منذ عشرات السنين يتباحث أعضاء أوبك بخصوص المعيار الذى ينبغى أن يراقبوه لتقييم الالتزام بتخفيضات إنتاج النفط: الإنتاج أم الصادرات. وفى الشهر الحالى طرحت السعودية معياراً ثالثاً فى المناقشات هو إمدادات المعروض.
أدى هذا إلى انخفاض أسعار النفط فى ظل ارتباك المتعاملين الذين يخشون أن تضخ الرياض المزيد من الخام، ومن ثم تعرقل جهود أوبك الرامية لتقليص تخمة المعروض العالمى ودعم السوق. لكن مصادر فى الرياض تقول إن تلك المخاوف مبالغ فيها.
وتقول المصادر إن الإنتاج السعودى قد يشهد تقلبات طفيفة من شهر لآخر لكن إمدادات المعروض ستظل مستقرة عند نحو عشرة ملايين برميل يوميا بما يتسق تماما مع حصة السعودية فى أوبك.
وقال مصدر بالقطاع فى السعودية "ما نراقبه عن كثب هو الإمدادات. لن تمد السعودية السوق بأكثر من عشرة ملايين برميل يوميا."
وفى أول يناير بدأ سريان اتفاق بين أوبك وبعض المنتجين من خارج المنظمة على تقليص الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا.
الإنتاج هو كمية الخام التى تضخ من رؤوس الآبار بينما يشكل المعروض كميات النفط التى ترسل إلى الأسواق سواء المحلية أو الخارجية، وقد يختلف ذلك عن الإنتاج على أساس شهرى بناء على كميات النفط الداخلة والخارجة من المخزون.
وعلى مدى العامين الأخيرين لم يكن الفرق بين بيانات الإنتاج والإمدادات السعودية كبيرا، وفى يناير وفبراير لوحظت الفوارق بعد اتفاق أوبك مع زيادة تركيز السوق على الإنتاج ومدى الالتزام.
دعت الرياض مراقبى السوق وأوبك إلى التركيز على الإمدادات السعودية بدلا من الإنتاج أو الصادرات من منطلق الوضع الفريد للمملكة فى المنظمة كونها تحوز مخزونات ضخمة.
السعودية، أكبر مصدر للنفط فى العالم، هى العضو الوحيد فى أوبك الذى يملك طاقة فائضة كبيرة بما يساعدها على سد أى عجز محتمل فى المعروض العالمى.
ويمكن استغلال الطاقة الفائضة من خلال زيادة الضخ أو السحب من المخزون.
وتوسعت الرياض فى السحب من المخزونات على مدى عقود مع نمو احتياجاتها المحلية وبناء مصاف جديدة.
وبلغت مخزونات النفط الخام ذروتها فى أكتوبر 2015 عند 329.43 مليون برميل لكنها باتت تنخفض كل شهر منذ أن سحبت المملكة من مخزونها لتلبية الطلب المحلى دون التأثير على الصادرات.
وفى نهاية ديسمبر 2016 بلغ مخزون الخام لدى المملكة 272.621 مليون برميل بما يعادل نحو 10% من إجمالى مخزونات النفط لدى الدول الصناعية أو أعضاء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
بالمقارنة تبلغ طاقة تخزين احتياطى البترول الاستراتيجى الأمريكى، وهى منشأة تحت الأرض فى لويزيانا وتكساس تشكل أكبر إمدادات طوارئ فى العالم، ما يربو على 700 مليون برميل من النفط.
بيانات مربكة
غالبا ما ترسل الرياض مجموعتين من بيانات الإنتاج إلى السوق، هما بيانات إنتاجها من الخام التى تبلغ بها أوبك مباشرة وبيانات الإمدادات التى عادة ما تسربها مصادر مطلعة بالقطاع إلى الصحفيين.
ويمكن أن تعطى بيانات الإمدادات صورة أكثر اكتمالا لكميات النفط التى تصل إلى السوق وتراقبها مصادر أوبك الثانوية ووسائل الإعلام المعنية بالقطاع مثل رويترز لكن الإنتاج هو المعيار الرئيسى المستخدم فى تقييم الالتزام. واستند الاتفاقان السابقان لأوبك أيضا إلى الإنتاج.
كانت السعودية، التى تضخ ثلث إنتاج أوبك وأكثر من 20% من الإنتاج العالمى، أبلغت المنظمة بأن إنتاجها زاد إلى 10.011 مليون برميل يوميا فى فبراير شباط من 9.748 مليون برميل يوميا فى يناير.
غير أن المملكة أصدرت بيانا فى وقت لاحق تقول فيه إن إمداداتها فى يناير تجاوزت الإنتاج لتبلغ 9.99 مليون برميل يوميا بما يعنى أنها سحبت من مخزون النفط بينما جاءت إمدادات فبراير أقل من الإنتاج عند 9.90 مليون برميل يوميا وهو ما يشير إلى أنها أودعت المزيد من النفط فى المخزونات.
تبلغ حصة السعودية من إنتاج أوبك حاليا 10.058 مليون برميل يوميا.
لذا عندما أشادت السوق بالرياض فى يناير لإنتاجها كميات أقل من المستوى المستهدف لم تقل المملكة قط أنها تضخ المزيد من إمدادات الخام.
وبينما يركز اتفاق أوبك على الالتزام بالإنتاج وليس الصادرات فقد أشار بعض المحللين إلى أن الصادرات ستكون عاملا مهما فى مساعدة السوق على استعادة توازنها.
وقال أوليفييه جاكوب من بتروماتريكس للاستشارات: إن الصادرات السعودية انخفضت على مدى السنة الأخيرة بوتيرة تقل كثيرا من إنتاجها وهو ما يرجع لأسباب منها انخفاض معدل استهلاك الخام فى الشتاء ومساعى المملكة للتحول إلى توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعى.
وأضاف جاكوب "فى ظل تدنى مستوى الخفض فى صادرات النفط الخام السعودية مقارنة مع مستواها قبل عام والزيادة فى (صادرات) إيران، تصدر منطقة الخليج كميات تزيد نحو 250 ألف برميل يوميا عن مستواها قبل عام. ولم يفسح ذلك المجال أمام استعادة قدر كبير من التوازن فى الربع الأول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة