يواجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أول هزيمة تشريعية، بعد أن أضطر لسحب مشروع تعديل نظام الرعاية الصحية "أوباماكير"، قبيل التصويت عليه لتعذر جمع أغلبية داعمة لاقتراحه داخل الكونجرس، وهو ما وصفته الصحف الأمريكية بـ"نكسة سياسية كبرى"، لشخص طالما راهن على سمعته كصانع صفقات رابحة.
وكان مقررًا أن يصوت أعضاء مجلس النواب الـ 430 (193 ديموقراطيا و237 جمهوريا) على المشروع، لكن عدد الجمهوريين الذين أعلنوا معارضتهم له يفوق ثلاثين، ما يعنى هزيمة مؤكدة عند التصويت، وهو ما أضطر ترامب لطلب سحب مشروعه لتعديل نظام الرعاية الصحية الذى وضعه سلفه باراك أوباما وتعهد خلال حملته الانتخابية على إلغاءه.
وزار الرئيس الأميركى الكونجرس الثلاثاء الماضى، لحشد التأييد لمشروع قرار لإلغاء برنامج "أوباماكير" للرعاية الصحية، وحذر أعضاء الكونجرس الجمهوريين من أنهم قد يخسرون الأغلبية فى الكونجرس العام المقبل فى حال لم يصادقوا على مشروع القانون.
لكن انقسام الجمهوريين بشأن البرنامج البديل لأوباما كير، حال دون حشد التأييد الكافى لتمرير مشروع قرار الالغاء والاستبدال. ولم يستطع ترامب بزيارته النادرة إلى مبنى الكونجرس حشد تأييد 237 نائب جمهوريًا فى مجلس النواب لتمرير القرار.
وقال النائب الجمهورى كريس كولينز أن ترامب كان واضحا فى رسالته وهى "اذا لم نفعل هذا الامر فإننا سنخسر مجلس النواب ومجلس الشيوخ العام المقبل. لقد كان واضحا وصريحا"،فى اشارة إلى انتخابات منتصف الولاية فى 2018. وكان الجمهوريون فى الكونجرس حاولوا عدة مرات إلغاء قانون أوباما كير إلا أنهم لم ينجحوا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن الخطة كانت مغامرة كبيرة لترامب ولريان، اللذين استثمرا رصيدا سياسيا كبيرا فى تمرير مشروع قانون من شأنه أن يحل محل "أوباما كير" الصادر عام 2010، وبالنسبة لترامب الذى أدار حملته الانتخابية على أساس أنه مفاوض ماهر قادر على التوصل لصفقة جيدة نيابة عن الأمريكيين، فربما يضعف هذا الأمر مزاعمه.
وتنبأت الصحيفة بأن فشل تمرير القانون، والذى يشكل أول هزيمة لترامب فى أول محاولة له لتمرير قانون مهم، ربما يقوض بنود أخرى فى قائمة الأمور التى يرغب القيام بها مثل إصلاح الضرائب والإنفاق على البنية التحتية. فضلا عن أن بقاء أوباما كير، الذى طالما عارضه الجمهوريون بشراسة على مدار السنوات السبع الماضية.
وكانت الجمعيات الكبيرة الممثلة للأطباء والمستشفيات وشركات التأمين شنت هجمات حادة على خطة الجمهوريين. وحذرت الجماعات المتخصصة فى هذا المجال بأن الاقتراح يمكن أن يجعل الأمريكيين الأكثر ضعفا بحماية أقل من تلك التى يتمعوا بها الآن.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس الأمريكى خسر معركة تشريعية كبرى ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الإنشقافات القادمة من التيار المحافظ داخل الكونجرس. وإعتبرت سحب مشروع القانون بمثابة فشل لبول ريان فى معالجة الإنقسامات االواقعة بين الجمهوريين بشأن التعديل المقترح.
وأضافت أن الأمر يكشف عن حقيقة مزعجة للساكن الجديد فى البيت الأبيض، وهو أنه بعد شهرين من رئاسته ليس لديه حتى الآن ائتلاف حاكم موثوق به، مشيرة إلى أن عدم إجتياز ترامب الإختبار التشريعى الأول له فى الكونجرس يقلل من إحتمالات إيجاد أغلبية لأولويات تشريعية أخرى.
فيما رأت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، إن ترامب لم يتحمل مسئولية فشل تمرير قانون تعديل "أوباماكير" للرعاية الصحية بالكونجرس، كما أنه لم يلق باللوم على قيادة الحزب الجمهورى ولكنه اتخذ من الديمقراطيين كبش فداء لعدم إعطاءه أصواتا لإنقاذ القانون الجديد.
وتشير الشبكة إلى أن القانون لم يكن يحظى بدعم كافى، لذلك أجبر الجمهوريين على سحب مشروع تعديل نظام الرعاية الصحية قبيل التصويت عليه لتعذر جمع أكثرية. وكان المشروع يهدف لإلغاء البرنامج الذى وضعه الرئيس السابق باراك أوباما. ولكن ترامب الذى يحب الفوز، حسبما وصفته الشبكة، كرر تعهده بإلغاء "أوباماكير" قائلا إن القانون القديم "سينفجر".
وبعد الاعتراف بالهزيمة، قال ترامب: "لم نحظ بدعم الديمقراطيين. لم نحصل على أصوات الديمقراطيين. لم يكن ليعطونا ولا صوت واحد، لذلك كان أمرا صعبا للغاية.. أعتقد الخاسرون هم نانسى بيلوسى (زعيمة الأقليات بمجلس النواب) و تشاك شامر (زعيم الأقليات بمجلس الشيوخ)".
ورفض ترامب توجيه أى انتقادات ضد رئيس مجلس النواب الأمريكى بول رايان – الذى قال الرئيس الأمريكى إنه "عمل بجد حقيقى".
كما نقلت الشبكة الأمريكية عن مصدر مقرب من الرئيس أنه وبعد فشل تشريعى محتمل أن يحلق الضرر برأس المال السياسى، سيحتاج ترامب لتوجيه الأولويات التى يهتم بها عبر الكونجرس، ولكن اللوم كله بسبب الفشل فى تمرير القانون سقط على كل شخص إلا المكتب البيضاوى، حسبما أضافت الشبكة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة