قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن العلة التى حُرِّمَتْ من أجلها خِطبة شاب على خِطبة شاب آخر؛ هى علة أخلاقية بحتة، حيث قال النبى -صلى الله عليه وسلم : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وكل شىء ترفضه الأخلاق الفطرية الإنسانية يرفضه الإٍسلام رفضا قاطعا، ونحن نعلم أن الخِطبة تبدأ فى البداية برؤية وبتشاور وبكلام، وتستمر هذه المرحلة قبل أن يتم التوافق بين الأسرتين، ثم يتم التوافق بينهما وتقبل الأخرى، وحالة قبول أسرة البنت لهذا الشاب أن يكون خطيبًا لابنتهم، تسمى بالمراكنة، يقال ركن فلان إلى فلان يعنى مال إليه واستراح ووقف إلى جواره، فكل من الأسرتين ركنت إلى الأخرى بمجرد الاتفاق، وجمهور الفقهاء على أنه بمجرد أن يتقدم الشاب للخطبة، يحرم على أى شاب آخر أن يدخل فى هذا الطريق، لكن بعض الفقهاء وهو مذهب المالكية يقول بجواز خِطبة الشاب على خِطبة أخيه ما لم تكن هناك مراكنة، فإذا كانت هناك مراكنة بمعنى أنه تم التوافق بين الأسرتين على القبول فإن خطبة الشاب على خطبة أخيه حرام، فالحرمة عندهم لا تبدأ من مرحلة التشاور ولكن تبدأ من مرحلة الاتفاق، فقراءة الفاتحة مثلا، هي علامة المراكنة، التي تبدأ منها الحرمة في المذهب المالكي، لكن قبل الفاتحة فلا حرمة، وهنا نميل لرأي الجمهور الذي يقضي بحرمة خطبة الرجل على خطبة أخيه بمجرد أن يعلم أن هذا الشاب قرع أبواب أسرة المخطوبة حتى ينتهي الأمر تماما، إما بقراءة الفاتحة أو بالرفض، وإذا افترقت الأسرتان فمن حقه التقدم، لأنه لا تجوز المزاحمة والاعتداء على مشاعر الخاطب الأول فربما تفتتن الأسرة بالثاني لثرائه، فحرام على الاثنين، حرام على الشاب وحرام على البنت و أهل البنت إذا قبلوا هذا.
ولفت في حديثه اليومي الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظم، إلى أن الشرع يحرم خطبة المرأة المعتدة من وفاة تصريحًا مراعاة للميت وأهله ويجيزها تلميحًا وتعريضًا مراعاة لحق الزوجة في أن تقترن بزوج آخر بعد خروجها من عدتها، والتعريض ضد التصريح، وهو القصد لمعنى بلفظ يحتمل هذا المعنى ويحتمل غيره، ومن صيغ التعريض: رب راغب فيك من يجد مثلك ، إنك لجميلة، أنت تستحقين كل خير، وكل ما يفهم منه أنه راغب فيها، وكذلك لا شيء فيما لو نوى أو أسر في نفسه أنه بعد انتهاء عدتها سوف يتقدم لها ويخطبها ويتزوجها، لكن ما لا يجوز له أن يفعله هو التصريح بالزواج منها، كأن يقول لها: أريد أن أتزوجك، فهذا حرام، قال تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ..).
وأشار الإمام الأكبر إلى أن الخاطب في فترة الخطبة أجنبي عن خطيبته، وعلى الفتاة أن تفهم هذا جيدا، وعلى الأسرة أن تضع حدًّا لموضوع الزيارات المتكررة للشاب وتردده على بيت خطيبته لأنه ما زال أجنبيا عنها، مؤكدًا أنه لا يجوز للفتاة أن تخرج مع خطيبها بحجة أنه يدرس أخلاقها أو أنه يتعرف عليها، لأنه غريب عنها، ولكن إذا كان خروجهما مع العائلة فلا بأس، ولذلك أتمنى على الأسرة المصرية أن تتعامل مع خاطب ابنتهم ببساطة دون أن تتكلف فوق طاقتها، وأن تعوده على زيارة أسبوعية في وجود العائلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة