مَلاَمِحُ الوَجْهِ: مَا يَظْهَرُ مِنْ عَلاَمَاتِ الوَجْهِ وأَوْصَافِهِ، وذلك حسب المعاجم العربية، وعندما أقول بلا ملامح فهنا يكون عنوان المقال رجال لا علامات لهم ولا أوصاف، أفلت صورتهم وضاعت أسمى ما فيهم وتوارت القيم الجمالية التى من المفترض أن تكون رداء وجوههم .
وفى سطور هذا المقال سأتناول فقط صورة من تلك الصور وهى صورة لأشخاص بدون ملامح، وهى صورة تجسد اللهث إلى انتهاك خصوصيات البشر والبحث عن مثالبهم وزركشتها بألوان قوس قزح، ونشرها على الوسائل المختلفة، سواء كانت إنترنتية كمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة التى أصبحت لا يمكن إحصائها لانتشارها كالنار فى الهشيم على مختلف المنصات كالأندوريد والأب ستورز والسامبسون وغيرها الكثير والكثير، ومنها أيضا ما تلوكه الألسن فى النوادى والاجتماعات والمقاهى وكأننا أصبحنا نتلذذ بفضح الأخرين.
ظهرت لنا فى عصرنا الحالى ظاهرة (العناتيل) من مختلف المحافظات والأماكن ونشر الفضائح الجنسية وعلاقات كانت وما زالت فى بعض المناطق عقوبتها إزهاق الأرواح، وأستعجب كل العجب ممن ينشرون تلك الفضائح، أين ذهبت مياه وجوهكم وأين الرجولة فى ممارسة تلك الأفعال؟.
إن الستر طاعة وقربان ودين وإحسان به تحفظ الأمة ترابطها وبنيانها وبه تقوم الأخلاق ويبقى لها كيانها، فقد وصف الرحمن نفسه به فهو سبحانه يستر كثيرا ويحب أهل الستر، ففى الحديث الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم (إن الله حى ستير يحب الحياء والستر)، وقد أقر الإسلام بهذا الخلق الكريم وحض وكافأ عليه كما جاء فى الحديث الصحيح (من ستر مسلماً فى الدنيا ستره الله فى الدنيا والآخرة) رواه مسلم.
ومن حق المسلم على أخيه المسلم أن يستره ولا يفضحه، ولقد أدب المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته فأحسن تأديبها يوم أن خطب بالناس فقال بنبرة حادة وصوت مرتفع (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه فى بيته) رواه أحمد وأبو داوود وصححه ابن حبان.
وبهذا المنهج تربى الصحابة رضى الله عنهم فستروا عيوب الناس.
وإن مما نراه اليوم ظاهرة نشر الفضائح وإشاعة القبائح قد انتشر انتشاراً مروعاً عن طريق الهواتف والإنترنت حتى تمددت هذه الإشاعات أسرع انتقالاً وأوسع انتشاراً، وإذا كان نشر فضائح العباد وقد ذم الشرع فاعله وتوعده فكيف بمن يتهمون الآخرين بالظن ويشيعون التهم بالوهم ويفترون على الأبرياء ويشوهون صورة الفضلاء!
نسأل الله السلامة، قال بعض السلف (أدركت أقواماً لم يكن لهم عيوب فذكروا عيوب الناس فذكر الناس عيوباً وأدركت أقواماً كانت لهم عيوب فكفوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم).
فينبغى على المسلم أن يجعل مخافة الله بين عينيه ويذكر أنه سيحاسب على هذا الكلام..
ويحضرنى فى هذا المقام أيضا قول الشاعر
لسانك لا تذكر به عورة أمرئ
كلك عورات وللناس ألسن
ومن العجب العجاب أيضا أن نرى نساء تقوم بذات الأفعال وتنشر فضائح الأخريات وهذا بمشيئة الله سيكون حديث المقال القادم الذى سيكون بعنوان نساء بلا ملامح .
ختاما دامت ملامح الرجولة نبراسا لتكوينكم الإنسانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة