"كل حاجة غليت يا حكومة.. والمصروف مابقاش بيكفى".. يجبرك صوتها الطفولى على الانتباه لصاحبة الاستغاثة الأكثر شهرة منذ ارتفاع الأسعار، أما ملامح وجهها التى تعكس انفعالاً واضحاً يفوق سنوات عمرها الخمس بعشرات الأعوام فستجبرك ببساطة على مشاهدة مقطع الفيديو القصير حتى نهايته، قبل أن تندفع لمشاركته على صفحتك الخاصة مكتفيا بما قالته "شيزو" كأبلغ تعبير عن قضايا اجتماعية ساخنة تناقشها طفلة تحولت بين يوم وليلة إلى واحدة من أشهر الوجوه على مواقع التواصل الاجتماعى.
قصة "شيزو" الطفلة صاحبة الشعر الكثيف، والرسائل الاجتماعية الساخنة كما تشتهر على مواقع التواصل الاجتماعى بدأت بالصدفة البحتة، ولم تكن "ريهام الشناوى" والدة الطفلتين "زينة ولينا" تتوقع أن "شقاوة البنات" قد تصل لآلاف المشاركات بمجرد وضعها على السوشيال ميديا، لم تكتفِ باعتبارهما طفلتين تغلب عليهما "اللماضة"، فرفعت هاتفها وبدأت فى تسجيل لحظات الشقاوة والغناء والرقص فى المنزل، وكانت النتيجة هى صفحة وصل تجاوز متابعيها الـ250 ألف فى فترة وجيزة، ووصل عدد مشاركى هذه المقاطع إلى الآلاف فى ظرف أيام، القصة الكاملة يسردها أصحابها لـ"اليوم السابع" فى زيارة للأسرة صاحبة أصغر "يوتيوبرز" فى مصر.
"حاتم حسنى، وريهام الشناوى" زوجان فى مقتبل العمر، لديهما من الطفلتين "لينا" الطفلة الأكبر ذات الستة أعوام وصاحبة الموهبة فى الغناء والرسم، و"زينة" أو "شيزو" ذات الأعوام الخمسة، والتى يمكن توقع مستقبلها فى التمثيل منذ الطلة الأولى، "حاتم" بدأ حديثه عن طفلتيه، مبتسما فى نظرة خاطفة لزوجته عند سؤاله عن سبب تصوير "زينة" لمقطع "الدنيا غليت يا حكومة"، قائلا: "اعتدت استقبال مطالب زينة اليومية بالحلوى فور وصولى للمنزل، وأنا عادة ما أناقشها لأستمع لردود فعلها الفكاهية، أخبرتها أن الأسعار زادت، فسألتنى ببراءة مين اللى زودها يا بابا؟ لأرد عليها الحكومة، ولم أكن أتوقع أن يكون رد فعل طفلة فى عامها الخامس هو أنا عايزة أكلم الحكومة يا بابا".
واستكمل حاتم: "استجبنا لمطالب زينة وقمنا بتصويرها فى حديث مطول مع الحكومة للمطالبة بخفض أسعار الحلويات واللبان". تلتقط "ريهام" طرف الحديث من "حاتم" لتكمل ما بدأته الصدفة التى تحولت لما يشبه برامج اكتشاف مواهب الأطفال فى أصغر سن ممكن، وتقول: "بعد نشر الفيديو بساعات استمرت دهشتنا لعدة أيام متواصلة، انهالت علينا الرسائل، ووصل عدد مشاركات المقطع للآلاف فى أيام، وهو ما شجعنا على تطوير الموهبة وتنميتها لزينة ولينا والتفكير فى رسائل هى لسان حال كل مواطن مصرى، بداية من أسعار المعيشة، ثم انتقلنا لمناقشة قضايا مثل التحرش، والإقلاع عن التدخين، وغيرها من القضايا التى وجدنا لها تأثيراً قوياً بصوت الأطفال".
لم تتوقف "لينا أو زينة " عن الحركة طوال مدة الحوار، تُمسك "زينة" بالهاتف وتدور بالمقعد، تقتحم "لينا" الحديث لترد على الأسئلة، فلها قصة مختلفة عن "شيزو"، فهى كما أكدت "ريهام" صاحبة موهبة قوية فى الرسم، كما أنها تقدم اسكتشات فنية كان لها حظاً كبيراً فى الشهرة على صفحة "شيزو استايل" التى تعرض يومياً مقاطع قصيرة للفتيات.
تكمل "ريهام" حديثها عن تحويل الفكرة لطريقة مختلفة لعرض قضايا المجتمع من خلال أطفال لهم من المساحة مع الناس ما يكفى للاستماع إليها دون مزايدات، وتقول: "عندما زاد تفاعل الجمهور مع رسائل الفتيات، فكرنا فى تطوير الفكرة لتحويلها إلى منصة نعرض من خلالها القضايا التى تهم الشارع المصرى من خلال الأطفال، بطريقة بسيطة تصل لقلوب الناس، وتوصل صوتهم فى الوقت نفسه، فالأطفال يمتلكون الكثير من الرصيد عند الجميع".
سلسلة من الانتقادات اندست وسط تعليقات المتابعين على مقاطع الفيديو، وتحديداً التى تناولت ارتفاع الأسعار، إلى جانب عدد من الاتهامات المتوقعة من جمهور السوشيال ميديا (اللى مابيعجبوش العجب)، وهى ما وصفها كل من "حاتم وريهام" بالمزايدات التى لم يلتفتا إليها كثيراً، ويقول حاتم: "ليس لدينا أى توجهات سياسية، فنحن نعرض ما يتناقش فيه الناس فى الشارع وعلى المقاهى وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، ولم نتطرق سوى لقضايا اجتماعية تعنينا جميعاً كمواطنين مصريين، لذلك لن نلتفت للانتقادات التى لا تشكل فرقاً وسط تفاعل الكثير من الناس على الفكرة".
أما عن ملامح القلق والخوف التى تملأ وجه "ريهام" طوال حديثها عن بناتها فتقول: "ما قمنا به كان الهدف منه تنمية مواهب الفتيات فى المقام الأول، فاكتشاف موهبة الطفل ورعايتها فى سن مبكر يحدث فرقاً هائلاً فى ثقة الطفل بنفسه وإيمانه بذاته فى المستقبل، وسنقوم بدعم هذه المواهب بكل طاقتنا، ولكننى دائماً ما أخشى عليهما من التعليقات الصادمة التى أحاول تجنبها وتجاهلها حرصاً على نفسية "لينا وزينة" التى تعنينا قبل أى شىء".
لا يسعك سوى أن تمتلئ إعجاباً بمداخلات الطفلتين أثناء سؤالهما عن مشاعرهما حول الشهرة المتواضعة التى بدأن فى اكتسابها بين زميلاتهما فى المدرسة، فتقول "زينة" بصوتها الطفولى نفسه "بحب أشوف نفسى فى الفيديو"، وتعلق "ريهام": "على الرغم من صعوبة بعض الموضوعات وتجاوزها لسن لينا وزينة إلا أن لديهما قدرة عالية على التركيز والحفظ، فبعد أن تحول الأمر إلى مشروع لعرض مواهبهما، بدأنا نختار القضايا التى سنناقشها، ونعد (سكريبت) تخيلى يعتمد كثيراً على ارتجال لينا وزينة ليخرج بشكل طبيعى".
أما عن مشاريع المستقبل، فتقول ريهام: "نحلم بالوصول لمنصة برامج اكتشاف المواهب، كما سنقوم فى الفترة المقبلة فى مناقشة قضايا أكثر صعوبة مثل ختان الإناث وحملات الخير، والقضايا الإنسانية، وغيرها من القضايا المهمة التى تشغل المجتمع المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة