بعد قرابة شهرين من الاحتجاجات الفئوية والأزمات المتتالية والاعتصامات داخل تونس، خاصة فى ولاية "تطاوين"، حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" فى تقرير لها اليوم الثلاثاء، أن مشهد الاحتجاجات بمحطة نفط فى الأقليم الجنوبى للبلاد توحى بموجة ثانية من الانتفاضة التونسية، بسبب استمرار البطالة والفقرة.
وقالت الصحيفة فى تقريرها المطول، إن آلاف الشباب المعتصمين فى تطاوين تعبوا من انتظار الحكومة لتخليصهم من الفقر وتوفير فرص عمل، لافتة إلى أنها قاموا هذا الأسبوع بغلق خط النفط الرئيسى فى الكامور والاشتباك مع وحدات الحرس الوطنى الذين حاولوا حرق المخيم.
وتتواصل حركة الاحتجاجات بولاية تطاوين التونسية للمطالبة بالتنمية والتشغيل، حيث يستمر اعتصام الكامور بصحراء تطاوين للشهر الثانى على التوالى، إلى جانب توجه مجموعة من معتصمى الكامور إلى مقر الولاية، للاعتصام أمامها، منذ أسبوع، فى انتظار عودة الحوار مع الحكومة.
وأوضحت الصحيفة، أنه بعد مرور 6 سنوات على الثورة التى أسقطت الديكتاتور السابق زين العابدين بن على، الذى استمر فى الحكم 23 عامًا، تعكس الاحتجاجات الحالية إحباطًا متزايدًا تجاه القادة الجدد، المنتخبين ديمقراطيا، الذين لم يستطيعوا تحقيق التنمية أو تحسين أوضاع المناطق الأكثر فقرًا مثل تطاوين.
وأضافت الصحيفة، ان المحتجن أنفسهم علامة على التغيير فى البلاد ضمن التحديات التى تواجه الحكومة، ويمثل المحتحون جيلًا جديدًا فى عصر الحريات النسبية، الذى جاء ليواجه آفاق بطالة طويلة الآجل. مشيرة إلى أن أعداد كبيرة منهم هم خريجوا جامعات، قاموا بتنظيم حركة متحدة من المحتجين عبر المدن والقرى فى المنطقة.
وقدمت الحكومة مؤخرًا تنازلات نفطية جديدة فى المنطقة، وهى خطوة لم تكن سوى تذكير لمدى الاستفادة البسيطة لسكان المنطقة من الموارد. وتقوم شركات النفط عموما بتأجير عمال من الخارج. وتتلخص مطالب المحتجين فى تخصيص كوتة من الوظائف للسكان المحليين لدى شركات النفط، وتخصيص وظائف لدى وكالة بيئية وإنشاء صندوق استثمار لبرامج التوظيف.
وأكدت نيويورك تايمز، على أن حكومة الرئيس الباجى قايد السبسى، طالما نددت بقادة الاحتجاج وقالت إنهم على صلة بإرهابيين أو أدوات لقادة مافيا، ومع ذلك أبدت استعدادها لتلبية مطالبهم، ونقلت عن وليد عبد الموله، أحد المحتجين الذى يبلغ 27 عاما، "الجميع أتى من أجل حقوقنا وطلبا للعمل.. نحن هنا حتى النهاية ودون تراجع".
ويسيطر المحتجون على جميع مناحى الحياة فى شوارع تطاوين، حيث يعتصمون خارج مبنى المحافظة وفى الميادين، فى مشهد يشبه مشهد الإنتفاضة الشعبية فى 2011، وقد أضر المحافظ لتقديم استقالته، الأسبوع الماضى، فضلا عن غياب الشرطة والجيش من المشهد.
وقال مراسل الصحيفة، إن حفنة من مسئولى الشرطة، الذين ارتدوا ملابس مدنية، تحدثوا مع الصحفيين قائلين إن الوضع لا يزال متوترا موضحين أنهم لا يرتدون الزى الرسمى للبقاء بعيدا عن أنظار المحتجين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة