وبعد سلسلة من التفجيرات وعمليات الدهس والطعن المنفردة التى طالت دولا كانت قبل سنوات فى قائمة الآمنين من ويلات الإرهاب، بدأت الدول الأوروبية التحرك عبر دوائر عدة للتأمين جبهاتها الداخلية، من خلال سن تشريعات جديدة تمنح صلاحيات أوسع للأجهزة الأمنية، وعبر تكثيف المراقبة على مواقع التواصل الاجتماعى التى طالما كانت ملاذا آمنا وقناة اتصال محصنة لمراسلات تنظيم داعش الإرهابى.
وفى باريس طرحت الحكومة الفرنسية مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب نال تأييد المحكمة الإدارية العليا فى فرنسا رغم مخاوف الجماعات الحقوقية بما فيها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من أنه يكرس صلاحيات ممنوحة لقوى الأمن ضمن حالة الطوارئ.
ومن شأن القانون الجديد أن يمنح السلطات المحلية صلاحيات أوسع للتصرف من أجل تأمين أى موقع يعتقد أنه معرض لخطر الهجوم دون طلب الإذن من القضاء أولا، كما أنه يسمح للسلطات المحلية أن تفرض طوقا أمنيا والقيام بعمليات دهم وتفتيش للحقائب دون الحصول على موافقة مسبقة، ومن شأن مشروع القانون أن يسمح بإغلاق أماكن العبادة التى تشجع على التطرف مدة تصل إلى ستة أشهر.
ومن باريس إلى لندن، أعلنت الحكومة البريطانية قبل يومين اعتزامها سن قواعد جديدة من شأنها رصد الأموال التى تسخدم فى تمويل الجريمة والإرهاب.
وبعد الإحصائيات الأخيرة التى كشفت الكم الهائل من مقاتلى داعش الأجانب الذين تعلموا القتال بالأسلحة المتطورة وتركيب المتفجرات والأحزمة الناسفة، أعلنت بريطانيا إنها ستطرح قواعد جديدة، لشن حملة على الأموال التى تستخدم لتمويل الجريمة والإرهاب، وستلزم بنوكا ووكلاء عقاريين ومحاسبين وشركات تحويل أموال بزيادة عمليات الفحص لحركة الأموال.
وقالت الحكومة إن القواعد الجديدة ستحسن جودة عمليات الفحص لضمان أن ترصد الشركات الأنشطة المشبوهة وتبلغ عنها، حيث قال ستيفن باركلى من وزارة الخزانة، فى بيان: "تمويل الإرهاب وغسل الأموال خطران كبيران على أمننا القومى، ونحن عازمون على أن نحول المملكة المتحدة إلى بيئة عدائية تجاه التمويل غير المشروع".
وأضاف "هذه القواعد الجديدة ستشدد دفاعاتنا وستحمى سلامة نظامنا المالى وستساعد فى حماية البريطانيين من الهجمات الإرهابية والأنشطة الإجرامية".
التحرك البريطانى الجديد، جاء بعدما كشفت وزارة الداخلية أن أكثر من 40 شخصا من المتهمين بالضلوع فى أعمال إرهابية، تمكنوا من البقاء على الأراضى البريطانية مستغلين قوانين حقوق الإنسان، حيث ذكرت شبكة سكاى نيوز الإخبارية فى تقرير لها، أن محامو المتهمين بجرائم الإرهاب استندوا إلى مواد فى القانون تتعلق بحماية حقوق الإنسان والتى تنص على عدم اعتقال موكليهم، إلا فى حالة ثبوت الإدانة بشكل قاطع.
وفى بلجيكا، بدأت الحكومة التحرك بشكل مكثف لتأمين جبهاتها من مخاطر "العائدون من داعش"، حيث أعلنت المتحدثة باسم وزير مكافحة القرصنة والفساد لوت فان دير ستوكت، إن بلادها بصدد إنشاء وكالة لمكافحة خطر الإرهاب وحماية الموانئ من القرصنة البحرية، وضمان السلامة البحرية.
وأضافت ستوكت، فى تصريح لقناة بلجيك 24 البلجيكية قبل أيام أن الوكالة التى تعتزم بلجيكا إنشائها، ستعمل بالتنسيق مع موظفى الجمارك ومسئولى الجيش والشرطة، بهدف القضاء على التهديدات المحتملة والإرهابيين المحتمل تسللهم إلى البلاد.
فيما قال وزير مكافحة القرصنة والفساد فى بلجيكا، فيليب دو باكر، "إن بعض السفن تتيح نقل كميات كبيرة من الأسلحة بشكل غير قوانى لصالح الإرهابيين والمنظمات الإجرامية".
وأضاف دو باكر، أن الوكالة الجديدة ستعمل "7 أيام فى الأسبوع، وعلى مدار 24 ساعة"، مشيرًا أن الوكالة سوف تعتمد فى عملها على "معلومات استخبارية للحصول على معلومات مفصلة عن السفن القادمة إلى بحارنا وموانئنا".
وبحسب تقديرات استخباراتية غربية ، ودراسة سابقة أعدها معهد إلكانو الملكى الأسبانى للأبحاث، فإن أعداد عناصر داعش العائدين إلى 12 دولة أوروبية يقدرون بأكثر من 1500 عنصر ، حيث أن 210 أشخاص عادوا من مناطق القتال إلى فرنسا، التى شهدت سلسلة من الهجمات الإرهابية خلال العامين الأخيرين.
كما عاد إلى بريطانيا 450 متطرفا من جملة 850 سافروا للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة فى الشرق الأوسط. وتأتى ألمانيا فى المرتبة الثالثة أوروبيا من حيث الملتحقين بتنظيمات متطرفة، حيث سافر 820 شخصا، عاد منهم 280، بحسب الدراسة.
وبحسب الدراسة نفسها، سافر من السويد 300 متطرف إلى سوريا والعراق، بينما عاد منهم ما يقرب من نصفهم، فيما عاد إلى النمسا 50 متطرفا من أصل 300 ذهبوا للمشاركة فى القتال بسوريا والعراق، وعاد إلى هولندا 45 متطرفا من أصل 280، بينما عاد إلى بلجيكا 120 من أصل 278. فيما التحق من إسبانيا والدنمارك والنرويج وإيطاليا وفنلندا مجتمعة حوالى 635 شخصا بالتنظيمات المتطرفة، عاد منهم 212 شخصا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة