمى من وزارة الصحة، وأن يتم ربط الدعم بعدد الأطفال بأن بكون محدد على طفلين فقط".
وأشاد رئيس "محلية البرلمان"، بمبادرة وحملة وزارة التضامن الاجتماعى التى أطلقتها تحت عنوان "اتنين كفاية"، لحث الأسر على تحديد النسل والتنظيم وعدم إنجاب أكثر من طفلين، وتابع: "إذا حدثت انتفاضة وكانت الدولة جادة كما حدث مع التعديات على الأراضى ومشاكل الكهرباء، أعتقد أنها ستحل أزمة الزيادة السكانية".
واتفق "السجينى"، مع كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، بأن "أخطر ما يهدد مصر هو الإرهاب والزيادة السكانية"، قائلا: "اتفق مع الرئيس وأثمن كلامه وأنه ساوى الاثنين مع بعض"، وبالنسبة لمسألة تغليظ العقوبات على الزواج المبكر والتهرب من التعليم، قال: "مسألة تغليظ العقوبات والجزاءات ليست فلسفتى، وهناك قوانين كثيرة فيها عقوبات مغلظة وغير مفعلة، بالتالى تغليظ العقوبة ليس الحل، إنما يكمن الحل فى رفع كفاءة الأجهزة المعنية بالمشكلة ودعمها، فأن تتحول الممارسات الخاطئة نظرا لضعف أجهزة الدولة إلى ثقافة عامة بين المواطنين فهذا أخطر ما يمكن، ولابد من تحويل الممارسات السلبية إلى إيجابية، وتحقيق التنمية المستدامة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة