الصحة: نسبة الإصابة 0.7 لكل 100 ألف شخص واكتشفنا 651 حالة فى 2016
عمرو قنديل: توفير العلاج النوعى للمرضى بالمجان ولدينا 18 وحدة للعلاج بالجمهورية
الصحة: نسبة الشفاء تخطت الــ 92 % بين المصابين و5 % لديهم الاستعداد للإصابة
"صدق أو لا تصدق" مستعمرة الجذام بأبو زعبل خالية من المرض منذ 1984وتحديدا بعد اكتشاف العلاج النوعى لبكتيريا الجذام فجميع المرضى الموجودين بــ"المستعمرة" متعافين تماما من المرض وما يعانى منه المرضى فقط "مضاعفات ظاهرية" خلفتها بكتيريا الجذام أثناء فترة الإصابة وقبل تلقى العلاج.
ولمن لا يعرف يصعب انتقال مرض الجذام من شخص مصاب لفرد سليم بمجرد الاختلاط، حيث أن 5 % من البشر معرضين للإصابة إذا كان الشخص فى بيئة بها فرد مصاب واجتمعت عوامل ومسببات الإصابة بالمرض، بالإضافة إلى أنه بمجرد حصول المريض على الجرعة الأولى من العلاج المتوفر حاليا بــ 18 مركزا بالجمهورية يصبح المريض غير معدى للمخالطين ويتجمد نشاط البكتيريا وتتوقف عن المضاعفات.
مريض الجذام شخص يستطيع التعايش مع ذويه والمجتمع بشكل طبيعى وفكرة عزله بعيدا عن المجتمع بعد اكتشاف علاج المرض فى عام 1984 أصبح لا وجود لها على الإطلاق، وبقاء البعض فى المستعمرة نزولاً على رغبتهم لكنهم يخرجون إلى ذويهم لزيارتهم ويعودون إلى المستعمرة، فــ 95% من النزلاء تتخطى أعمارهم الــ 60 عاما أما الرواد الجدد فيصرفون العلاج ويفضلون التعايش بين ذويهم وأسرهم خارج المستعمرة.
تباين الشائعات حول المستعمرة وعدم ملائمه المكان للتعايش ومحاولة تصدير أفكار مغلوطة للمجتمع مفادها انتشار المرض وارتفاع الإصابات فى الفترة الأخيرة دفع "اليوم السابع" إلى زيارتها وقضاء يوما بداخلها لإستطلاع الأوضاع والتعرف عن قرب عن طبيعة الحياة بداخلها.
منذ اتخاذنا قرار الزيارة انتابتنا هواجس احتمال الإصابة بالمرض وتخيلنا أن المكان ما هو إلا منفى لمجموعة من البشر الذين أكل المرض لحومهم وتغذت البكتيريا على دمائهم، باختصار "تعنكب المرض بين نزلائها"، لكن الواقع كان على غير المتوقع فالرواد متعافين وبصحة جيدة ويتعاونون مع إدارة المستشفى ويحصلون على أدويتهم بشكل منتظم ويصرفون التعيين الغذائى أسبوعيا بنظام 7/7 ما يعنى أنهم يحصلون على البروتين من اللحوم والأسماك 7 أيام أسبوعيا.
لحظة دخولك إلى المكان، تجد بوابة تحتضن بين أسوارها 3 آلاف فدان مخططه نباتياً وتزينها الأشجار ويشرف عليها مهندسين مصريين وإيطاليين يتوسطها عنابر المرضى من الرجال والسيدات والمعامل والصيدليات والعيادات الخارجية ومخازن الأدوية ويتردد على المستشفى جميع سكان المنطقة مصابين وغير مصابين بالجذام ليحصلوا على خدمات طبية وعلاجية مختلفة بحسب حالاتهم.
ورغم مرافقة مسئولى قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة وإدارة مستشفى الجذام بأبوزعبل لنا طوال الزيارة إلا أننا حرصنا على لقاء المرضى أولا والإستماع إلى مشاكلهم وقضاياهم قبل رد المسئولين فالتقينا "صابحة" التى تسكن المستعمرة منذ عام 1965 وتقول :"أنا من عرب سيناء ودخلت المستعمرة وعمرى 7 سنوات ولم أرى أمى فولدت ولم تكن أمى موجودة وتلقتنى زوجة أبى"، وتحكى "صابحة" أن زوجة أبيها كانت سيدة قوية وشخصية والدها كانت ضعيفة وفرضت عليه أن تكون أحد رواد المستعمرة وبالفعل حدث.
وتكمل "صابحة" التى تحظى بالرضا الكامل عما وصل إليه حالها من إصابة بالمرض وفقدها بصرها، قائلة:"الحمد لله مش محتاجين حاجة خالص بناخد علاجنا وأكلنا وشربنا بإستمرار وواالله مش عاوزة غير الستر ورضا ربنا بس "وتابعت صابحة: أنا عندى صديقتى وحبها لى بالدنيا" وهنا يسكت الجميع لتأخذنا صابحة إلى صديقتها الحجة رقية صاحبة الــ 80 عاماً والتى فقدت بصرها تماما لتدخل فى نوبة بكاء شديدة وتروى قصة لقائها بـ "صابحة " وهى فى السابعة من عمرها فتقول: "احتضنت صابحة وربيتها.. دى بنتى ملناش غير بعض احنا لم نتزوج وظروفنا شبه بعض وكنا بنام فى سرير واحد وبين أحضان بعض".
وتصمت رقية تماما عن الكلام مستمرة فى البكاء وتستعطفها صابحة وتقبل رأسها ويدها قائلة: "إحنا حلوين أوى"، وتتابع رقية: "أنا تركت أهلى فى سن الـــ 17 عاما ليستقر بى الحال فى المستعمرة بعد إصابتى بالمرض فكانت الإصابة بسيطة وكنت أغزل الصوف وأصنع مفروشات ولما يشتد المرض أقوم بقطع عقلة من أصبعى كنت بدى التمرجى ربع جنية علشان يقطع العقلة ويخيطنى علشان أغزل تانى وتالت لحد ما تقطعت صوابعى العشرة تماما ولما أخدت العلاج خفيت والحمد لله، ومفيش حد بيسأل عنى خالص والبركة فى صابحة".
وتتمنى كل من رقية وصابحة أن يزورن بيت الله الحرام قريباً وتقول صابحة: "نفسى أزور الكعبة وقبر النبى صلى الله علية وسلم ويكون معايا حد يعرفنى أؤدى الشعائر إزاى وفين لأنى سبق وزورت الكعبة المشرفة لكن معرفتش بعمل أيه؟".
ووسط ذلك يظهر 4 راهبات أجانب يحملن الجنسية الإيطالية متطوعات لخدمة مرضى الجذام بالمستعمرة، التقينا منهم جان فكتوريا 54 عاما التى أكدت أنها بالمستعمرة منذ عام 1984 وتابعت: "أنا سعيدة أوى والحال هنا إتغير تماما عن زمان وكنت بنضف حمامات المرضى وأغسل ملابسهم على إيدى وأغير على الجروح وأرعى المتشوهين بفعل المرض ودى أقل حاجة نقدمها للمرضى"، وتقاطع الجميع لتقول "الحمد لله الوضع أحسن من الأول كتير، وما يحدث مع المرضى بمصر يحدث للمصابين بالمرض فى جميع أنحاء العالم" وتابعت فكتوريا "نقاتل بروح الفرسان لتوفير الراحة والرعاية الكاملة للمريض".
لكن اللافت فى الأمر أن سفارة دولة فرسان مالطا الحاضر الغائب فى المستعمرة، أى أن هناك العديد من أماكن الرعاية الصحية بالمستعمرة من صيدليات وعيادات تبرع من سفارة فرسان مالطا، كما أن الــ 4 متطوعات لخدمة المرضى بالمستعمرة حضرن إليها عن طريق سفارة فرسان مالطا.
أما السيد محمد سالم من القليوبية 60 سنة قال: "بقالنا 22 سنة فى المستعمرة ومبرتحش غير هنا.. بروح أزور أهلى خميس وجمعة وأرجع تانى المستعمرة ومش هنسيب المستعمرة لو هنموت وعاوزينكم تيجوا تزورونا مش بس لما يكون فى أزمة أو غيره تعالوا قولولنا كل شهر عاملين إية وإحنا عندنا كل احتياجتنا مش ناقصنا حاجة بس تعالوا زورونا".
من جانبها، أكدت الدكتورة أحلام سعد الدين مدير مستشفى الجُذام بأبو زعبل، لــــ "اليوم السابع" أن المستشفى بها 7 عنابر للرجال و8 للسيدات وبها 355 سرير وتضم 580 مريضا، مشيرة إلى أن المستعمرة خالية من المصابين بمرض الجذام لكنها تحتضن المتعافين من المرض فقط والتى تعيش بالمستعمرة منذ عام 1933 لكن الحالات الجديدة التى تكتشف تأتى للتشخيص وتحصل على العلاج وتخرج فور تماثلها للشفاء لتعيش بين ذويها وأهلها بشكل طبيعى أما الموجودين بالمستعمرة حالياً الحالا التى اكتشفت قبل ظهور العلاج فى 1984.
وأوضحت أنه لا يوجد عزل لأى مريض حالياً والموجودين حالياً تعافوا من المرض لكن مازالت مضاعفات المرض الظاهرية موجودة، مشيرة إلى هناك 120 مريضا يتم إجراء تغيير على الجروح بشكل دورى بحسب حالاتهم وجميع الحالات تتمتع بنظام غذائى متكامل 7/ 7 ما يعنى أنهم يتغذون على البروتين لحوم وأسماك بشكل يومى وجميع التبرعات التى تأتى لهم يتسلمونها يدا بيد.
وطالبت بزيادة عدد الأطباء والتمريض وقيام وزارة التضامن بتخصيص معاشات لهؤلاء المرضى وتوفير وسائل نقل آمنة للعاملين وسكن مناسب للعاملين داخل المستعمرة وتطوير المنطقة بالإضافة إلى وحدة إسعاف وتخصيص قسم للاستقبال والطوارئ بالمستشفى وتخصيص رقم حساب للتبرع لمرضى الجذام.
وفى ذات السياق، أكد الدكتور عمرو قنديل رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة، لـ "اليوم السابع"، أن الوزارة توفر العلاج النوعى الخاص بمرض الجذام مجانا والذى يشمل أدوية ريفامبسين، كلوفازيمين، دابسون) لجميع مرضى الجذام من خلال عيادات الجلدية والجذام بــ 18 محافظة.
وتابع أن الوزارة تتخذ سلسلة من الإجراءات لمكافحة مرض الجذام أولها توفير العلاج بالمجان وتدريب جميع الأطباء العاملين بعيادات الجلدية والجذام على الاكتشاف المبكر للمرض وفحص مخالطى مرضى الجذام بصفة دورية لاكتشاف المرض، بالإضافة إلى عمل مسوحات طبية مستمرة بالمحافظات لاكتشاف المرض، وإستكمل حديثه، :"لا يتم إنشاء مستعمرات لعزل مريض الجذام بل يتم تشخيصه وعلاجه ومتابعته من خلال أقسام الجلدية بالمستشفيات المركزية وعيادات الجذام بالمحافظات".
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية، حددت القضاء على الجذام بوصفه مشكلة فى عام 1991، بالوصول إلى معدل انتشار للمرض يقل عن حالة واحدة من بين كل 10.000 شخص وتحقق هذا الهدف فى مصر منذ عام 1994 فقد وصل معدل انتشار المرض فى مصر إلى أقل من حالة واحدة من بين كل 10.000شخص.
وأضاف: "عدد الحالات المكتشفة خلال العام الماضى كان 651 حالة فقط على مستوى الجمهورية ومعدل انتشار مرض الجذام خلال عام 2016 بلغ 0.7 لكل 100 ألف شخص فيما بلغ معدل الشفاء معدل الشفاء خلال عام 2016 أكثر من 92%".
حقائق لا تعرفها
1- مرض الجذام فى مصر لا يمثل مشكلة صحية.
2- عدد الحالات المكتشفة فى مصر سنة 2016 بلغ 651 حالة
3- توفر الوزارة العلاج بالمجان للمرضى .
4- 5 % فقط يحتمل إصابتهم بمرض الجذام
5- 95% من البشر يمتلكون مناعة طبيعية موروثة ضد الجذام
6- يستغرق العلاج من 6 إلى 12 شهرا .
مستعمرة الجذام (9)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة