فى البداية حاول "اليوم السابع" مرارًا وتكرارا الدخول لأحد مصانع أو ورش تصنيع الذهب، لتصوير مراحل التصنيع المختلفة، إلا أنه بسبب اجراءات التأمين العالية التى يتخذها أصحاب المصانع، قوبل الطلب بالرفض فى أكثر من مرة.
الدكتور وصفى أمين واصف رئيس الشعبة العامة للمصوغات الذهبية، يروى رحلة المشغولات الذهبية القديمة أو "الكسر"، بقوله "الذهب القديم متوارث لأجيال عدة وموجود منذ سنوات لدى حائزيه من المواطنين، وهنا تكمن صعوبة حصر الكميات الموجودة منه فى لدى الأهالى بمصر، فالأمر يتعلق بتركة خاصة بكل شخص".
ويضيف: "هناك كميات كبيرة من الذهب موجودة فى مصر ولم يتم تدويرها منذ سنوات فى حوزة ملاكها، ولكن البعض يسعى لاستبدال ما لديه من مشغولات ذهبية وهى إحلال مشغولات حديثة محل مشغولات موجودة لدية منذ فترة طويلة، والبعض الآخر يقوم بعمليات بيع نهائية أى تحويل ثروته من الذهب إلى سيولة مالية".
وأشار واصف، إلى أنه بعد جمع الذهب القديم أو "الكسر" يقوم المصنعون بعمل تنقية له من البداية ثم يدخل فى عمليات التصنيع والتشكيل، لافتا إلى وجود 5 مصانع كبرى تقوم بعملية التنقية وإعادة التشكيل إلى جانب وجود 3 آلاف ورشة تصنيع لكنها تعتمد طرق تقليدية.
وكشف رئيس الشعبة العامة للمصوغات الذهبية، أنه خلال الخمس سنوات الماضية فإن 90 % من ورش تصنيع وتشكيل الذهب خفضت نشاطها، مشيرا إلى أن إنشاء مدينة لصناعة الذهب فى محور تنمية قناة السويس فكرة جيدة لكن نحن بحاجة إلى تحديد الأسواق التى نصدر لها.
إيهاب واصف عضو مجلس إدارة شعبة المعادن الثمينة بالغرفة التجارية، وأحد مصنعى الذهب فى مصر، يقول" عمليات جمع الذهب الكسر، ونسميه كمصنعين الذهب الخام، تبدأ من خلال المواطنين اللذين يبيعون ما لديهم من مشغولات لمحالات الصاغة، ثم تقوم محلات أخرى بشراء هذه المشغولات القديمة والكسر وتجميعها على بعضها".
وقال: " نبدأ بصهره الكسر للتنقية وتجرى عملية تجميعه فى صورة سبائك وإعادة تدويره فى الورش والمصانع، ثم تبدأ مرحلة جديدة وهى إعادة تدويرة ليصبح أعيرة مختلفة حيث يتم إضافة نسب معينة من الفضة والنحاس للوصول به إلى عيار 21 و 18 وغيرة من الأعيرة ماعدا عيار 24 فهو ذهب بندقى خالص ليس به شوائب".
وأشار إلى أنه فى حالة ضعف الطلب على الذهب فى السوق المصرى، وأصبح لدينا فائض نقوم بتصدير الذهب للخارج دون تشكيله فيتم تصديره فى صورة سبائك خام، لافتا إلى أن صادرات مصر من الذهب حققت طفرة كبيرة فى 2016 وكانت سببا فى توفير كميات كبيرة من العملة الصعبة بمصر.
وتساءل واصف، لماذا يتم تسفير ذهب المناجم للخارج للتحليل والتنقية ولدينا امكانيات التحليل والتنقية ويمكن القيام بجميع مراحل التنقية فى المصانع المصرية دون الحاجة إلى ترحيل الذهب إلى كندا".
من جانبه، قال المهندس رفيق عباسى، رئيس شعبة صناعة المعادن النفيسة باتحاد الصناعات، إن الحصيلة السنوية لحجم المشتريات من المواطنين من الذهب الكسر تصل إلى 60 طن ذهب، منها 30 طنًّا يُعاد صهرها و"شغلها"، أى عمل مشغولات ذهبية منها، وتُطرح فى السوق من جديد فى صورة مشغولات ذهبية، وتكون بأفضل الأشكال الحديثة، و30 طنًّا أخرى تُصدّر للخارج.
وكشف "عباسى" إن مصر حققت اكتفاء ذاتيا من الذهب، كاشفًا عن أنها تُصدر سنويا 45 طنًّا، منها 30 طنًّا يتم شراؤها من المواطنين وإعادة صهرها وتصديرها، و15 طنًّا من إنتاج منجم السكرى، وجميع صادرتنا عبارة عن ذهب خام غير مشغول.مؤكّدًا أن هناك عدة عوائق تمنع تصدير الذهب فى صورة مشغولات ذهبية جاهزة الاستخدام.
وفيما يخص المشكلات التى يواجهها تصدير الذهب فى صورة مشغولات كاملة التصنيع، قال رفيق عباسى: "تصدير الذهب ليست عليه جمارك، سواء الخام أو المشغول منه، لكن الإجراءات المتبعة مع تصديره تجعل المستوردين يهربون من السوق المصرى إلى أسواق دبى أو تركيا، فمثلا إجراءات خروج الذهب من مصر قد تستغرق ستة أيام، وفى دبى تنتهى كل الإجراءات خلال دقائق، لهذا يهرب المستورد من مصر".
وأضاف "عباسى" فى تصريحه، قائلاً: "المشكلة الثانية التى تواجهها عملية التصدير، تتمثل فى الإصرار على وضع ختم الدمغة المصرى على المشغولات، الأمر الذى يشوه شكل المشغول فى صورته النهائية، إضافة إلى أن الرسوم المفروضة على الدمغة، إلى جانب ضريبة القيمة، كلها عوامل تعيق تصدير الذهب فى صورة منتج كامل التشطيب.
وكانت صادرات مصر من الأحجار الكريمة والحلى (مشغولات ذهبية-سبائك) ارتفعت خلال العام الماضى لتبلغ 2.5 مليار دولار مقابل 638 مليون دولار فى 2015 بنسبة ارتفاع بلغت 303%، فيما حققت الأحجار الكريمة 231 مليون دولار خلال يناير 2017 مقارنة بـ 42 مليون دولار فى نفس الفترة من العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة