قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامى، إن حب الوطن من الإيمان، وليس كما يزعم البعض أن الأوطان عبارة عن حفنة تراب، بل الوطن تاريخ وثقافة وحضارة، مدللاً ببكاء النبى صلى الله عليه وسلم بينما كان مهاجرًا إلى المدينة حزنًا على فراقه مكة، وقوله: "إنك لأحب الأرض إلى قلبى ولو أن قومك أخرجونى منك ما خرجت".
وأوضح خالد فى الحلقة الخامسة والعشرين من برنامجه الرمضانى "نبى الرحمة والتسامح"، أنه "لا تعارض بين حب الوطن وحب الدين، فكلاهما متمم لبعض، وحب الوطن هو حب للأمة الإسلامية نفسها، لأن الوطن هندسيًا جزء من الأمة، ولا تعارض بين الاثنين، ومن يقول بغير ذلك فهو لايقتدى بالنبى فى حب الوطن، الذى لم يحب مكة، لأن فيها الكعبة فقط، لكن لأنها أرضه الذى ولد وعاش فيه".
وتابع: "لم تحم الأديان إلا الأوطان، ولكل وطن سماته ومذاقه الذى يختلف عن الوطن الآخر، فهذا صوت الشيخ الحصرى، والشيخ رفعت فى مصر له مذاق مصر، والشيخ مشارى راشد فى الكويت له مذاق فى الكويت، غير الشيخ السديس إمام الحرم المكى الذى له مذاق الحرم، الإمام الشافعى هو نفسه فى مصر غير ما كان عليه فى العراق، أرأيتم كيف يصبغ الوطن شخصية الإنسان".
وأشار خالد إلى أن النبى لم يهاجر مباشرة إلى المدينة، بل ظل هو وأبو بكر الصديق داخل "غار ثور"، لمدة 3 أيام، حتى تهدأ الأوضاع وتتوقف قريش عن البحث عنه، ليسلك هو وصاحبه بعدها طريقًا آخر غير معتاد، طريق الساحل القريب من جدة من ناحية البحر الأحمر، بغرض التمويه، مستعينًا بدليل فى الرحلة إلى المدينة.
وأضاف الداعية الإسلامى: "فى غار ثور، هذا المكان الضيق، وهو عبارة عن فجوة صغيرة فى الجبل، مكث النبى وأبى بكر، ومنه خرج الفتح الأكبر والأعظم، مثلما كان "غار حراء"، الذى كان يتعبد فيه النبى، مهبطًا للوحى ونزول رسالة الإسلام عليه، وفى ذلك العبرة، أن الضيق يتبعه سعة، كما أن العسر يتبعه يسر، وأنه مهما اشتدت الأزمات سيأتى الفرج يومًا ما".
وتابع: "كان من اللافت أن النبى وقع اختياره على "غار ثور" ليكون مكانًا لاختبائه هو وأبى بكر، لأن طبيعة المكان الجغرافية صعبة للغاية، فهو فى أعلى قمة الجبل، والصعود إليه يستغرق ما لايقل عن 5 ساعات، وهو ما استوقفنى شخصيًا فى رحلة الصعود إليه، بعد أن شعرت بالمشقة والتعب، لكنه الحيطة والأخذ بالأسباب، حتى مع تكفل الله بحمايته".
وذكر أن النبى استعان فى رحلة الهجرة بدليل هو عبدالله بن أريقط، وكان من المشركين، مع ذلك استأمنه النبى على حياته، رغم إغراء قريش لمن يصل إليه بالحصول على جائزة قوامها 100ناقة، لكنه كانت ثقته كبيرة فيه.
وعلق خالد: "هذا يعنى أن المسلم يمكن أن يثق ويستأمن غير المسلم على نفسه، إذا كان معروفًا عنه الأمانة، وإلا لماذا نطالب غيرنا بأن يثقوا فينا، وأعنى بذلك المسلمين فى الغرب على وجه التحديد لأنهم معنيون بإظهار الثقة نحو الآخر، والتعامل بإنسانية أكبر، فى إطار منظومة الأخلاق والقيم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة