مصر فى ملفات الـ"CIA"..أسرار خطة أوباما لدعم الإسلاميين.. كيف صدم الرئيس الأمريكى مبارك فى خطاب جامعة القاهرة.. كواليس لقاءات الرئيس الشاب وقادة الإخوان بالبيت الأبيض.. ودور "سكوبى" لفتح قنوات اتصال مع التنظيم

السبت، 10 يونيو 2017 01:04 م
مصر فى ملفات الـ"CIA"..أسرار خطة أوباما لدعم الإسلاميين.. كيف صدم الرئيس الأمريكى مبارك فى خطاب جامعة القاهرة.. كواليس لقاءات الرئيس الشاب وقادة الإخوان بالبيت الأبيض.. ودور "سكوبى" لفتح قنوات اتصال مع التنظيم أوباما ومبارك
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل المسجد «خالعا نعليه» بخطى ثابتة.. متقنًا الدور الذى رُسم له قبل أن يستقل طائرته من واشنطن للقاهرة، وبجواره وزيرة خارجيته مرتدية الحجاب لتكمل الصورة التى أراد أن يصدرها للعالم، وبدا للعيان مبهورا بالحضارة الإسلامية التى برزت معالمها فى كل زاوية من زوايا مسجد السلطان حسن، الذى أصر الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن يكون محطته الأولى فى مصر.
 
لم يكن مفهوما فى بداية الأمر لماذا أصر أوباما أن تبدأ جولته بزيارة المسجد الأثرى قبل مخاطبته للعالم الإسلامى، ففى الوقت الذى كان النظام المصرى يرى فى تلك الزيارة بداية جديدة مع واشنطن بعد فتور ساد العلاقات فى عهد جورج بوش الابن، كان رب البيت الأبيض الجديد يخطط فى الخفاء لشراكة مع حلفاء جدد فى دول الشرق الأوسط على حساب حلفاء الأمس، حرص على مغازلتهم بتلك الصورة الدينية التى صدرها من داخل المسجد.
 
غاص موكب الرئيس الأمريكى فى شوارع المحروسة، التى بدت صباح الرابع من يونيو 2009 خالية تماما من المارة، وفى الطريق لقصر القبة ثم جامعة القاهرة كانت الشرفات مغلقة والمبانى صامته.. لوحة خالية من أى مظاهر للحياة، ولم تكن حرارة يونيو هى التى أجبرت الشعب المصرى على القبوع خلف الجدران، بل كان السبب القبضة الأمنية التى فرضتها الدولة قبل ساعات من وصول الرئيس الأمريكى.
 
مشهد شوارع القاهرة لم يتم رصده من قبل الوفد الأمريكى على أنه سيطرة أمنية، بقدر ما أظهر السلطة الحاكمة فى صورة الدولة الشمولية، لتزيد تلك الصورة القاتمة من ضعف نظام مبارك فى عيون الأمريكان، وبتلك السقطات سهلت السلطة على أوباما تنفيذ خطته، حيث غادر القاهرة وهو عى قناعة بأن حليفه فى مصر أصابته الشيخوخة ولم يعد قادرا على تنفيذ ما تسعى له واشنطن فى المنطقة فى المستقبل القريب.
 
حانت اللحظة الحاسمة ووصل الضيف المنتظر لقاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة، وسط ترقب داخل المؤسسات المصرية حول ما يخفيه «الرئيس الأسود» فى جعبته للعالم الإسلامى، خاصة أن الإدارة الأمريكية فرضت سياجا من السرية حول خطاب الرئيس الذى سيلقية متحدثا للعالم الإسلامى، حتى إن وزير الخارجية- آنذاك- أحمد أبوالغيط حاول خلال زيارته لواشنطن قبل الزيارة أن يستخلص أهم النقاط، لكن الأمريكان تحفظوا، ليفاجئ أوباما الحضور ببدء خطابه بـ«السلام عليكم» لتبدأ مرحلة تحالف واشنطن والإسلاميين.
 
مد يد العون للحلفاء المسلمين كان شعار زيارة الـ9 ساعات للرئيس الأمريكى للقاهرة، ففى الصفوف الأولى للقاعة الكبرى جلس نواب الإخوان المسلمين بناء على دعوة رسمية من قبل السفارة الأمريكية فى القاهرة، لحضور الخطاب، وكانت الدعوات من الرئيس الأمريكى شخصيا، على الرغم من أنها كانت تبدأ بجملة «يتشرف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى والدكتور حسام كامل رئيس الجامعة بدعوتكم».
 
الآيات القرآنية التى تخللت خطاب أوباما ثلاث مرات على مدار 45 دقيقة.. وقصره الإرهاب على القاعدة دون باقى التنظيمات الدينية.. ووصفه للإسلام بـ«جزء لا يتجزأ من أمريكا».. كلها رسائل تلقفتها جماعة الإخوان لتطرق باب الإدارة الأمريكية الجديدة فى العلن، وفى المقابل تلقفتها أجهزة الدولة والحزب الوطنى الحاكم ليتيقنوا أن القادم فى العلاقات مع أمريكا سيكون الأسوأ.
 
وثائق المخابرات الأمريكية الـ«CIA» عن تلك الفترة من تنامى نفوذ الإخوان فى مصر قدمت نصحا لإدارة «أوباما» بأن الإخوان «لا يُخشى بأسهم، بل هم البديل الأكثر مسؤولية فى مصر، وأن الولايات المتحدة تستطيع أن تتعايش معه»، وأكد التقرير أن تنامى قوة جماعة الإخوان المسلمين وانتشارها بين المجتمع المصرى يمثل خطرًا حقيقيًّا، ويهدد المصالح الأمريكية فى المنطقة، ولكن فى المقابل أكد التقرير أن استهداف الجماعة يُعد خطرًا أكبر يهدد الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها فى منطقة الشرق الأوسط، وذلك بسبب الفراغ الذى قد تتركه الجماعة بالمجتمع المصرى، مما يؤدى إلى ظهور الجماعات المتشددة والتكفيرية.
 
وتوقع التقرير وجود دور كبير للجماعة فى مواجهة نظام مبارك، إذا ما كان هناك تحرك شعبى رافض للأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة آنذاك، مشددا على أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل أهون الشرّين من الجماعات التكفيرية والمتشددة، كما أكدوا أن تنامى قوة الإخوان وبسط نفوذهم على المجتمع المصرى يهدد المصالح الأمريكية، وأن الصدام المباشر مع جماعة بهذا الحجم يمثل تهديدًا أخطر على الولايات المتحدة».
 
تقارير الـ«CIA» كشفت أنه قبل الخطاب بشهرين، أى فى شهر إبريل حدث لقاء بين ممثلين عن الإخوان ومسؤولين فىالإدارة الأمريكية، كما كشفت الوثائق أيضا عن لقاء تم بين أوباما فى البيت الأبيض مع ممثلين عن جماعة الإخوان على مأدبة إفطار فى شهر رمضان 2009، وأنه قبل منهم هدية عبارة عن مصحف عليه شعار جماعة الإخوان، وخطاب حسن نوايا من الجماعة، تنبذ فيه العنف كعقيدة تخالف الإسلام، كما تعهدوا بأنهم لا توجد لديهم ضغائن تجاه إسرائيل، وأنهم يؤمنون بمبدأ التفاوض، وأنهم لا يعارضون السلام مع دولة إسرائيل، وهى العهود التى التزمت بها الجماعة فعليا بعد صعودها للحكم فى 2012.
 
لم تكن محصلة زيارة أوباما للقاهرة جيدة بالنسبة لنظام مبارك الذى استشعرت كل أركانه بالخطر، باستثناء الرئيس حسنى مبارك الذى كان يعيش أجواء من الحزن على وفاة حفيده محمد قبل أسابيع قليلة من الزيارة أدت إلى انزوائه بعيدا عن الأضواء فى الفترة الأخيرة وعدم تركيزه فى إدارة شؤون الدولة، حتى ترددت شائعات كثيرة عن صحة الرئيس، وما إذا كان هو الذى يدير أم أنه منح التركة لجمال مبكرا.
 
حالة مبارك النفسية سيطرت على أجواء القمة فى قصر القبة، حيث ظهر الرئيس أمام أعين الأمريكان غير مؤثر منغمسًا فى أحزانه لم يتبادل أطراف الحديث مع الرئيس الأمريكى وسيطرت فترات الصمت كثيرًا على الحوار، خرج أوباما من القصر وهو يعى جيدا أن الوقت قد حان لتنفيذ مخططة فى الشرق الأوسط، انطلاقا من مصر بتمكين الإسلاميين من الحكم.
 
استقل أوباما طائرته مغادرًا القاهرة وقد اكتملت الخطة فى رأسة.. وفور وصوله عين مارجريت سكوبى سفيرة لواشنطن بالقاهرة، قيل وقتها، إن مهمتها فى مصر فتح حوار مع جماعة الإخوان المسلمين التى أصبحت فاعلاً أساسيًّا على المسرح السياسى المصرى، فى وقت يكتنف الأمريكيون الغموض حيال المستقبل السياسى لمصر بعد حكم مبارك.
 
وبعد أشهر قليلة من تعيينها أكدت سكوبى فى تصريح أثار جدلاً كبيرًا فى مصر مساندة بلادها لانتخابات حرة ونزيهة فى مصر، معتبرة أن الشخص الذى سيشغل منصب الرئيس قرار عائد للشعب المصرى، مشددة على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال ملتزمة بتطبيق الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان فى مصر، وتقف بثبات وراء الجهود التى يبذلها نشطاء الديمقراطية فى العالم أجمع، أول حديث للسفيرة الأمريكية جاء فى وقت يستعد فيه الحزب الوطنى الديمقراطى لعقد مؤتمره العام، وقبل أشهر قليلة من انتخابات برلمانية حاسمة لينذر بأن البلاد مقدمة على انفجار.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة