حافظ الاقتصاد البريطانى على متانته منذ اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبى، ويبدو أن رئيسة الوزراء تيريزا ماى اختارت الوقت المناسب لتنظيم انتخابات تشريعية مع توقع تباطؤ الاقتصاد خلال العامين القادمين.
وخلافا للتوقعات التى رأت قبل سنة أن الاقتصاد البريطانى سيعانى من ضعف حاد بعد اختيار بريكست، بلغ نمو الناتج الداخلى 1,8% فى 2016 وارتفع الاستهلاك، وانخفضت البطالة إلى أدنى مستوى منذ 1975، وسجلت بورصة لندن مستويات تاريخية.
وهكذا شكلت متانة ثالث اقتصاد أوروبى حجة قوية لدى المحافظين الراغبين بتقوية مواقعهم فى السلطة.
ولكن منذ بضعة أشهر، بدأت تظهر مؤشرات على أن ماكينة الاقتصاد تعانى من خلل مع تسجيل بداية تراجع القدرة الشرائية للأسر يتوقع أن تتفاقم.
ويقول مدير مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال التجارية سكوت كورف ان "توقيت الانتخابات اختير بعناية على ما يبدو ولا سيما بالنسبة للتطورات المنتظر أن تطرأ على الأسر خلال السنوات المقبلة. الأجور تشهد نموا ضعيفا وانتهت الفترة التى كان التضخم فيها منعدما - كل هذا يعنى مجددا تراجع القدرة الشرائية للعائلات".
وخسر الجنيه الاسترالينى 14% من قيمته أمام اليورو منذ الاستفتاء ولا تتوقع شركات صرف العملة تحسن الوضع مع تطبيق بريكست. ومع أن تراجع سعر صرف الجنيه يشجع الصادرات، فإنه يرفع من جهة ثانية أسعار البضائع المستوردة بنا فيها المواد الغذائية.
والتضخم الذى كان قريبا من الصفر فى 2015 ارتفع خلال الأشهر الماضية ليصل إلى 2,7% فى أبريل. ويتوقع أن يصل وحتى أن يتجاوز عتبة 3% بنهاية 2017 ويسرى ذلك على المنتجات الأساسية وكذلك الملابس والأغذية.
- عوامل استقرار -
بما أن زيادة الأجور التى تفوق حالياً 2% بقليل ليست بمستوى التضخم، يتوقع تراجع القدرة الشرائية للأسر وهذا بدوره يؤثر على الاستهلاك الذى يعد المحرك الرئيسى للنشاط الاقتصادي.
ولكن المحلل لدى "كابيتال ايكونوميكس" روث غريجورى يتبنى لهجة مطمئنة بقوله انه "فى ظل شروط الاقراض المناسبة، وسوق العمل الذى لا يزال محتفظا بزخمه، وثقة المستهلكين القوية، فإن زيادة نفقات الأسر ستتباطأ تدريجيا هذه السنة ولن تنهار بشكل مفاجئ".
لكن سوق العقارات يرسل مع ذلك إشارات تباطؤ بعد أن شهد انتعاشا خلال السنوات الماضية وهو ما يمكن أن يؤثر على ميل المالكين إلى الانفاق.
ويتوقع كذلك أن تحجم الشركات وهى مساهم مهم فى النمو عن الاستثمار بانتظار نتيجة مفاوضات بروكسل المفتوحة على كل التوقعات بين لندن وبروكسل. وعلى الرغم من المخاوف، لم تقلص الشركات فى المملكة المتحدة نشاطاتها منذ الاستفتاء ولكنها فى حالة "ترقب" حذرة بانتظار جلاء الوضع.
وبالنهاية يتوقع أن يتباطأ النمو إلى 1,7% هذه السنة وإلى 1,4% السنة المقبلة وفق توقعات اقتصاديين مستقلين جمعتها وزارة الخزانة.
وتكرر أوساط الأعمال القلقة من الخروج من السوق الأوروبية فى إطار بريكست توجيه تحذيرات إلى المحافظين بزعامة تيريزا ماى والمعارضة العمالية بزعامة جريمى كوربن.
وقالت كارولين فيبيرن المديرة العامة للكونفدرالية البريطانية للصناعيين (سى بى آي) وهى الجمعية الرئيسية لأصحاب الشركات ان المملكة المتحدة "على مفترق طرق وعلى الحكومة المقبلة أن تجلب أكبر قدر من الاستقرار للشركات لكى تتمكن من ضخ الاستثمارات الضرورية للازدهار".
ولا يزال يتعين تحديد الخطوط العامة للاتفاق التجارى المقبل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى وكذلك الأطر المنظمة للهجرة من الاتحاد الأوروبى والتى شكلت مصدرا لليد العاملة خلال السنوات الماضية لا يرغب أصحاب الشركات فى تقليصه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة