من بلاد ما بين النهرين القديمة إلى الإمبراطورية الرومانية، ثم الفتوحات الإسلامية والعثمانية، وصولاً إلى المنطقة المحيطة لنهرى دجلة والفرات، تكونت إلى حد كبير كل من العراق وسوريا، لهذا تعتبر الدولتان من أقدم المناطق الأكثر تخزينا للتراث فى العالم.
لهذا تعتبر سوريا والعراق من أقدم البلاد التى تحوى تراثا على مستوى العالم، وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، عانت الدولتان من حروب أهلية مستمرة، ليس تدميرا لشعب فحسب، بل لتراثها الثقافى أيضا، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع net art news.
وقالت مارينا جابرييل، منسق مشروع الحفاظ على التراث، ومنسق تقصى الحقائق فى المدارس الأمريكية للأبحاث الشرقية، إن الدمار الذى لحق بسوريا والعراق لم يسبق له مثيل فى التاريخ الحديث، كما أن هذا الدمار طال بشكل خاص المناطق التاريخية الأثرية الأهم على مستوى العالم.
وأوضحت مارينا جابرييل، أنه فى نهاية أبريل الماضى، تمكنت القوات العراقية من استعادة مدينة حترة القديمة فى العراق من مقاتلى داعش، وعندما قامت إدارة الآثار فى الدولة بتفتيش الموقع، تأكدت أن المدينة هى إحدى أفضل المواقع الأثرية فى العراق.
كما قدم فريق الآثار، تفصيلا شاملا عن الأضرار التى لحقت بالمدينة أثناء احتلال "داعش" لها فى عام 2014، مضيفة أن هناك عددا لا يحصى من المدن فى سوريا والعراق لا تزال تعانى من أضرار لا يمكن إصلاحها منذ بدء الصراع فى عام 2010.
وأشارت مارينا جابرييل، إلى أن تدافع عالمى متزايد لإيجاد سبل لحماية التراث الثقافى على أفضل وجه فى أوقات الحرب، ولذلك قد تم تأسيس التحالف الدولى لحماية التراث الثقافى فى مناطق الصراع (أليف)، وترأس المنظمة كل من فرنسا والإمارات العربية المتحدة، وتم جمع مبلغ أولى يبلغ قدره 75.5 مليون دولار لحماية التراث الثقافى المعرض للخطر.
وتابعت جابرييل، أن 6 بلدان وقعوا اتفاقية لمجلس أوروبا تحظر من تجارة "الآثار منهوبة"، ردا على عمليات النهب غير المشروعة التى تقوم بها الجماعات الإرهابية، والتى ربحت من خلالها 150 مليون دولار.
ومن ناحية أخرى، ترى منظمة اليونسكو، أن التدمير المدمر المتعمد للتراث الثقافى جريمة حرب، وتقوم داعش بتدمير التماثيل الفنية لاعتبار إياها "وثنية" لهذا أصبحت جميع الأعمال الفنية فى المتاحف والمساجد والكنائس أهدافهم يدمرونها للتخلص منها عن طريق أدوات الحروب المختلفة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل استمر مجموعة من الأشخاص على تحطيم بعض من الرموز الأثرية لنهبها وبيعها فى السوق السوداء.
ومع استمرار الجهود للحفاظ على ما تبقى من هذه المواقع، نعرض أهم مواقع التراث الثقافى فى المنطقة التى تضررت أو دمرت فى سوريا والعراق:
سوريا
وقد تعرضت مواقع التراث الثقافى الستة المعتمدة فى سوريا للخطر بشكل رسمى منذ عام 2013، وتم الإبلاغ عن تعرضها للتلف حتى مارس 2016، فهذه المناطق تمثل محورا لكثير من تاريخ المنطقة الغنى الطويل، وإلى جانب ذلك فإن المواقع الأثرية القديمة مثل العاصمة الرومانية القديمة بصرى، الآشورية تل الشيخ حمد، إيبلا ومارى من العصر البرونزى، دورا يوروبوس، مجمع القلعة كراك ديس تشيفاليرس فى القرون الوسطى، كما تعرضت المدن القديمة فى شمال غرب سوريا، بين حلب وإدلب، للتلف.
حلب
احتلها داعش من يوليو عام 2012 إلى ديسمبر 2016، وكانت واحدة من مفترق الطرق التجارية الرئيسية من الألفية الثانية، كما أنها تضم القلعة التى تعود للقرن الـ 13، المسجد الكبير الذى بنى فى القرن الثانى عشر، الكنائس المسيحية فى القرن السادس عشر، أو المساجد والقصور العثمانية التى يعود تاريخها المعمارى إلى العصر اليونانى والرومانى، وقام مقاتلون متمردون بغزو المدينة للمرة الأولى فى عام 2012، وكانت أكبر المعارك السورية فى عام 2012، واستمرت المعارك هناك حتى 22 ديسمبر 2016، ووفقا لخريطة الأقمار الصناعية التى قامت بها اليونوسات، تضررت 35،722 مبنى فى حلب اعتبارا من سبتمبر 2016، وبحسب ما ذكره اليونسكو فأن تاريخ المدينة القديمة التاريخية قد دمرت.
وقالت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، إن تدمير إحدى أكبر المدن وأكثرها فى العالم هو مأساة لجميع السوريين وللإنسانية جمعاء.
الرقة
محتلة من قبل داعش من مارس 2013 حتى اليوم، كانت مدينة الرقة، التى تقع على بعد 160 كيلومترا شرق حلب، على نهر الفرات، أول عاصمة إقليمية يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، وهى واحدة من المدن القليلة التى لا تزال محتلة.
ووفقا لخريطة تفاعلية نشرتها صحيفة نيويورك تايمز فى عام 2015، دمر مقاتلو داعش ثلاثة مزارات تاريخية لشخصيات إسلامية فى مسجد عمار بن ياسر، وهو موقع للحج الشيعى، وقد تم الإبلاغ عن الأضرار التى لحقت بالمدينة القديمة التاريخية، التى كانت العاصمة العباسية بين عامى 796 و 809، وتحديدا فى المنطقة المحيطة بمتحف الرقة، الذى كان مكرسا للحفاظ على التراث الثقافى .
تدمر
احتلتها داعش فى مايو 2015 إلى مارس 2016، ومرة أخرى فى ديسمبر 2016 إلى مارس 2017، احتلت داعش تدمر مرتين، وقامت القوات السورية والروسية مؤخرا باستصلاح المدينة فى مارس من هذا العام.
وخلال أول احتلال لها فى عام 2015، دمر مسلحون الأسد اللات، وهو تمثال يبلغ من العمر 2000 سنة كان يحرس فى وقت سابق معبد قديم مخصص لآلهة ما قبل الإسلام، وفقا لما ذكرته هيئة الاذاعة البريطانية.
وكان الأسد يحرس متحف تدمر، وقد تم نقل القطع الأثرية المتواجدة داخل للمتحف إلى أماكن أخرى فى البلاد لحفظها، وفى نفس الصيف، قصفت داعش معابد بيل وبالشامين، الذى يقع بالقرب من المقابر القديمة والقرون الوسطى.
وفى أكتوبر، دمر داعش قوس النصر فى المدينة، وتشمل الأضرار الأخرى مسجد السلطانية ومتحف الفنون الشعبية اللذين دمرتهما قنابل مزروعة من قبل داعش.
وفى الآونة الأخيرة، خلال احتلال داعش الثانى للمدينة، دمرت المجموعة بقايا تيترابليون الرومانى القديم وجزء من مسرح رومانى قريب، فى وقت ما بين ديسمبر 2016 وفبراير 2017.
العراق
فى العراق، ثلاثة من أصل أربعة مواقع للتراث الثقافى مسجلة، فى خطر رسميا، حيث قامت داعش بحفر الأنفاق فى الموصل ومواقع التراث الأخرى بحثا عن الآثار لبيعها على الإنترنت والسوق السوداء.
وقالت ماريا بوهمر، وزارة الخارجية الألمانية، فى اجتماع للجمعية العامة لليونسكو عام 2015، إن العراق مهد لحضارتنا المشتركة، وعلى المجتمع الدولى أن يبذل كل ما فى وسعه لوضع حد لهذه الجرائم.
الحضر
احتلها داعش من 2014 إلى 2017، بنيت فى القرن الثالث قبل الميلاد، صمدت الغزوات الرومانية فى القرن الأول، وكانت تتميز بمزيج من الهندسة المعمارية اليونانية والرومانية والشرقية، ولكن فى عام 2014، جرفت داعش المدينة، كما أنها نهبتها وأتلفتها.
وفى خلال فترة الاحتلال الثانية، تم تجنب المزيد من الأضرار، ولكن أحد الباحثون، يوضح أن هناك أدلة على أن المدينة كانت تستخدم كموقع للتدريب العسكرى.
الموصل
احتلتها داعش فى يونيو 2014، تقع على نهر دجلة، عندما استولت داعش على الموصل أولا، أحرقت مكتبتها التاريخية، وعلى الرغم من جهود المواطنين لإبعاد المسلحين بسلسلة بشرية، دمرت ونهبت قبرا يعتقد أنه ينتمى إلى النبى التونسى جوناه (من شهرة "جوناه والحوت") فضلا عن مسجد مخصص للقديس جورج.
كما قامت داعش بحفر نفق تحت المدينة، وشوه مقبرة قريبة، ويوضح الباحثون، أن هناك تقارير تشير إلى أن داعش يجبر السجناء على تحطيم المقابر كنوع من العمل الجبرى.
نمرود
احتلتها داعش من 2014 إلى نوفمبر 2016، تقع على بعد 20 ميلا جنوب الموصل، العاصمة الملكية للإمبراطورية الآشورية الجديدة فى منتصف 800 قبل الميلاد، وظلت العاصمة الدينية حتى القرن السابع. وتتضمن المبانى الملكية الضخمة، التى كانت مزينة بالمنحوتات، والنقوش، والبلاط المزجج.
وذكر قيس رشيد نائب وزير الثقافة والآثار فى العراق، أن 80 % من مبانى الموقع تحولت إلى ركام، كما أن الهجوم على آثار نمرود، لم يستهدف تنظيم الدولة الإسلامية فقط، بل يستهدف المعالم الأثرية القديمة التى يفسرونها على أنها وثنية.
نينوى
محتلة من قبل داعش، تحتوى على القصر الضخم للملك الآشورى سنحاريب، الذى تحول 70 % منه إلى ركام، كما دمرت جدار التحصين فى المدينة، التى تعود إلى أكثر من 2500 سنة.
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
المواقع التراثية التى دمرت فى سوريا والعراق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة