أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى يوليو من عام 2014، قانون الحد الأقصى للأجور رقم 63 لعام 2014، للعاملين لدى أجهزة الدولة، بحيث يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أى عامل من العاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين بقوانين وكادرات خاصة، هو مبلغ 42 ألف جنيه شهريًا، وهو ما يمثل 35 ضعفًا من الحد الأدنى 1200.
وصدر هذا القانون إعمالاً لنص المادة السابعة والعشرين من الدستور، التى نصت فقرتها الأخيرة أنه "يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيًا بتكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقًا للقانون".
وفور صدور القانون، انقسم الكثير بين مؤيد ومعارض له، فالأول رأى بداية الطريق الصحيح نحو تحقيق العادلة الاجتماعية والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول، مما يحقق فائض كبير لميزانية الدولة، بينما وجد المعارضون أن القانون سيتسبب فى حرمان الحكومة من الكفاءات بسبب التى لن تكون الرواتب مجزية بالنسبة لهم.
ومرت أشهر قليلة حتى صدرت عدة فتاوى وأحكام قضائية من مجلس الدولة، أخرجت فئات بعينها من الحد الأقصى للأجور، وكان على رأس هؤلاء القضاة وأعضاء النيابة العامة، والعاملين بالبنوك، والشركة المصرية للاتصالات، وغيرها من الشركات المساهمة.
فيما ينطبق القانون على رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، والوزراء، وجميع العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة، ودائماً ما يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن الحد الأقصى للأجور يطبق على جميع العاملين بالدولة بكافة القطاعات ممن ينطبق عليهم القانون بدون استثناء.
وبالنسبة لمجلس النواب فجاءت المادة 428 من لائحته لتؤكد على أنه لا بجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه رئيس المجلس أو وكيلاه أو أى من أعضائه، من موازنة المجلس، تحت أى مسمى عن الحد الاقصى للأجور.
ومنذ أن صدر القانون، وأصدر المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء وقتئذ، إجراءات وقواعد تطبيقه، كان الهدف منه إخضاع الجميع بدون أية استثناءات، لكن بسبب تفسيرات وثغرات تتعلق بالمواد الدستور والقانون، صدرت الأحكام والفتاوى القضائية التى أخرجت بعض الفئات من مظلته.
أول الفئات التى خرجت من تطبيق الحد الأقصى عليها، كان أعضاء السلطة القضائية سواء القضاة أو أعضاء النيابة العامة، وذلك من خلال فتوى أصدرتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.
وخرج القضاة من الحد الأقصى للأجور على سند أن المادة 27 من الدستور خاطبت العاملين بـ"أجهزة الدولة" لتطبيق الحد الأقصى عليهم، فاستنتجت الجمعية العمومية أن المشرع يقصد تطبيق النص الدستورى على السلطة التنفيذية فقط، وليس السلطة القضائية أو أى جهاز آخر لا يعتبر جزءاً من السلطة التنفيذية".
أما عن البنوك والشركات المساهمة، فتؤكد الجمعية العمومية للفتوى والتشريع ومحاكم القضاء الإدارى على أن ذكرت حيثيات الفتوى نفاذ الحد الأقصى للأجور ينحصر فى ممن يعملون فى الجهات الحكومية، والوزارات والمصالح، ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة ذات الموازنات المستقلة، والهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، ومن ثم لا يدخل فى هذه الجهات ما ليس من جنسها كالأشخاص الاعتبارية الخاصة.
واستقر إفتاء الجمعية العمومية على أن الشركات المساهمة التى يتم تأسيسها وفقاً لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، تعد من أشخاص القانون الخاص حتى ولو كان رأس مالها بالكامل مملوكاً للدولة، والهيئات العامة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، لأن هذه الملكية لرأس المال لا تغير من الطبيعة القانونية للشركة، ولا تعنى أكثر من ملكية الأسهم المكونة له، ومالك أسهم الشركة لا يعد مالكا لأموالها بل الشركة هى المالكة لأموالها وموجوداتها وعليه فإن تلك الشركات لا تندرج فى عداد الجهات المشار إليها فى قانون الحد الأقصى للدخول.
ومن بين البنوك التى حصل العاملين فيها على أحكام بعدم تطبيق الحد الأقصى للأجور عليهم، بنوك الأهلى المصرى والقاهرة والمصرف المتحد وبنك مصر والتعمير والاسكان والاستثمار العربى، إلى أن صدر قراراً بتنفيذ تلك الأحكام، وعدم تطبيق الحد الأقصى على العاملين بالبنوك، فيما عدا البنك المركزى، كما صدرت فتوى اخرى بعدم إخضاع الهيئة القومية للبريد للحد الأقصى.
وحصل العاملون بشركة المقاولين العرب على فتوى مماثلة، حيث أكدت على أنه وفقا لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته فإن هذه الشركات تعد من أشخاص القانون الخاص، شأنها شأن شركات المساهمة المملوكة للأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة".
وجاءت الحيثيات لتؤكد خروج العاملين بجميع الشركات المساهمة التى تطبق عليها أحكام قانون شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة رقم 158 لسنة 1981، من نطاق سريان الحد الأقصى للأجور، حتى إذا كانت الدولة تساهم فى رأس مالها.
وصدرت فتوى لصالح العاملين بالشركة القابضة للتشييد والتعمير، وذكرت أن شركات قطاع الأعمال العام طبقا لأحكام قانونها تعتبر من أشخاص القانون الخاص، شأنها شأن شركات المساهمة المملوكة للأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وتسرى عليها ذات الأنظمة القانونية الحاكمة لهذه الشركات، ويسرى على العاملين بهذه الشركات أحكام قانون العمل فيما لم تنظمه أحكام قانون قطاع الأعمال العام ولائحته التنفيذية".
فيما صدرت فتاوى أخرى أكدت على تطبيق الحد الأقصى للأجور على العاملين للهيئة القومية لسكك حديد مصر، والهيئة المصرية العامة للبترول، باعتبارهما من أجهزة الدولة.
وتطارد القانون شبهات البطلان وعدم الدستورية، فمعظم الفتاوى أشارت إلى أن ديباجة القانون خلت من النص على أنه تم عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة، رغم أن دستور 2014 اختص قسم التشريع بمجلس الدولة بولاية مراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصبغة التشريعية، حيث لا يجوز من الناحية الدستورية، تجاوز اختصاص قسم التشريع وإصدار قوانين دون عرضها عليه لإعمال شئونه حيالها بحسبان أن العرض على القسم أضحى إجراء جوهرياً لازماً يشكل بذاته مرحلة من مراحل إصدار القوانين، ويترتب على تجاهله مخالفة دستورية تصم القانون بأكمله بعدم الدستورية لعدم إتباع الأوضاع الإجرائية التى تطلبها الدستور.
وتوقع المهندس، ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن تساعد منظومة الدفع الإلكترونى، على تنفيذ الحد الأقصى للأجور على جميع المخاطبين بأحكامه، و"لن يتمكن احد من الإفلات وتجاوز الحد الأقصى" كما يقول فى تصريحاته لـ"اليوم السابع".
وأضاف وكيل لجنة الخطة والموازنة، أنه سيتم صرف مستحقات العاملين عن طريق منظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى، وهو يسرى على كافة وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والهيئات الاقتصادية وغيرها من الجهات الحكومية ودون أى استثناءات.
وأشار إلى تطبيق الحد الأقصى للأجور يوفر للدولة مليارات الجنيهات التى يمكن الاستفادة منها فى مشاريع لصالح المواطنين، مؤكدا على أن الأحكام القضائية واجبة النفاذ ولا يمكن مخالفتها وبناءا عليه تم إخراج الجهات التى صدرت لصالحها أحكام بعدم تطبيق الحد الأقصى على العاملين بها.
وتقدم النائب عبدالمنعم العليمى، عضو مجلس النواب، بمقترح لتعديل قانون الحد الأقصى للأجور، بحيث ينص على عدم سريانه على العاملين بالشركات المساهمة من أشخاص القانون الخاص الذين ينطبق عليهم فى شئونهم قانون العمال الخاص.
ويقول العليمى فى تصريحات لليوم السابع، أن لجنة الاقتراحات والشكاوى وافقت على التعديل وأرسلته للجنة الخطة والموازنة لمناقشته، مشيراً إلى أن الهدف منه النص صراحة على عدم خضوع الشركات المساهمة للحد الأقصى، خاصة بعد صدور عدد من الأحكام والفتاوى القضائية السابق ذكرها.
ويضيف عضو مجلس النواب، أن المادة 27 من الدستور، نصت صراحة على خضوع العاملين بـ"أجهزة الدولة" للحد الأقصى للأجور، وبالتالى نحن أمام نص دستورى ملزم ولا يمكن إخضاع البنوك والشركات المساهمة وشركات قطاع الأعمال وغيرهم ممن لا يعتبرون من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، للحد الأقصى للأجور.
آلية تطبيق الحد الأقصى للأجور:-
1- يتحدد صافى الدخل الشهرى بمجموع المبالغ الصافية التى يتقاضاها العاملين المنطبق عليهم القانون.
2- يتم تخصيص مجموعات عمل لتحديد قيمة ما تقاضاه العامل ومصادره ونوعياته مع تحديد المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى للدخل.
3- يتم إخطار العامل بقيمة المبالغ التى صرفها بالزيادة عن الحد الأقصى للدخل.
4- يلتزم كل عامل تقاضى مبالغ بالزيادة عن الحد الأقصى، أن يرد تلك المبالغ، وفى حالة امتناعه يتم استقطاع المبلغ من أى مبالغ مستحقة له.
5- تقوم الجهات الإدارية بسداد المبالغ التى نتجت عن تطبيق أحكام القانون إلى حساب الخزانة العامة.
6- على المراقبين الماليين بالوزارات والهيئات والأجهزة المختلفة ومديرى عموم الحسابات ومديرى ووكلاء الحسابات إخطار الإدارة المختصة بمكتب وزير المالية بأى تجاوزات بشأن الحد الأقصى للدخول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة