"قف للمعلم ووفه التبجيلا..كاد المعلم أن يكون رسولا".. هذه الجملة تطبق حرفيا على علاء عايد مدير المدرسة الفنية للصم والبكم بمدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية الذى يضرب مثلا فى القدرة على العمل والإبداع ومواجهة أى صعوبات وتحديات.
"علاء عايد" قصة أغرب من الخيال يضرب مثلا يحتذى به فى تحدى الإعاقة وعدم الاستسلام لها وكيف أن الله إذا أخذ شيئا من عبده عوضه بأخرى، فبعد أن أراد الله لـ"عايد" أن يفقد حاسة الإبصار إلا أن الله أنعم عليه بنعمة البصيرة وتحدى إعاقته حتى أصبح أول كفيف يدير مدرسة للصم والبكم وهو ما استغربه المواطنين متسائلين كيف لشخص كفيف لا يرى أن يتعامل مع أشخاص لا يستطيعون النطق أو السمع.
ومن هنا تبدأ رحلة علاء عايد ابن مدينة المحلة والذى يسرد قصته لـ"اليوم السابع" ويرد على تساؤلات أدهشت المئات بمدينة المحلة.
داخل حجرة بمدرسة الصم والبكم بمدينة المحلة يجلس علاء عايد المدير الكفيف على مكتبه وحوله عدد كبير من الدروع والأوسمة وشهادات التقدير التى حصل عليه طيله مسيرته فى التربية والتعليم.
يتحدث علاء عايد ورأسه مرفوعا شامخا قائلا: "إعاقتى وسام على صدرى لأنها ساعدتنى فى التواصل مع الصم والبكم وأصبحت أتعامل معهم كأى شخص سليم يسمع ويرى ويتكلم، ويضيف أن هذه التجربة أثبتت نجاحها نجاحا ساحقا بعد أسكتت أفواه أناس حاولوا إصابتى بالإحباط والنيل مع عزيمتى وظلوا يتهامسون كيف لكفيف أن يدير مدرسة طلابها صم يتطلب التعامل معهم إجادة لغة الإشارة، مؤكدا أن الله أنعم عليه بتعلم لغة الإشارة وهو ما مكنه من التواصل بصورة مباشرة وبسهولة مع الطلاب".
وأضاف "عايد" أنه يرفض أن يكون هناك وسيط للتواصل بينه وبين الطلاب إلا فى أضيق الحدود حينما يصعب على الطلاب توصيل المعلومة فأطلب منهم كتابة ما يريدون على كف يدى أو أطلب منهم استدعاء مدرس أثق فيه لترجمه ما يريدون الإفصاح عنه. وأشار مدير مدرسة الصم والبكم أنه تعلم لغة الإشارة المبصرين مع الطلاب، وأمر على الفصول باستمرار للتأكد من تفاعل المدرسين مع الطلاب وتوصيل المعلومة لهم بصورة جيدة.
وأكد "عايد" أن المدرسة حصلت على المركز السادس على مستوى الجمهورية فى الدبلوم الفنى للصم والبكم للعام الدراسى 2015/2016، كما حصلت المدرسة على الـ9 الأولى على مستوى المحافظة، كما حصلنا على شهادات تقدير فى المركز الأول فى المسرح و3 ميداليات فى مسابقة فرسان الإرادة والتحدى فى المكتبات، والمركز الأول فى كرة الجرس الخماسية، ومثلنا المحافظة فى بطولة التى أقيمت بالإسكندرية، ولدينا فريق الصامتين الذى طاف العالم وأثبت أنه لا إعاقة مع وجود العقل المستنير، وأذهلوا العالم بحركة الجسد التى تغنى عن حاسة السمع، لافتا أن الأذن تستطيع أن ترى كما تستطيع العين أن تسمع، ودائما أقول لنفسى ولأبنائى الطلاب "أدى الأعمى حقه تبقى مفتح"، واعترف أنك أعمى كأنك شايف كل حاجة". وأضاف أنه يستطيع عبور الطريق ولكن ثقافة المواطنين فى بلدنا تمنعنى خشية أن تصدمنى سيارة مسرعة بسبب الثقافات الخاطئة للقائدين.
وأوضح أنه على كل ذوى إعاقة الاعتراف بإعاقته لأننا نمتلك نفس قدرات الأصحاء وتختلف الإعاقة من إنسان لآخر والجميع سواسية أمام الله ونحن نرضى بقضاء الله. وتابع قائلا يكفينا شرفا أن الله قد عاتب رسوله الكريم فينا فى سورة "عبس" وان الرسول قال فى حديث فيما معناه من فقد إحدى حبيبتيه أو حبيبتيه أو مقلتيه وصبر عوضه الله عنهما الجنه، قائلا "ايه اللى يزعلنى انى مش شايف الدنيا الفانيه بما فيها من أشكال طيبة وغير طيبة واحمد الله على ما أنا فيه، معربا عن فرحته بنجاح التجربة لانها تجربة فريدة لم تحدث فى العالم من قبل.
وتابع مدير مدرسة الصم والبكم أنه ولد مبصرا ولكن فقد بصره وهو سن الـ3سنوات نظرا لأن الطب لم يكن متقدم. وأشار أن والده أرسل خطابا إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يلتمس فيه إلحاقه بمدرسة للمكفوفين نظرا لضيق ذات اليد وعدم امتلاكهم القدرة على إجراء عملية جراحيه فى عينيه والتحق بمعهد النور بطنطا الابتدائى، لافتا أنه بمرور الوقت حدث ضمور فى العصب البصرى واحمد الله اننى لم أجرى عمليه لأنال رضا الله وجنته فى الآخرة.
واستطرد أن حياته بالمعهد علمته الصبر والرجولة وتحمل المسئولية، ثم بعد ذلك التحقت بالمعهد الإعدادى والثانوى بالإسكندرية وهناك بدأت أدرك معنى الحصول على الحق ومعايشة المجتمع والتأقلم معه، ثم التحقت بكلية الآداب بالإسكندرية، واشتركت فى فريق الموسيقى بالكلية، ولعبت فى فريق كرة الجرس ومثلت مصر دوليا فى لوس أنجلوس فى عام 84 وحصلنا على الميدالية الفضية، ومتزوج ولديه محمد خريج خدمة اجتماعية دفعة 2012، وهبه بكالوريوس طب أسنان جامعة المنصورة.
وأكد: شعرت اننى املك هواية اننى استطيع فعل ما يفعله الأخرين، موضحا أن عشق التصوير الفوتوغرافى واعتمد فى التصوير على الأصوات، كما اعتمد فى تصوير المناظر الطبيعية على انعاكسات الهواء، لافتا أنه نجح فى تدريب حواسه على ذلك الأمر هو تدريب، مطالبا بتدريب حاسة السمع لتعويضك عن حاسة فقدان البصر وتدريب حاسة اللمس عن حاسة البصر. وأضاف أن حاسة الشم عوضته أيضا عن حاسة البصر لأنه عندما يشم رائحة شخص فعندما يذهب ويعود مرة أخرى يتعرف عليه من رائحته، كما أن حاسة اللمس عوضته أيضا عن البصر، حيث يستطيع التعرف على الشخص الذى يصافحه حتى بمرور الزمن قائلا" بلمسة ايديك انا كدا كأنى شوفت وشك".
وأضاف "عايد" أنه تم فتح عدة معارض له فى عهد عدد من المحافظين السابقين أمثال المستشار فكرى عبد الحميد والمستشار ماهر الجندى والدكتور فتحى سعد واللواء الشافعى الدكرورى وتولى منصب وكيل معهد النور بطنطا ثم مديرا للمعهد ثم عضو بلجنة الرقابة والمتابعة بمكتب وكيل الوزارة من منتصف2007 ثم مديرا لمدرسة الصم والبكم بالمحلة كتجربة جديدة، مشيرا أن كان قلقا فى بداية الأمر وكنت أردد دائما جملة " ويد الضرير ورائها عين ترى "، مؤكدا لا يمكن لأى الانسان لديه فقدان فى حاسة فى الحواس أن ينعزل عن الدنيا.
وأوضح أنه أول من بدأ مشروع النقل الجماعى للركاب، وأصر على المحاولة أكثر من مرة رغم الإعاقة ولكن كان الأصعب أن أفشل وأحاول على قدر المستطاع النجاح والتأديه فى أى عمل أقوم به، مشيرا أنه تعرض للإحراج من الكثيرين عندما تسألوا كيف لكفيف أن يدير مدرسة للصم والبكم ومن هنا قرر أن يتعلم لغة الصم والبكم. وأضاف أن من بين طلاب المدرسة طلابا لديهم القدرة على نطق بعض الألفاظ وبدأوا فى تنشيط ذلك ليكونوا على مقربة منى ومعظمهم يتكلمون لكى يصلون أصواتهم لى.
وتابع مدير مدرسة الصم والبكم أنه كان مكلفا بتشكيل لجنة لمناقشة مشروع القانون للأشخاص ذوى الإعاقة بمجلس النواب، وتم تقديم عدة مقترحات منها تعيين الـ 10الأوائل على مستوى الجمهورية من ذوى الإعاقة بقرار سيادى ثم يعين كل من يحصل على مؤهل يؤهله لسوق العمل فى فترة بينيه لا تزيد عن 5سنوات دون الارتباط بنسبة الـ5%، وتعيين نسبة الـ 5%سنويا والتأكد من أنه من ذوى الإعاقة، وكل من يثبت تزويره يجب عقابه عقابا شديدا، لافتا أن ذوى الإعاقة تبلغ نسبتهم 6% من تعداد سكان المجتمع متسائلا لماذا لايوجد فرد من ذوى الإعاقة يعمل فى أى إدارة من الإدارات المختلفة يتواصل مع العاملين بها وينهى إجراءات ذويه من ذوى الإعاقة.
وأشار أنه عقب مناقشة مشروع القانون نمى إلى علمه أن مشروع القانون تم استبداله بمشروع قانون مقدم من غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، متوقعا أنه حال استبعاد القانون واستبداله بقانون الحكومة فلن يكون هناك حقوقا لذوى الإعاقة ولكن سيتم تفصيل قانون ترضى عنه الحكومة ومجلس النواب. وأضاف أن هناك دولا عربيه طلبت منه تطبيق تجربته فى مدارسها إلا أنه رفض قائلا "مصر أولى بيا من أى دولة تانية".
وقال علاء عايد: إذا كان الكفيف مُستطيع غيره فى بعض الأمور فهو مُستطيع بنفسه وقادر على أن يفعل ما لا يفعله الآخرون ويمكن بجوده أفضل" واللى بيحب يعمل حاجة بيعملها طالما يرضى الله اولا ثم يرضى ضميره وأحاول تنفيذ الجودة فى إخراج افضل ما لدينا وبتكلفة بسيطة فى وقت قليل. وطالب "عايد" من المجتمع عدم التقليل من قدر ذوى الإعاقة لأن الله رفع من قدرهم قدرنا فى كل الديانات قائلا: "إذا كان لدى فقدان فى حاسة من الحواس فإن الله عوضنى فى حواس أخرى".
حوار اليوم السابع مع مدير المدرسة الكفيف
علاء عايد مدير مدرسة الصم والبكم
كفيف يدير مدرسة للصم والبكم
محرر اليوم السابع مع مدير المدرسة الكفيف
وزير التربية والتعليم يكرم علاء عايد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة