فيما يشبه العاصفة الاقتصادية بسبب السلوك القطرى فى الإقليم، تنتظر العملة المحلية القطرية "الريال" رصاصة الرحمة، بعد موجة العقوبات العربية على قطاعات الاقتصاد فى الدوحة، تلك التى حجمت من النفوذ المالى القطرى وخفضت التصنيفات الدولية للعملة القطرية إلى أدنى مستوى لها منذ نشأة الإمارة.
التصنيف الائتمانى لقطر
من جانبها خفضت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" العالمية للتصنيف الائتمانى التصنيف الائتمانى طويل الأجل لدولة قطر من "AA" إلى "AA-"، كما وضعت التصنيف تحت المراجعة مع احتمالات بتخفيضات أخرى. وقرت "ستاندرد آند بورز" الإبقاء على التصنيف قصير الأجل عند مستواه الحالى فى منطقة A-1+.
وأرجعت المؤسسة، فى تقرير لها بالإنجليزية، قرار خفض تصنيف الدوحة إلى دعوة 6 دول عربية هى "السعودية والإمارات ومصر والبحرين وليبيا واليمن"، لمواجهة الإرهاب الممول من قطر.
وكذلك خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتمانى توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من "مستقر" إلى "سلبى"، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول، فى حال تراجع التصنيف السيادى لقطر.
وأوضحت الوكالة أن التخفيض يرجع إلى كون ملكية هذه الشركات حكومية، مؤكدة أن الشركات ستواجه صعوبات فى الحصول على تمويل حكومى ما سيجعلها تتخلف عن التزاماتها لتسديد ديونها. كما خفضت الوكالة الرتبة الممنوحة لقطر إلى AA3 منAA2 مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة من سلبية.
وأرجعت الوكالة، أسباب خفض تصنيف قطر إلى "ضعف المركز الخارجى للبلاد، والضبابية التى تكتنف استدامة نموذج النمو بعد السنوات القليلة المقبلة".
البورصة وموديز
وهبطت سوق الأسهم القطرية فى الأسابيع الأخيرة، بعدما قرارات السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين لمواجهة الإرهاب الممول من قطر، ونزل مؤشر البورصة القطرية 5.7%، وكانت بعض الأسهم القيادية فى السوق هى الأكثر تضررا، حيث هوى سهم فودافون قطر الأكثر تداولا 8.9%، وانخفض مؤشر بنك قطر الوطنى أكبر مصرف فى البلاد، بنسبة 4.6%، لذا توقعت موديز اقتراب ميزان المعاملات الجارية القطرى من التوازن فى 2017 مقارنة مع عجز نسبته 5.5% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2016.
واعتبرت الوكالة أن مواطن الانكشاف الخارجى لقطر أكبر إلى حد ما من نظرائها الخليجيين الحاصلين على تصنيفات عالية، نتيجة لأعباء الدين الخارجى الأعلى بكثير.
رؤية الإيكونوميست
من جهته كشف محمد عبد المجيد، الخبير الاقتصادى فى شؤون الشرق الأوسط فى وحدة الأبحاث لدى مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن فك الربط بين الريال القطرى والدولار الأمريكى "مسألة وقت"، ناصحاً المستثمرين فى قطر بتحويل بعض أصولهم إلى عملات أخرى.
وقال عبد المجيد لـ"العربية"، إن مخاطر طول قرارات الدول العربية (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، تنعكس بشكل مباشر ومؤثر بقوة مع "تحول صافى الأصول الأجنبية فى القطاع البنكى القطرى إلى السالب منذ فترة طويلة بقيمة سالبة تجاوزت 45 مليار دولار.
ووصف الخبير الاقتصادى، وهو محرر التقرير الصادر عن "الإيكونوميست" بشأن اقتصاد قطر، مخاطر المقاطعة بأنها "تضعف ثقة المودعين بالبنوك القطرية، وفى حال أن العقوبات الاقتصادية ستشتد وسيتخلى بعض المودعين ويقومون بسحب ودائعهم من قطر، فإن ذلك يشكل نوعاً من الضغط على العملة، وبما أن الدوحة تسعى إلى تنويع الاقتصاد، فإنها ستفكر فى فك ربط الريال القطرى عن الدولار".
منع سفن البترول
وأشارعبد المجيد إلى أن "المخاطر محدودة على المدى القريب، بحكم أن قطر قادرة على تصدير الغاز والبترول، وهذا هو العمود الفقرى، لكنها على المدى البعيد ستواجه مشكلة كبيرة فى ثقة المستثمر بالاقتصاد القطرى، فكلما طالت الأزمة ضعفت ثقة المستثمر الأجنبى، الذى بات يفكر كثيراً قبل الدخول إلى قطر أو يعيد حساباته قبل ضخ المزيد من الاستثمارات".
وحذر الخبير الاقتصادى من تحول درجة المقاطعة الاقتصادية إلى "منع السفن ومنع وصول السلع إلى قطر، وهذا يعنى أن رجال الأعمال وأصحاب المصانع سيبدأون التفكير فى نقل بعض الأصول إلى الخارج، لأن نسبة المخاطر ستكون عالية، ورأس المال جبان، ورجل الأعمال لا يتصرف بعشوائية، ويستطيع أن يتحمل مثل هذه الخسائر لوقت قصير فقط".
ونصح عبد المجيد المستثمرين الأجانب بـ"التأكد، حال الدخول مع شريك قطرى، من صحة القوانين القطرية، خاصة إذا تعرضت قطر لنوع من المراقبة المالية"، مشدداً على خطورة "التعرض للاقتراض من الأسواق المحلية القطرية، مع ارتفاع نسبة الإقراض إلى الودائع لأكثر من 100% وفى حال قامت الدول الأربع بسحب ودائع من الدوحة ستتأزم السيولة أكثر فأكثر داخل قطر".
الإيكونومست تحذر
وكانت وحدة الأبحاث التابعة لـ"الإيكونومست" توقعت، فى تقرير لها، استمرار العقوبات الخليجية على قطر لفترة طويلة، والتى سيكون لها تداعيات على الاقتصاد القطرى، وتبعات موجعة على المواطنين القطريين من الناحية الاقتصادية، خاصة مع تشبث قطر بموقفها المتعنت.
وأكد التقرير أن الاقتصاد القطرى سيتكبد خسائر فادحة إذا استمر الموقف الخليجى تجاه قطر طويلاً، وأن المواطنين وسكان قطر سيشعرون بتبعات "ثقيلة" جراء تعنت وتصلب الموقف القطرى الذى سيخلق معه "مقاطعة اقتصادية أوسع من الدول الأربع".
ونصح التقرير الشركات الأجنبية فى قطر بضرورة التدقيق فى سلامة ملفات شركائها داخل قطر فى الفترة القادمة، مع البحث عن قنوات توزيع جديدة علما أنها ستكون مكلفة.
كما نصح التقرير الشركات الأجنبية بالتحوط من سعر صرف الريال القطرى، تحسباً للتذبذب المتوقع للريال مع استمرار المقاطعة، وأقر برفض العديد من المؤسسات المالية التعامل مع الريال القطرى.
وشملت نصائح وحدة الأبحاث فى الإيكونومست للشركات الأجنبية العاملة فى قطر تجنب الاعتماد على التمويل المحلى فى حال تفاقمت العقوبات.
شركات الأغذية
فى سياق آخر، حذر التقرير شركات التجزئة العاملة فى قطاع الأغذية من انخفاض هوامش أرباحها، فى حال اتبعت الحكومة سياسة مراقبة الأسعار لمواجهة ارتفاع التضخم. كما سيعانى قطاع السياحة والفنادق من تداعيات الأزمة، فبحسب التقرير، نصف السياح فى قطر من مواطنى دول مجلس التعاون.
أما فى ما يتعلق بالشركات العاملة فى التشييد والبناء، خصوصا تلك العاملة فى مشاريع مونديال 2022، ينصح التقرير هذه الشركات بأن تحذر قبل تطبيق أى اتفاق أو استثمار مبالغ كبيرة، وأن تتوقع تأخيراً فى استلام الدفعات، لاسيما فى حال واجهت الحكومة أزمة مالية، وفى حال ثبوت تهم تمويل قطر للإرهاب فإن هذا سيهدد استضافة كأس العالم 2022.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة