وسط حالة من العزوف عن المشاركة واليأس من تغيير سياسى حقيقى وتدابير أمنية مشددة، انطلقت الانتخابات التشريعية الجزائرية صباح اليوم الخميس، وهى الانتخابات الأولى فى ظل تعديلات دستورية قلصت من صلاحيات الرئيس، والسادسة فى الجزائر منذ إقرار التعددية الحزبية فى دستور 1989.
عبد العزيز بوتفليقة
وسيطر على المشهد الانتخابى حرص المسئولين والسياسيين البارزين على الإدلاء بأصواتهم منذ الصباح الباكر، وفى مقدمتهم الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة، الذى قطع بظهوره اليوم داخل اللجنة على كرسية المتحرك الشكوك حول تدهور حالته الصحية.
ونشرت وسائل الإعلام المحلية صورًا وفيديو الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة من داخل اللجنة الانتخابية أثناء الإدلاء بصوته فى مدرسة البشير الإبراهيى بالأبيار، حيث ظهر برفقة عدد من أفراد عائلته، منهم شقيقيه سعيد وعبد الرحيم، فيما رافقه جنبا إلى جنب أحد أبناء أشقائه.
وقالت صحيفة النهار الجزائرية، إن الرئيس بوتفليقة حرص على اقتراب الصحفيين والمصورين منه، حيث أمر مرافقيه والحرس الشخصى التابع للرئاسة بالسماح للمصورين بالتقرب منه ومنحهم كامل الوقت لالتقاط صور ولقطات لعملية تأديته لواجبه الانتخابى.
الصناديق بها بضع بطاقات
ومن جانبه أكد جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى، على أن حزبه سيفوز بتشريعيات 2017، مضيفًا على هامش قيامه بالإدلاء بصوته: "نحن الحزب الوحيد الذى استطاع جمع 17 ألف جزائرى فى القاعة البيضاوية خلال الحملة الانتخابية".
وأشار الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى، إلى تصريحاته التى قال فيها قبل أسبوع بأن الحزب سيبقى فى الحكم 100 سنة، والتى أثارت الكثير من الجدل، بأنه قالها عن قصد، موضحًا أنه كان يقصد استهداف أحزاب أخرى التى كانت نائمة خلال الحملة الانتخابية.
وفى السياق ذاته، قال نور الدين بدوي، وزير الداخلية والجماعات المحلية، إن الانتخابات بالجزائر تسير على وتيرة هادئة بسبب توفر كافة الظروف الملائمة لذلك، مشيرًا إلى أن نسبة التصويت حتى العاشرة صباحا بلغت 4.13%، ومفيدًا أن مشاركة المواطنين فى هذه الانتخابات هى رد قوى على المشكيكين فى لحمة الشعب الجزائرى.
رئيس الوزراء الجزائرى داخل وزارة الداخلية
وكان رئيس الوزراء عبد المالك سلال من أوائل الذى أدلوا بأصواتهم اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، ثم قام بزيارة تفقدية لمديرية العمليات الانتخابية والمنتخبين بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، حيث تفقد خلية التنسيق وتلقى شرحًا بغرفة العمليات بالمديرية من قبل مدير الحريات والشئون القانونية.
النساء فى مقدمة الناخبين
وبخلاف الصورة الإيجابية التى نشرتها وسائل الإعلام الرسمية، نشبت بعض الخلافات فى مناطق متفرقة بالجزائر، حيث وقعت عمليات عنف على مُستوى ولاية البويرة التى تقع في شمال البلاد، حيث قال موقع "البلاد" الإخبارى الجزائرى، إن صباح اليوم شهد بعضًا من الأعمال المُتفرقة للفوضى والعُنف بعدة بلديات وقرى تابعة لها، كانت الأكثر تضررا فيها بلدية "الصحاريج".
وأشار الموقع، إلى أن بعض الشباب أقدم فى الساعاتِ الأولى من صباح اليوم، على اقتحام مراكز ومكاتب التصويت وتسجيل تجاوزات بها، مُتمثلة فى تخريب وحرق صناديق الاقتراع أمام أعين الأمن والسكان الذين كانُوا يتأهبون للأداء بأصواتهم .
بدء توافد الناخبين
وأضاف موقع "البلاد" الإخبارى الجزائرى، أن مجموعة من المواطنين بقرية "الرافور" التابعة لبلدية "مشبالة" قاموا بقطع الطريق الوطنى رقم 26 الرابط بين البويرة وبجاية لمنع الناخبين من الالتحاق بمراكزِ ومكاتب الاقتراع وشل الحركة بالمنطقة، فيما تواصلت أعمال شغبٍ مُتفرقة "فى بلدية " تاغزولت" .
يأتى ذلك فى الوقت الذى قالت فيه المديرية العامة للأمن الوطنى، أنها جندت 200 ألف شرطى، لتأمين الانتخابات التشريعية بينهم 44 ألف عون مهمتهم تأمين وحماية مكاتب ومراكز الاقتراع، إلى جانب تسخير مروحيات وكاميرات مراقبة ومختصين فى المتفجرات.
وأكد عميد أول للشرطة، مجيد سعدى، مدير الطريق العام بمديرية الأمن العمومى بالمديرية العامة للأمن، أن 44 ألف و500 شرطى سيؤمنون 4904 مراكز و29913 مكتبًا للاقتراع، كما ستعمل فرق مختصة فى المتفجرات على تأمين مكاتب ومراكز الاقتراع ومحيطها أيضا 48 ساعة قبل الموعد الانتخابى، إلى جانب تأمين المتدخلين والعتاد المتعلقين بالعملية الانتخابية سواء كانوا أجانب أم جزائريين من بينهم الصحفيون الأجانب، وأعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وحماية الملاحظين، فلكل ملاحظ فوج يضم رئيس فوج و3 أعوان شرطة.
سلال خلال جولة بالانتخابات
وعلى جانب آخر حدثت مناوشات بين أنصار الحزب الحاكم وأنصار الأحزاب الإسلامية المشاركة فى المنافسة الانتخابية، حيث وقعت فى محافظة الوادى بالجزائر، اشتباكات عنيفة بين أعضاء حزب حركة مجتمع السلم أحد الأحزاب الاسلامية التى تخوض السباق الانتخابى، جناح الجزائر لتنظيم الإخوان، وأعضاء حزب "جبهة التحرير الوطنى" الحزب الحاكم، وتم تسجيل إصابات.
وفى هذا الإطار قال عبد اللّه جاب الله صباح اليوم الخميس، رئيس الإتحاد من أجل النهضة والعدالة على هامش الإدلاء بصوته، إنه تمّ تسجيل بعض التجاوزات فى عدّة ولايات، مضيفًا أنه تم تسجيل ملاحظات من طرف المراقبين تم تبليغها للهيئة المستقلة، موضحًا أن بعض رؤساء المراكز الانتخابية اختلقوا أعذارًا لإبعاد مراقبى الأحزاب ووصفها بالتصرفات الـ"لاأخلاقية".
وهو الأمر الذى قلل منه الحزب الحاكم، حيث قال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى اليوم علمه بحدوث مناوشات بين مناضلى حزبه وحركة حمس الإسلامية فى الوادى، إن حدوث مناوشات فى بعض الأحيان "أمر عادى" لكن لم تسجل أى تجاوزات من جانب مناضلى الحزب.
ورصد رواد مواقع التواصل الاجتماعى ضعف الإقبال بالجزائر فى الساعات الأولى من بدء عملية التصويت بالانتخابات التشريعية للعام 2017، وقاموا بمشاركة صور صناديق الاقتراع التى مازالت حتى الساحة خاوية فى حين بعضها يحتوى على بطاقة أو بضع بطاقات، مؤكدين على أنه لم يعد هناك ثقة فى أن تلك الانتخابات ستأتى بجديد للبلاد.
وشهدت الساعات الأولى للانتخابات عزوفًا ملحوظًا، حيث بلغت نسبة المشاركة بولاية تيارت 5.2% إلى غاية العاشرة صباحا، وفى ولاية قالمة بلغت نسبة المشاركة بولاية 1.13 % إلى غاية العاشرة صباحا، وفى ولاية سكيكدة بلغت نسبة المشاركة 3.77%، وفى ولاية جيجل نسبة المشاركة بلغت 2.66%، وفى ولاية الجلفة بلغت نسبة المشاركة 4.44%، فى حين بلغت نسبة التصويت بولاية تندوف وصلت 13.84 % وهى الأعلى بين الولايات، وفى بجاية بلغت نسبة المشاركة 2.75%.
الجزائريون يشاركون بالانتخابات
ويتنافس فى تلك الانتخابات - التى تعد السادسة فى تاريخ تعددية الأحزب بالجزائر - 57 حزبًا سياسيًا فى الانتخابات التشريعية الجزائرية لشغل 462 مقعدًا يتشكل منها البرلمان الجزائرى.
ويعد حزب جبهة التحرير الوطنى – حزب الرئيس - وأكبر الأحزاب السياسية الجزائرية، أحد أبرز الأحزاب انتخابيا ويليه حزب التجمع الوطنى الديمقراطى ورئيس أحمد أويحيى رئيس ديوان مؤسسة الرئاسة السابق.
فى حين تخوض الأحزاب الإسلامية هذه الانتخابات عبر تكتلين، حيث يرغب الإسلاميون فى حجز مكان لهم بالسلطة فى مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتوحدت خمس أحزاب إسلامية فى ائتلافين الأول "حركة مجتمع السلم-جبهة التغيير" متقدمين عبر ،51 قائمة، و تحالف "نهضة-عدالة - بناء".
وسيتم الإعلان عن نتائج الانتخابات غد الجمعة من قبل وزير الداخلية والجماعات الداخلية نور الدين بدوى، بالمركز الدولى للمؤتمرات، ويقوم بمراقبة مجريات العملية الانتخابية التشريعية بالجزائر، إلى جانب الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، أكثر من 300 ملاحظ دولى، من ضمنهم ممثلون عن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى.
السياسى أحمد أويحى يدلى بصوته
وقال عبد الوهاب دربال رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، فى تصريحات نقلها موقع "جزايرس" إن وفود المراقبين الدوليين يضمون 150 مراقبَا من الجامعة العربية، ونفس العدد من الاتحاد الأفريقى، إلى جانب حوالى 20 مراقبًا من منظمة التعاون الإسلامى، وملاحظين من الاتحاد الأوروبى ومنظمة الأمم المتحدة.
وأوضح رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، أن الملاحظين الدوليين لهم الحرية الكاملة فى اختيار الولايات أو المناطق التى يرغبون فى التوجه نحوها، معتبرًا أن حضور المراقبين الدوليين، يؤكد على ثقة السلطات فيما تقوم به، وعلى توفير الضمانات الكافية لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة