خالد عزب يقرأ كتاب "النقود الإسلامية" لـ عاطف منصور.. أداة للتأريخ وفهم المجتمعات واقتصادها.. المؤلف يبدأ من عهد الرسول حتى سقوط الخلافة.. ويرصد عملات الشيعة والخوارج والفرق الباطنية

الجمعة، 03 فبراير 2017 03:49 م
خالد عزب يقرأ كتاب "النقود الإسلامية" لـ عاطف منصور.. أداة للتأريخ وفهم المجتمعات واقتصادها.. المؤلف يبدأ من عهد الرسول حتى سقوط الخلافة.. ويرصد عملات الشيعة والخوارج والفرق الباطنية غلاف كتاب "النقود الإسلامية"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك نخبة من علماء مصر نادراً ما نعرفهم على شهرتهم خارج مصر ومن هؤلاء الدكتور عاطف منصور، عميد كلية الآثار جامعة الفيوم، والذى يُعد خبيراً دولياً فى مجال النقود وتاريخها وأنواعها، ومؤخراً أنجز دكتور عاطف منصور أول موسوعة عربية للنقود الإسلامية عنونها "النقود الإسلامية وأهميتها فى دراسة التاريخ والآثار والحضارة الإسلامية" وبالتالى هو يتعامل مع النقد بوجهة نظر أوسع كثيراً من غيره من العرب الذين تعاملوا من ذى قبل.

 

ويرى عاطف منصور، أنه فى الكتاب نماذج مختلفة على جوانب الحياة المختلفة فى العصر الإسلامى، شملت نماذج هذه الموسوعة معظم الدول والأسرات التى قامت فى أرض الإسلام من المغرب والأندلس غرباً حتى الهند والصين شرقاً، ومن أواسط أوروبا شمالاً حتى أواسط أفريقية جنوباً، وذلك فى فترة زمنية تمتد منذ صدر الإسلام وعهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وحتى بداية العصر الحديث، ولم تقتصر هذه النماذج على الأسرات والدول الإسلامية فحسب، بل تناولت أيضاً نقود الدول التى قلد حكامها النقود الإسلامية، أو الدول التى تأثر حكامها فى إصدار نقودهم بالطراز الإسلامى فى النقود من حيث الشكل أو المضمون، وأيضاً نقود الدول التى كان يعيش فيها رعايا المسلمين، وحرص حكام هذه الدول على كسب ود هؤلاء المسلمين من خلال نقش بعض المظاهر الإسلامية على نقودهم.

 

هذا الكتاب يبدأ بالفصل الأول وهو عن "النقود الإسلامية.. النشأة والتطور"، والقصد من هذا الفصل أن يكون مدخلاً لدراسة أهمية النقود فى العصر الاسلامى، لذلك كان من الضرورى أن يتعرف القارئ على نشأة النقود الإسلامية، وأهم الدول التى قامت بإصدار النقود فى العصر الإسلامى، لذلك فإن هذا الفصل يتناول نشأة النقود الإسلامية، وتطورها فى إطار تاريخى وجغرافى للدول الإسلامية، حيث يبدأ الفصل بتمهيد عن نشأة النقود فى العالم، ثم نقود شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.

 

يبدأ التاريخ النقدى للعالم الإسلامى منذ صدر الإسلام وعهد الخلفاء الراشدين، فقد أقر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم النظام النقدى المتداول، والذى كان يعتمد بصورة رئيسية على الدنانير البيزنطية والدراهم الساسانية، وبعض العملات العربية الأخرى مثل الدراهم الفضية اليمنية، وقد فرض الرسول صلى الله عليه وسلم الزكاة بهذه النقود ولم يعترض عليها، لكنه حث المسلمين على عدم كسر سكة المسلمين المتداولة بينهم حفاظاً على مصالح المتعاملين بهذه النقود، ولم تسمح الظروف التى عاشتها الدولة الإسلامية الناشئة إبان حكم الخليفة الأول أبى بكر الصديق له بالنظر فى النظام النقدى، وذلك على العكس من عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب الذى أتاحت له الانتصارات المتوالية فى العراق وإيران والشام ومصر الفرصة لبناء الدولة الإسلامية على أسس منظمة، فصار لها كيان سياسى وعسكرى وإدارى واقتصادى، لذلك نظر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى أمر النقود وقام بالعديد من الإصلاحات فى النظام النقدى، ويُنسب إليه الفضل فى أنه أول خليفة فى الإسلام يقوم بإصدار النقود برعاية الدولة الإسلامية.

 

وبعد عهد الخليفة عمر بن الخطاب شهدت النقود العديد من التطورات حتى تم إصدار النقود العربية الإسلامية فى عهد الخليفة الأموى الخامس عبد الملك بن مروان، وصارت للنقود الإسلامية منذ عهد عبد الملك خصائصها ومميزاتها، وذلك حتى سقوط الدولة الأموية فى سنة 132هـ/750م، حيث قامت الخلافة العباسية على أنقاضها وصار لها نظامها النقدى الخاص بها، وعندما ضعفت الخلافة العباسية فى أوائل القرن الثالث الهجرى بدأ العديد من حكام الأقاليم والولايات المختلفة فى الاستقلال وتأسيس دول مستقلة لهم، وبعض هذه الدول كان يتبع الخلافة العباسية فى بغداد اسمياً، والبعض الآخر استقل استقلالا تاماً عن الخلافة العباسية، وقد قامت العديد من الدول شرق وغرب العالم الإسلامى فى أعقاب سقوط الخلافة العباسية سنة 656هـ/1258م، بعد اجتياح المغول لمدينة السلام عاصمة الخلافة، وبدأت الخريطة السياسية للعالم الإسلامى فى التغير، وظهرت العديد من الدول فى شرق العالم الإسلامى وغربه.

 

وكان لهذه الدول المختلفة نظم نقدية خاصة بها، حيث قام حكام كل دولة بضرب المسكوكات بأسماء حكامها، ونقش عليها نصوص كتابية تعبر عن الاتجاه السياسى والدينى لكل دولة، ويمكن من خلال دراسة نقود كل دولة فى ضوء الظروف والأحداث المعاصرة لها التعرف على كثير من جوانب الحياة المختلفة لهذه الدول سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية أو مذهبية أو غيرها، وهو ما قام الدكتور عاطف منصور بتناوله بصورة مختصرة فى هذا الفصل، حيث تناول نقود الدول والأسرات الإسلامية التى قامت فى بلاد المغرب والأندلس، ثم عرض بعد ذلك لنقود مصر والشام، ثم نقود أهم الدول والأسرات التى قامت فى العراق وإيران، وأخيراً نقود بعض الدول والأسرات الإسلامية فى الهند.

 

أما الفصل الثانى من هذه الموسوعة فهو عن "دور النقود فى الحياة السياسية فى العصر الإسلامى" وتناول عاطف منصور فيه العديد من الموضوعات التى تلقى الضوء على أهمية النقود فى هذا الجانب، مثل اعتلاء الخلفاء والحكام للعرش، وتولى أكثر من شخص للحكم مشاركة، واعتلاء النساء الحكم فى بعض الدول، وأيضاً تولى بعض الخدم والعبيد للحكم، ثم تناول أيضاً دكتور عاطف منصور التبعية السياسية بين الدول والحكام، ونقود الاحتلال والسيطرة العسكرية، ونقود المعاهدات والتحالفات السياسية بين الدول، ثم نقود الثوار والخارجين، ونقود ولاة العهد، وأخيراً أهمية النقود فى حسم الخلاف بين المؤرخين بشأن بعض الأحداث السياسية.

أما الفصل الثالث فيعرض لدور النقود فى الحياة الاجتماعية فى العصر الإسلامى، وعرض فيه المؤلف العديد من الموضوعات التى توضح دور النقود كجهاز إعلامى فى إعلام الرعية بالمناسبات الاجتماعية المهمة التى تشهدها البلاد، مثل الزواج والمصاهرة، والمناسبات السياسية، والبيعة بولاية العهد، وتأسيس المدن الجديدة، والانتصارات العسكرية، والمناسبات السيئة، ونقود الدعاية الدينية والمذهبية، وأخيراً النقود التى تضرب فى الأعياد والمهرجانات والمناسبات الاجتماعية الأخرى.

 

بينما يتناول الفصل الرابع "دور النقود فى التعبير عن العقائد والمذاهب الدينية"، حيث يبدأ الفصل بدراسة نقود المذاهب والفرق الإسلامية، وهى مذاهب أهل السنة والجماعة، ثم الخوارج، ومن أهم فرق الخوارج التى وصل إليها المؤلف نقود الأزارفة، العطوية الشراة (الحرورية – الصفرية)، الأباضية، النكارية، صاحب الزنج، ثم يعرض المؤلف بعد ذلك لنقود العلويين، وهم محمد وإبراهيم ابنا عبد الله، والأدارسة، وابن طباطبا العلوى، وإبراهيم بن موسى الجزار، والعلويون فى طبرستان، وبنو الرسى فى صعدة، والعلويون فى مكة، والأشراف الحسنيون، وأشراف فيلالى بالمغرب، وأسرة حسين شاه فى البنغال.

 

ويتناول هذا الفصل بعد ذلك نقود الشيعة وفرقهم المختلفة مثل الإسماعيلية والمستعلية والنزارية والأئمة الاثنى عشرية، ثم يُلقى المؤلف الضوء بعد ذلك على المذاهب التى وضعها بعض الأشخاص والحكام مثل مذهب التوحيد للمهدى محمد بن تومرت فى بلاد المغرب، والمذهب الإلهى الذى وضعه الإمبراطور المغولى الهندى جلال الدين محمد أكبر، ويعرض هذا الفصل أيضاً للعقائد والديانات غير الإسلامية التى ظهرت على النقود الإسلامية، أو النقود التى تعامل بها أو قلدها المسلمون، مثل الديانة الزرادشتية، والديانة المسيحية، والديانة البوذية، وأخيراً يلقى هذا الفصل الضوء على دور النقود فى التعبير عن عقيدة الحاكم، وقيام بعض الحكام باعتناق عقائد ومذاهب أخرى فى فترات حياتهم المختلفة.

 

أما الفصل الخامس فهو عن "دور النقود فى الحياة الاقتصادية فى العالم الإسلامى" حيث يلقى دكتور عاطف منصور الضوء فى هذا الفصل على الوظيفة الأساسية للنقود وهى كونها أداة اقتصادية ضُربت لتسهيل المعاملات بين الناس، وقد تناول فى هذا الفصل بعض الموضوعات التى تتعلق بوظيفة النقود الاقتصادية، فيبدأ الفصل بدراسة المصنع الذى كان منوطاً به إصدار النقود وهو دار السك، حيث يتم إلقاء الضوء على وظيفة دار السك، وأهمية احتكار الدولة لصناعة النقود، ثم نعرض للجهاز الإدارى الذى يشرف على إصدار النقود، ثم الإشراف الفنى، ويلى ذلك توضيح لأهم الأساليب الصناعية والفنية المستخدمة فى إنتاج النقود.

ويتناول هذا الفصل أيضاً أهم النظم الاقتصادية والنقدية التى وضعها بعض الحكام فى العصر الإسلامى، ويلى ذلك دراسة لأهمية النقود الإسلامية فى حركة الاقتصاد العالمى، حيث نلقى الضوء على رواج النقود الإسلامية فى العالم، وقيام بعض الحكام والدول غير الإسلامية بتداول هذه النقود وتقليدها، كما يتم إلقاء الضوء أيضاً على غزو بعض النقود الأجنبية لأسواق الشرق الإسلامى.

 

يعرض هذا الفصل أيضاً لأهم الفئات والوحدات النقدية فى العصر الإسلامى، وأيضاً العملات المساعدة وأهميتها فى الحفاظ على النظام النقدى للدولة، وأخيراً يتناول هذا الفصل ظاهرة غش النقود وتزييفها من حيث الأسباب، والأسلوب الذى لجأت إليه الدول للقضاء على هذه الظاهرة.

أما الفصل السادس والأخير من هذا الكتاب فهو عن "الشكل والمضمون فى النقود الإسلامية" وهذا الفصل يعتبر دراسة شاملة وجامعة لكل ما ورد على النقود فى العصر الإسلامى من نقوش وزخارف وكتابات، ودراستها دراسة عامة من حيث الشكل والمضمون، ويهدف هذا الفصل من خلال عشرات العناوين التى تناولها المؤلف (حوالى 130 عنواناً) مساعدة الباحثين فى شتى مجالات الآثار والتاريخ والجغرافيا والحضارة الإسلامية على الاستفادة من النقود الإسلامية، كل منهم حسب تخصصه، وذلك فى ضوء العناوين التى تناولها هذا الفصل، كما أن هذه الموضوعات قد عرضت لها بصورة غير مفصلة حتى يستطيع أى باحث آخر أن يختار منها أى موضوع يصلح ليكون بحثاً مستقلاً وهو ما يهدف إليه هذا الكتاب أيضاً.

 

ويبدأ هذا الفصل بدراسة للشكل العام للنقود الإسلامية من حيث التصميم العام للنقود، ثم تحديد وجه وظهر قطعة النقود، ثم تعريف مصطلح الطراز فى النقود الإسلامية، ويتناول هذا الفصل بعد ذلك أنواع الخطوط التى ظهرت على النقود فى العصر الإسلامى سواء كانت خطوطاً عربية أو غير عربية.

 

ويتناول مضمون الكتابات التى ظهرت على النقود فى العصر الإسلامى فيبدأ بالآيات والاقتباسات القرآنية ودلالاتها، مع فهرس شامل لها، ويلى ذلك دراسة للأسماء التى وردت على النقود مع فهرس للاختصارات التى استخدمت للدول التى وصلنا لها نقود فى العصر الإسلامى، ثم أسماء الثوار الذين قاموا بسك النقود فى العصر الإسلامى، ويلى ذلك دراسة للألقاب والكُنى والنعوت التى ظهرت على النقود، مع جداول وفهارس لها، ثم الكتابات غير القرآنية والعبارات الدعائية التى ظهرت على النقود ودلالاتها، مع فهرس لهذه الكتابات، ويلى ذلك دراسة للأشعار العربية والفارسية التى وردت على النقود الإسلامية مع ترجمة عربية للأشعار الفارسية.

النقود أيام الفاطميين
النقود أيام الفاطميين

 

ويتناول الحروف العربية على النقود والآراء التى قيلت بشأنها، ويلى ذلك دراسة لرموز الأرقام التى استعملت على النقود، والتى استخدمت بصفة خاصة فى تسجيل تاريخ السك، ثم يُلقى المؤلف الضوء بعد ذلك على أنواع التواريخ والتقاويم التى استخدمت على النقود فى العصر الإسلامى، كما يعرض هذا الفصل لجغرافية بلاد الإسلام من خلال مدن سك النقود الإسلامية، وكيفية الاستفادة منها فى دراسة جغرافية العديد من البلاد والمدن فى العصر الإسلامى، ويلى ذلك فهرس عام للمدن التى ضربت فيها النقود الإسلامية، وموقعها الجغرافى والدول التى قامت بإصدار النقود فى هذه المدن.

النقود فى العصر الأموى
النقود فى العصر الأموى

 

ويتناول الفئات النقدية، والشعارات والعلامات و الرموز ودلالاتها على النقود، ثم دراسة لأهم أنواع الزخارف التى ظهرت على النقود مثل الزخارف الآدمية والحيوانية، والطيور والأسماك، والكائنات الخرافية، والزخارف النباتية والهندسية، والرسوم المعمارية والفلكية ورسوم التحف والمنتجات الفنية والعسكرية.

نقود
نقود

 

وأخيراً يتناول هذا الفصل الأخطاء التى ظهرت على النقود الإسلامية، وأنواعها وأسبابها ودلالاتها، والقصد من ذلك أن يتعامل الباحث مع النقود الإسلامية بشىء من الحذر، لأنه يصادف قطعة عليها واحد من هذه الأخطاء مما قد يتسبب فى الخروج بنتيجة غير صحيحة من دراسة هذه القطعة، وهو ما ضربت له بعض الأمثلة عند تناول المؤلف لهذا الموضوع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة