أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، التقرير السنوى الـ30 حول حالة حقوق الإنسان فى قطر، وجاء فى التقرير أنه خلال الفترة التى يتناولها التقرير، اتخذت حكومة قطر بضعة إجراءات محدودة فى مجال حقوق الإنسان، يتقدمها تخفيف قواعد نظام "الكفيل" فى محاولة لتخليصه من شبهة تصنيفه ضمن الأشكال الشبيهة بالرق.
وجاء فى التقرير أن أمير البلاد أصدر عفواً عن الشاعر محمد العجمى الشهير بـ"بن الذيب" بعد ثلاثة سنوات من ملاحقته وإدانته، وأن دولة قطر واصلت مساعيها للعب دور ريادى فى مجال حقوق الإنسان والديمقراطية من خلال استضافة وتنظيم الفعاليات الدولية والإقليمية المهمة.
وتابع التقرير : "خلال خريف 2015، صدر تعديل على قانون تنظيم العمالة الأجنبية التى يبلغ تعدادها نحو مليونى عامل أجنبى تعتمد عليهم البلاد، وبشكل جوهرى ينصب التعديل على إتاحة حق العامل الأجنبى فى مغادرة البلاد دون الحصول على اذن الكفيل، ويبيح تغيير الوظيفة المتعاقد عليها والانتقال لوظيفة أخرى بعد انتهاء عقده، غير أن هذا التعديل لا يمكن العمل به قبل العام 2017، ويأتى هذا القانون بعد تزايد الانتقادات الدولية لوضع العمالة الأجنبية فى البلاد، وخاصة العاملين فى مجال الإنشاءات والإعمار فى سياق تسارع وتيرة الأبنية والملاعب تحضيرا لبطولة كأس العالم التى ستستضيفها قطر فى العام 2022، والارتباط بين الانتقادات فى هذا المجال ومزاعم تقديم دولة قطر لرشاوى للاتحاد الدولى لكرة القدم "الفيفا" لنيل حق تنظيم البطولة العالمية الأشهر".
وأوضحت المنظمة أن السلطات كانت قد أوقفت فى فترة سابقة باحثين لمنظمة تسمى "الشبكة الدولية للحقوق والتنمية"، واحتجزتهما لنحو أسبوعين قبل الإفراج عنهما، وكلاهما من أصول آسيوية ويحمل الجنسية البريطانية، وورد أنهما كانا يجريان "تحقيقاً سرياً" فى أوضاع العمالة الأجنبية.
وأشارت المنظمة إلى أنه فى منتصف مارس 2016، أصدر أمير البلاد عفواً عن الشاعر القطرى "محمد بن راشد العجمي" الشهير بلقب "بن الذيب" بعد 4 سنوات قضاها فى الاحتجاز والملاحقة القضائية، متابعة : "وكان الشاعر قد ألقى قصيدة استندت عليها السلطات فى ملاحقته بتهم "التحريض على قلب نظام الحكم" و"المس بالذات الأميرية"، وتمت إدانته فى نهاية 2012 ومعاقبته بالسجن لخمسة وعشرين عاماً، وجرى تخفيض العقوبة فى محكمة الاستئناف فى فبراير 2013 إلى 15 عاماً، وهو الحكم الذى أيدته محكمة التمييز فى سبتمبر 2013".
ولفتت المنظمة إلى أنها كانت قد التقت بالشاعر فى محبسه فى فبراير 2013 فى إطار وفد حقوقى عربى مشترك بقيادة الأمين العام للمنظمة وبمساندة رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، وأن الوفد المشترك التقى بكل من وزير الداخلية والنائب العام، وأن المنظمة حصلت على "وعد ودى" بتسريع وتيرة إجراءات محكمة التمييز، وكذا العفو عنه فى حال إدانته بحكم نهائى وقد دأبت المنظمة منذ مطلع العام 2014 على دعوة أمير البلاد للعفو عن الشاعر والإفراج عنه.
واستطرد التقرير: "وواصلت دولة قطر جهودها للعب دور ريادى فى مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية عبر تنظيم واستضافة الفعاليات العربية والدولية ذات الصلة، وأسهمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال استضافتها للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان فى تنظيم مؤتمر يتناول تحديات الأمن وحقوق الإنسان بالتعاون مع مجلس وزراء الداخلية العرب فى تونس خلال نوفمبر 2015، كما استضافت مؤتمراً دولياً مهماً بالشراكة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة يتناول تعزيز دور المفوضية فى المنطقة العربية بحضور "زيد بن رعد" المفوض السامى لحقوق الإنسان، وشمل حضوراً عربياً حكومياً وغير حكومى".
ولفتت المنظمة إلى أنه بالرغم من خفض موازنتها المالية بشكل لافت واتخاذ العديد من الإجراءات الحكومية التقشفية ارتباطاً بانخفاض أسعار النفط والغاز عالمياً، فقد واصلت دولة قطر تقديم الدعم والإغاثة الإنسانية للمنكوبين فى مناطق الأزمات ومخيمات اللجوء فى العديد من البلدان العربية، ولكنها تلقت اتهامات متزايدة بدعم التنظيمات والميليشيات الإسلامية التى يندرج العديد منها تحت تصنيف "الإرهاب"، وخاصة فى سوريا وليبيا.
وأضاف التقرير الصادر عن المنظمة العربية قائلا: "لقيت الجهود القطرية للوساطة فى تبادل جنود أمريكيين بقيادات من حركة طالبان الأفغانية واستضافتهم لعدة سنوات مقبلة فى قطر العديد من الانتقادات، بما فى ذلك الاتهامات بدعم الإرهاب،وفى ديسمبر 2015، تم اختطاف 26 مواطناً قطرياً، بينهم أفراد من العائلة الحاكمة فى محافظة السماوة جنوبى العراق خلال رحلة لصيد الصقور التى تشتهر بها المنطقة، ولا يزال مصيرهم غامضاً حتى إعداد التقرير، وتواترت معلومات غير مؤكدة حول مرافقة اثنين سعوديين لرحلة الصيد وأن أحدهما من الأسرة الحاكمة فى السعودية،وقد أدانت المنظمة حادثة الاختطاف، وحملت السلطات العراقية المسئولية عن الواقعة، خاصة وأن رحلة الصيد كانت مرخصة، وتحركات فريق الصيادين كانت معروفة للإدارة الأمنية بمحافظة السماوة، واتهمت بعض المصادر ميليشيات عراقية موالية لإيران بتنفيذ عملية الاختطاف، بينما ذهبت مصادر أخرى أن الحادثة ترتبط بنشاط إجرامى يستهدف طلب فدية مالية كبيرة للإفراج عن المختطفين".
ونوهت المنظمة إلى أنه خلال الفترة التى يغطيها التقرير، لم تتخذ الدولة أية إجراءات للخروج من حالة الجمود فى مجال حقوق الإنسان على الصعيد الوطني، لافتة إلى أنه لم تنضم دولة قطر لأى من العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذين يشكلان الأساس للقانون الدولى لحقوق الإنسان وأنها تواصل العمل بدستور 2003 الذى لا يؤسس لحياة نيابية بالوسائل الديمقراطية والمشاركة فى إدارة الشئون العامة، ولا يؤسس لفصل مناسب بين السلطات، ولا يحقق الدستور ولا القانون أسساً ملائمة لقضاء مستقل، وتنصرف بعض بواعث القلق فى هذا السياق إلى الاعتماد بصفة أساسية على القضاة المنتدبين من دول أخرى برواتب كبيرة تدفعهم لإرضاء السلطات حرصاً على تجديد تعاقداتهم.
وشددت المنظمة على أن استمرار العمل بقانون "حماية المجتمع" يشكل استمراراً لحالة طوارئ واقعية بغطاء قانونى ويسمح بتجريم أى نشاط ذا طبيعة سياسية،مضيفة أنه مع الدور المتميز الذى تلعبه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية ممتثلة لمباديء باريس للعام 1992، وكآلية تخاطب مهمة فى شكاوى حقوق الإنسان، لا توجد منظمات غير حكومية عاملة فى مجال حقوق الإنسان، ولا تتوافر المقومات للترخيص والنشاط لمؤسسات المجتمع المدنى فى شتى المجالات.
واختتمت المنظمة العربية لحقوق الانسان تقريرها :"قطر تفتقد لإعلام مستقل، حيث تخضع كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لأشكال متنوعة من الرقابة، فى مقدمتها الرقابة الذاتية،ومع الإقرار بدورها التاريخى فى ثورة الفضائيات العربية المتلفزة، ورغم انحسار شعبيتها التى تكاد تتلاشى على خلفية انخراطها فى إشعال الأزمات فى بلدان الجوار العربي، لا تتناول قناة الجزيرة بأى صورة من الصور الاختلالات التى تعانى منها البلاد، بما فى ذلك الأزمات التى تعرض لها النظام السياسى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة