"سناء جلبانة ".. سيدة من عائلات العريش، تقدمت فى صغرها صفوف زميلاتها الفتيات فى مدرسة العريش الإعدادية بنات فى مظاهرات حاشدة ، جابت مدينة العريش رفضًا للإحتلال الإسرائيلى وقتها، وبعد الستين من عمرها لم يقف تقدم العمر ومسئولياتها الأسرية عائقًا أمام خدمة أهلها من البسطاء، وإعلاء قيمة الوطن والوطنية فى نفوس كل من تبحث عنهم لخدمتهم وهم البسطاء المترددين على مستشفى العريش العام ما بين مرضى وآخرين مصابين وذوى ضحايا الإرهاب.
فى مكتب يحمل اسم "العلاقات الإنسانية" فى مستشفى العريش العام ، تجلس برفقة عدد من المتطوعين، وأمامهم تلال من الأوراق بعضها تقارير طبية وأخرى محاضر إثبات حالات، ما بين الحين والأخر تستقبل أهالى جميعهم يبحثون عن من يساعدهم لإنهاء أوراقهم، أو متابعة طبيب لهم وآخرين يحضرون لتوصليهم للجهات المعنية بعلاجهم خارج المحافظة.
تقول "سناء جلبانة"، إنها تقضى يومها بالكامل فى خدمة الناس فى هذا المكتب متطوعة بدون اجر، لافتة إلى أن العمل التطوعى بالنسبة لها رحلة طويلة على مدار سنوات عمرها قبل أن تحال للمعاش قبل عدة سنوات من عملها فى مركز إعلام العريش.
سناء جلبانة
قيادة المظاهرات
وأضافت سناء جلبانة، لـ"اليوم السابع" انها تفتخر بماضيها، وتتذكر كلما تحل ذكرى تحرير سيناء من العدو الإسرائيلى كيف هبت فتيات المرحلة الإعدادية بالعريش، وأنها تزعمت وقريناتها البنات فى مدرسة العريش الإعدادية مظاهرات حاشدة للطلبة جابت الشوارع معبرة عن رفضهن للإحتلال، وكانت تساعدهن فى ذلك أمهاتهن بعد أن فوجئن انه فى كل بيت كمية من اعلام مصر كانت السيدات يخفينها فى "الشلت" خوفا من بطش الاحتلال ، وخرجت كل السيدات في مظاهرة وطنية ضد الإحتلال
تحيا مصر
اضافت انهن خلال هذه المظاهرات كن يهتفن "تحيا مصر" يعيش الزعيم جمال عبدالناصر"،وتتابع :" فى احدى المرات ربطن العلم الإسرائيلى فى ذيل كلب أمام المدرسة ولاحقتنا يومها سيارات الجنود الإسرائيليين، واصيبت زميلتنا " كاميليا قويدر " بجروح وكسر فى قدمها، وكان لها دور نضالى حيث تدخلت الجهات المعنية فى القاهرة عن طريق الصليب الأحمر واستطاعت نقلها للعلاج فى القاهرة وهى طالبة فى المرحلة الإعدادية "
وتؤكد :" كل سيناء كانت تؤدى دورها فى تلك المحنة التى حلت بها وشاهدت وهى صغيرة تزور زوج اختها "فهمى حمدان" فى سجون غزة كيف أن الرجل كان مكبل بالأغلال لمجرد أنه يخدم وطنه، وأدوار كان يؤديها أقاربها "محمود وحسين جلبانه"، و"سعد عبدالحفيظ" والذين تم ضبطهم بوحدة لاسلكى فى العريش كانت منها تبث الرسائل للقاهرة.
رحلة عمل تطوعى
أجواء الاحتلال
وحول اجواء الاحتلال الإسرائيلى لسيناء فى تلك الفترة، قالت أن مدينة العريش كانت تعيش ظروف صعبة حيث أطبق الاحتلال على أنفاس الأهالى وضيق عليهم معيشتهم اليومية، وكانت الأحاديث الدائرة فى البيوت هى عن الدور الوطنى الذى يؤديه الأهالى فى صمت.
اوراق الاهالى
وتابعت: كانت قوات الاحتلال تستعين بمعلمين من قطاع غزة يعلمون الطلبة المناهج المصرية وتسير الأمور التعليمية بمعرفة الصليب الأحمر الدولى، وكانت لحظة الخروج من المدارس هى متنفس الطلبة، حيث يحملون علم مصر ويقومون بالهتاف، ومن الطريف اننا كنا نحضر الاعلام مخفيه فى ملابسنا وليس فى الحقائب حتى لا يتم التفتيش ونخرجها وقت خروجنا من المدارس ونستعين بها عن طريق امهاتنا.
مع الاهالى
واشارت أن ظروف مغادرة العريش كانت صعبة ومعيشة الناس محدودة حيث تموت مظاهر الحياة فى الليل وفى النهار بشكل محدود، وبين الحين والآخر نسمع عن القاء القبض على شخص او اخر ونعرف انه تم ضبط أجهزة معه لتعاونه مع مصر.
الوطن والأرض
واشارت سناء جلبانة انها عاشت تلك الأجواء التى صقلت شخصيتها على حب الوطن والأرض ، اضافة لدور والدتها التى استطاعت مع شقيقها "صفوت" تربيتها واشقائها الـ 6 عقب وفاة والدها بعد شهور قليلة من احتلال سيناء فى عام 1967.
مكتب العلاقات الانسانية
وقالت إنها وسط كل تلك المحن انهت دراستها بجامعة القاهرة قسم اجتماع، وعملت فى عدة وظائف فى شمال سيناء فى إدارة السياحة بالمحافظة وأسست إذاعة شمال سيناء مع 25 اذاعى فى مطلع الثمانينيات، وعملت فى مركز اعلام العريش حتى احيلت للمعاش قبل سنوات قليلة.
اهالى يبحثون عن خدمة
خدمة البسطاء
وقالت " جلبانه" :" انه بعد قيام ثورة يناير وتوالى الأحداث على سيناء بشكل مختلف عن كل انحاء مصر، وجدت أن دورى فى الشارع لخدمة البسطاء المترددين على مستشفى العريش العام وكان هناك معاونة من الجهات التنفيذية ممثلة فى محافظ شمال سيناء اللواء عبدالفتاح حرحور الذى قرر استثمار الجهد بما يفيد الناس بتشكيل مكتب للعلاقات الإنسانية يضم مندوب من المحافظة والصحة والتضامن واقوم بالمسئولية عنه ، وتم بالفعل عمل المكتب فى مستشفى العريش العام وهو يلعب الدور الرئيسى لتقديم الخدمة الإنسانية لكل من يستحقها من الأهالى فى طراز فريد من الخدمة لايوجد فى اى مستشفى فى مصر، وتتمثل الخدمات فى توفير الخدمة والرعاية الطبية للمرضى والجرحى مصابى العمليات الإرهابية من المدنيين، واعداد اوراقهم الرسمية لنقلهم للعلاج فى المستفيات خارج المحافظة اذا كانت الحالات تستدعى، والتدخل لصرف اجهزة تعويضية لمن فقدوا اطرافهم، وعمل ملفات للحالات لصرف التعويضات جراء الخسائر وفقا للقوانين المنظمة لذلك.
عمل تطوعى
اضافت انها فخورة بعملها التطوعى الجديد الذى تسير فيه للعام الثالث وسط حب الناس وهو عمل تقدمه لأولاها الثلاثة اولهم الطبيب " احمد " والإعلامية "يارا " والطالب بالثانوية العامة " محمد " ولروح زوجها الدكتورأحمد صالح مدير مرفق اسعاف شمال سيناء سابقا والذى توفى وترك لها مسئولية الاسرة فى عام 2006 .
وتابعت قائله انها تبكى كلما تشاهد الضحايا وخصوصا الأطفال الصغار وهذا يزيدها اصرار أن تواصل عملها فى مستشفى العريش تحت كل الظروف ورغم تقدم العمر، وان كل ماتتمناه أن تعود سيناء كما كانت.
واختتمت حديثها بقولها، "انها تدرك معنى أن يعطيك الوطن ولو شيئ بسيط وتتذكر وهى طفلة كيف كانت مساعدات الشئون الإجتماعية تستر بيتهم وتكون هناك حاجة اليها، وهى اليوم عندما تلاحق أوراق أحد الأهالى وكل طلبه الحصول على مساعدة تتذكر تلك الأهمية وكيف انه امر بسيط ولكنه مهم لطالبه ".
اوراق العمل
يطلبون الخدمة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة