•• نوال حليم: انتخبنى "الصعايدة" كعضو فى مجلس الكنيسة وكونى سيدة قيمة مضافة للخدمة وليس العكس
من منازل الفقراء إلى مدارس الأحد، ومن قاعات الكنيسة إلى فصول الخدمة، وحتى اعتلاء المنبر للوعظ، رحلة طويلة تقطعها واعظات الكنيسة الإنجيلية فى خدمة الله والمجتمع الذى بدأ يتقبل وجودهن كنساء فى مناصبه العليا التى حجزها للرجال منذ سنوات طويلة.
الكنيسة الإنجيلية المشيخية، قطعت شوطًا فى المساواة بين الجنسين، حتى إنها تدرس تعيين (رسامة) المرأة قسيسة وهو القرار الذى أجله السنودس الإنجيلى أى الهيئة العليا للكنيسة فى دورتها السنوية الأخيرة.
وفقًا لنظام الكنيسة الإنجيلية المشيخية، يقوم العمل داخلها على اختيار قس راعى ومجلس من الشيوخ المنتخبين، لهم صلاحيات مشاركته فى اتخاذ القرار داخل مجلس الكنيسة بالإضافة إلى خدمة الشعب فى كافة الأوجه الاجتماعية والدينية، بينما يحق للقس ممارسة الأسرار المقدسة مثل سر الزواج، وهو ما لا يسمح به للشيخ، والشيخ يتولى منصبه ولا يفارقه إلا بالوفاة حتى وإن لم يجدد مجلس الكنيسة انتخابه مرة أخرى، يظل يحمل لقب الشيخ، وكذلك الأمر مع النساء الشيخات.
الشيخة سلوى: أخدم الفقراء ونوزع شنط رمضان على فقراء المسلمين
بملامح هادئة وصوت خفيض يليق بهيبة الكنيسة وجلالها، تروى الدكتورة سلوى سلى الشيخة بالكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، تجربتها منذ اختيارها شيخة بكنيستها بالانتخاب، وكيف أهلتها نشأتها الدينية لتصبح كذلك، قالت إنها نشأت فى عائلة إنجيلية حتى أن جدها كان قسًا فى مدينة أسيوط مما ساعدها فى تلقى التعليم الدينى واجتياز الاختبار الإيمانى، ثم تخرجت فى كلية الصيدلة ولم تمارس العمل كصيدلانية، وتفرغت لرعاية أسرتها وزوجها حيث عاشوا فترة خارج البلاد، ثم عادت بعدها لتبدأ رحلتها مع خدمة الكنيسة.
قصتى مع العمل الدعوى بدأت بالعمل الاجتماعى، بهذه الكلمات الدكتورة سلوى لـ"اليوم السابع" إنها كانت تشارك بخدمة الفقراء فى المناطق الأكثر احتياجا مثل مدينة السلام، ثم بدأت الخدمة فى اجتماع السيدات بالكنيسة ومنه حصلت على دورات المشورة الأسرية التى مكنتها من نصح النساء فى قضايا الأسرة والحياة الزوجية، ثم واصلت رحلتها وعملت على تدريب الخدام الصغار فى الكنيسة حتى اتسعت علاقاتها ومعارفها بشعب الكنيسة الذى قرر انتخابها شيخة عام 2012 وعضوا فى مجلس الكنيسة.
تواصل سلوى قصتها: "كلفنى مجلس الكنيسة بخطاب رسمى للتعرف على البيوت المسيحية فى المناطق الفقيرة ثم بدأت برصد احتياجاتهم وإطعامهم، وكما أمرنا المسيح لا يمكن أن ألوم شخص على تقصيره فى الصلاة وهو لا يجد ما يسد رمقه، فكنا نحاول تسديد احتياجاتهم ونصلى معهم".
واستطردت: "كنت أدخل العمارة فأجد فيها ثلاث أسر، أجمع النساء حولى ونصلى، ثم نعود للكنيسة بمطالبهم واحتياجاتهم من أجل العمل على تلبيتها، كنا نوفر لهم خدمة المشورة الأسرية، النساء فى البيئات الفقيرة لا يعرفون المفاهيم الحديثة للعنف ضد المرأة وغيرها، فكنا نحاول أن نشرح لهم ونتدخل لنصلح بين الأزواج أو نعرف السيدة على حقوقها وواجباتها الأسرية".
وتابعت: "خدماتنا الاجتماعية لا تقتصر على المسيحيين، ففى رمضان نوزع شنط للفقراء من المسلمين ونجمع تبرعات لأجلهم وهى خدمة سنوية تؤديها كنيسة مصر الجديدة التى أفخر بها".
وأشارت الشيخة سلوى، إلى أن مجلس الكنيسة رأى أن أعداد الشباب والنساء فى زيادة كبيرة الأمر الذى استلزم انتخاب ثلاث شيخات ضمن مجلس الكنيسة، بالإضافة إلى ثلاثة من الشباب، وبالفعل رشح مجلس الكنيسة قائمة تتألف من 12 شيخًا بينهم ثلاث سيدات، كانت هى من بينهم، مضيفة: "فى المرة الأولى انضم ثلاث سيدات للمجلس، ووفقا للائحة يستمر عمر مجلس الكنيسة 3 سنوات، اختتمتهم منذ شهور وقررت أن أترك الفرصة لغيرى من يرى لديه الوقت والخبرة".
وعن تجربتها كشيخة سيدة، قالت سلوى، إنها لم تواجه أى عقبات تتعلق بنوعها ولكنها لا تنفى فى الوقت نفسه إنها قابلت قلة لا تحبذ وجود النساء فى مناصب كنسية دون أن يفصحوا عن ذلك علنًا ولكن "مشاعرهم وصلت لها".
تواصل سلوى حديثها: "هناك بعض القيود الاجتماعية التى تعيق تعيين المرأة قسيسة"، مشيرة إلى أن المؤسسات الدينية ما زالت تعانى من بعض القيود فى هذا الأمر تأثرًا بثقافة المجتمع الذى تقتضى الحكمة عدم الصدام معه خاصة أن الأمر يتعلق بخدمة الله فهنا لا تهم الألقاب سواء شيخة أو قسيسة".
الشيخة وفاء: أخدم الكنيسة منذ 35 عامًا وانتخابى مسئولية كبيرة
أما الدكتورة وفاء فوزى، التى انتخبت حديثًا فى مجلس كنيسة مصر الجديدة لتخلف الدكتورة سلوى على مقعد الشيخة، فقالت إنها تربت منذ طفولتها فى مدارس الأحد على يد والدها الذى كان شيخًا فى الكنيسة الإنجيلية أيضًا.
تشعر وفاء التى تعمل طبيبة وتمتلك معملًا للتحاليل الطبية بالمسئولية الكبيرة جراء انتخابها كسيدة وحيدة فى مجلس الكنيسة رغم ترشح الكثير من النساء، لكنها تؤكد فى الوقت نفسه سعادتها بالمشاركة فى القرارات المصيرية التى تتعلق بمستقبل كنيستها.
"أخدم كمعلمة فى مدارس الأحد منذ سنوات طويلة وطبيعة دورى تعليمى".. هكذا تضيف وفاء عن خدمتها التى بدأتها قبل 35 عامًا فى نفس الكنيسة، حتى إنها ترى الشباب الصغار الذين درسوا على يديها أطفالًا من قادة الخدمة الكنسية حاليا فتمتن لله الذى جعلها ترى ثمار تعبها وخدمتها.
وتابعت: "حتى اليوم لم أواجه أزمة تتعلق بكونى سيدة، ولكن انتخاب سيدة وحيدة من ستة مرشحات، يؤكد على أن الرجال فى الكنيسة لم يصوتوا للنساء وهو ما أصابنى بالصدمة، رغم ارتفاع المستوى الاجتماعى والتعليمى لرعايا كنيسة مصر الجديدة".
وعلى غير المتوقع، لا تؤيد الشيخة وفاء رسامة المرأة قسيسة وترجع ذلك إلى تأثرها بالمجتمع المصرى الذى لا يمنح النساء حقوقها كاملة، ولكنها تؤكد على امتنانها لزوجها الذى ساعدها على خدمة الكنيسة حتى إنها قررت تقليل ساعات عملها فى الطب إلى أربع ساعات يوميًا لتخصص الباقى لخدمة الله.
الشيخة نوال: انتخبت باختيار الصعايدة وكونى سيدة لا يعيقنى
"أخدم فى الكنيسة الإنجيلية بأسيوط ولم أشعر يومًا أن أحدًا يغضب من كونى سيدة"، تقول نوال حليم الشيخة بالكنيسة الإنجيلية الثانية بأسيوط، التى جاءت منتخبة أيضًا من شعب كنيستها وباختيارهم الحر رغم قيود المجتمع الصعيدى وتقاليده.
الشيخة نوال كانت تعمل معلمة بالتربية والتعليم ولكنها تخدم فى الكنيسة وتحديدًا فى فصول مدارس الأحد منذ سنوات طويلة دفعتها للترشح على عضوية مجلس الكنيسة، تقول الشيخة نوال أن كونها سيدة أضاف لخدمتها ولم يخصم منها فالنساء يخجلن من البوح ببعض التفاصيل للقس أو الشيوخ الرجال لتلعب هى دور حلقة الوصل بين النساء من شعب الكنيسة والرجال فى إدارتها.
"أتولى الوعظ أحيانًا وأقدم خدمات روحية فى مدراس الأحد، وفى اجتماع ثانوى أو إعدادى، ولكن عملى يختص أكثر بالجانب الاجتماعى تؤكد الشيخة نوال التى تحب أن تساعد المحتاجين وتساهم فى حل المشاكل الزوجية لشعب كنيستها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة