روحانيات أولياء الله الصالحين بالأقصر كما تجذب الأهالى والمواطنين من جميع أنحاء محافظات الصعيد، فإن بريقها يلمع فى أعين السائحين الأجانب من مختلف دول العالم لدى زيارتهم لمصر، حيث يسعى السياح لزيارة أضرحة الصالحين من أهل العلم السابقين التى مازالت منتشرة على بعد خطوات من معبدى الكرنك والأقصر، لمشاهدتها عن قرب والتمعن فى المعتقدات الخاصة بالمصريين فى تقديس زيارات الصالحين للحصول على البركات والتيمن بأهل الله الصالحين.
ورغم تناثر المعابد والمقابر والأديرة الخاصة بملوك الفراعنة فى البر الشرقى والغربى لمحافظة الأقصر، إلا أن العشرات من السياح يلهثون خلف الدخول والزيارة لأضرحة أولياء الله الصالحين لمشاهدتها عن قرب إما للتنزه أو الحصول على الصور التذكارية أو البحث والتنقيب فى منابر العلم والعلماء عن تاريخهم وأسباب تواجد تلك الأضرحة حول المعابد الفرعونية القديمة والصلة بين كونها مواقع تعبد حديث مع معابد الصلوات الفرعونية.
وفى هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر، إن السائحين الأجانب يقومون بوضع أضرحة بعينها فى جداول زياراتهم للأقصر للتعرف على تاريخ صاحب الضريح وأسباب تواجدهافى محيط المعابد والمدينة، فهناك ضريحين بقلب آثار الأقصر يقبل عليها السياح بصورة يومية وهما ضريح الإمام أبو الحجاج الأقصرى فى قلب معبد الأقصر بكورنيش النيل، والذى تمت تسميه أشهر ساحة وميدان فى المحافظة باسمه، والثانى ضريح الإمام على بن دقيق العيد الذى مازال راسخاً فى مدخل معابد الكرنك منذ عشرات السنين، أما الضريح الثالث فقد أكد ابن مدينة أرمنت محمد عبد الدايم الرزيقى أنه يوجد بقلب مدينة أرمنت غرب الأقصر وهو ضريح الشيخ أبو حطب الذى له تاريخ كبير وسيرة مع سيدنا موسى عليه السلام فيقبل السياح والمصريين والخبراء على زيارته ومعرفة تاريخ هذه الأسرار التاريخية.
الضريح الأول الذى يزوره السائحين الأجانب والمصريين لدى زيارتهم لكورنيش النيل ومعبد الأقصر، هو ضريح الإمام العارف بالله سيدى أبو الحجاج الأقصرى، الذى يعود نسبه إلى الإمام على زين العابدين بن الامام ابى عبد الله الحسين بن الامام على بن ابى طالب وأمه السيدة فاطمة الزاهراء بنت سيد الأولين والآخرين سيدنا "محمد"- صلى الله عليه وسلم- والذى كان ينتمى إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية، وقد ولد الشيخ فى أوائل القرن السادس الهجرى بمدينة بغداد، فى عهد الخليفة العباسى المقتفى لأمر الله.
وكشف الطيب عبد الله مرشد سياحى بالأقصر، أنه يقوم بتنظيم زيارات لأفواج السائحين للتعرف على سحر وتاريخ ضريح أبو الحجاج الأقصرى القابع فى قلب معبد الأقصر منذ مئات السنين، حيث يفند لهم سيرة سيدى أبو الحجاج الأقصرى الذى ترك العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبوالحجاج إلى الأقصر، والتقى بسيدى عبد الرحيم القنائى (صاحب مسجد قنا الشهير)، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته فى عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبى عن 90 عاماً، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وتوفى الشيخ بالأقصر عام 642هـ، ويقال أنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر، ودفن بضريحه القائم فوق معبد الأقصر.
وأوضح المرشد السياحى إبن الأقصر، أن عددا كبيرا من البعثات الأجنبية يقومون بعمل أبحاث ودراسات على تعانق مقر العبادة الفرعونى وهو معبد الأقصر بكورنيش النيل، وكذلك التاريخى المميز لضريح أبو الحجاج الأقصرى حيث أنه يحتوى على أعمدة أثرية ويضم أجزاء من معبد الأقصر، الأمر الذى جعل ضمه لوزارة الآثار أمر حتمى، وكذلك يرصدون الأهالى المصريين الذى يقومون بالتبرك بالضريح والإمام أبو الحجاج وذلك عبر توزيع الخبز الصغير والأرز باللبن والتمر على مريديه، كما تقصده العروس قبل زفافها لطلب البركة بأهل الله الصالحين، ويقصده السائحين لعمل جولات داخله والتعرف على تاريخ صاحب الضريح والتقاط الصور التذكارية داخله.
ويؤكد الطيب عبد الله أن أبرز ما يميز مسجد وضريح سيدى أبو الحجاج الأقصرى أنه مضى على بنائه أكثر من 8 قرون، بشكله الفريد وتوسطه لكتلة أثرية فريدة يقصدها السياح من مختلف البلدان جعله يخطف أنظار السياح القاصدين زيارة معبد الأقصر، وتحول لدى الكثير منهم إلى فقرة رئيسية ضمن برامجهم لزيارة آثار مدينة الأقصر، حيث أنه قيمة تاريخية وأثرية تخطف عيون الوافدين إلى معبد الأقصر، للبحث فى تاريخ هذا المسجد والسبب وراء وجوده فى أحضان معبد الأقصر بهذا الشكل، ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 658هـ، الموافق 1286م، وقد بنى بساحة معبد الأقصر على نسق المساجد الفاطمية القديمة، ليزاحم تماثيل رمسيس الثانى أحد أعظم الملوك الرعامسة، الذى ينسب إليه إنشاء معبد الأقصر، ويقف شاهداً على 3 حضارات إنسانية، حيث يخترق بطابعه الإسلامى بهو معبد الأقصر الذى يحتوى على الكثير من مظاهر الحضارة الفرعونية من أعمدة وتماثيل ونقوش ورسومات لا تزال حية على جدران المعبد، والذى يضم أيضا بالإضافة إلى المسجد بقايا كنيسة قبطية قديمة طمرت تحت مبنى المسجد الذى يرتفع فوق سطح أرض المعبد بأكثر من 10 أمتار.
ويقول المرشد السياحى الأقصرى إنه تم تسجيل مسجد أبو الحجاج الأقصرى، كأثر إسلامى فى 21 يونيو 2007، وهو عبارة عن ساحة مربعة الشكل، مغطاة بقبو ومدخله الرئيسى يقع بالجهة الغربية جرت له عمارات كثيرة فى العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية والحديثة، وهو مشيد على الجهة الشمالية الشرقية لمعبد الأقصر، ويبلغ ارتفاع مدخله 12 مترا، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة فى العمارة الإسلامية، ويعلو المسجد شريط من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر، لكن ما يميز المسجد عن بقية المساجد هو احتوائه على أعمدة وأعتاب ونقوش مشابهة تماما لمعبد الأقصر، وقد جاء اكتشاف هذه النقوش بالصدفة البحتة بعد تعرض المسجد لحريق، وكانت المفاجأة عندما كشف العاملون بالترميم عن وجود أعمدة أثرية من الطراز الفرعونى مطمورة بالمسجد، وتبين أن هذه الأعمدة هى جزء من معبد فرعونى ضخم يغطيه تل من التراب والطمى وهو نفس التل الذى قام سيدى أبو الحجاج الأقصرى ببناء مسجده فوقه، مشدداً على أن عدد كبير من المرشدين السياحيين بإدراج مسجد أبو الحجاج الأقصرى فى قائمة زياراته مع السائحين خلال تواجدهم بمعبد الأقصر، حيث أن أى سائح يزور المعبد يكتشف المسجد فى الجزء الخلفى منه، فيسأل عن سبب وجوده هنا وزمن بنائه بذلك المشهد، فيتوجه بهم للمسجد ليشرح لهم تاريخ المسجد وتاريخ العارف بالله أبو الحجاج الأقصرى.
أما الضريح الثانى فى زيارات السائحين بمحافظة القصر، هو ضريح الشيخ "تقى الدين أبو الفتح محمد بن على بن وهب بن مطيع القشيرى"، والذى اشتهر بلقب (على بن دقيق العيد)، والذى يتواجد على بعد خطوات من صرح ومدخل معابد الكرنك. وفى هذا الصدد يقول الطيب غريب كبير مفتشى معبد الكرنك، إن عدد كبير من السائحين يتوجون إلى المرشدين بالأسئلة على تواجد الضريح فى هذا المكان، فيقومون بعمل شرح سريع لهم عن تاريخه وتاريخ الإمام على بن دقيق العيد، والذى ولد فى عام 1228 ميلادية وتوفى عام 1302م، وهو أحد علماء الأزهر الشريف، وكان يلقب بـ"قاضى القضاة" لحكمته فى فترة توليه القضاء بمصر، وله مقام فى القرافة الشهيرة بالقاهرة، وهو من مدينة قوص بمحافظة قنا التى اشتهرت بالعلماء، وجده "مجدى الدين القشيري" كان أحد علماء الأزهر أيضاً، وكان أحد من تولوا القضاء المصرى فى وقته، فكان له هذا المقام فى الجبانة القديمة بالمنطقة الأمامية لمعبد الكرنك، والتى تمت تحويلها فى الخمسينات إلى جبانة "السيد يوسف" للحفائر وأعمال التوسعات وقتها.
ومع شهرة الضريح وتوافد السياح عليه يقول الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، إنه قد تم الاحتفاظ بضريح الشيخ "على بن دقيق العيد"، وبقى أمام المعبد وكان يزار لفترة قريبة من الأهالى للتبرك بالشيخ فى الافراح والاحتفالات لأخذ البركة، وكان يقابله مقام آخر فى المنطقة القديمة يسمى "الشيخ بعيبش" وقد تمت إزالته لكون يتعارض مع طبيعة الآثر ولم يجدوا داخله أية رفات لجسد أحد مدفون، كما يتوجه إليه بصورة يومية السائحين المقبلين على زيارة أشهر معابد مدينة الأقصر فى التاريخ، ويقومون بالتعرف على تاريخه بالكامل فى فقرة من شرح رجال الإرشاد السياحى والأثريين وكذلك التقاط الصور التذكارية أمام الضريح المتواجد على بعد خطوات من مدخل معابد الكرنك.
الموقع الثالث الذى أغلق خلال الشهور الأخيرة عن زيارات السياح والمصريين له، هو ضريح الشيخ أبو حطب بمدينة أرمنت غرب الأقصر، حيث كان يتوافد عليه السائحين والدارسين فى مجالات العلوم والتاريخ، حيث يقول الروائى الأقصرى محمد عبد الدايم الرزيقى إنه توجد رواية تاريخية بين الأهالى بمدينة أرمنت عن كرامات وعلامات الشيخ أبو حطب، تحكى أن التماسيح كانت تنقلب على ظهرها عند أرمنت إكراماً للشيخ أبوحطب، صاحب المقام الموجود هناك، وتعود الأسطورة إلى دعاء الشيخ أبوحطب لله عندما أكلت التماسيح أمه، بأن تنقلب كل تماسيح أرمنت على ظهرها، موضحاً أن الحقيقة العلمية فتؤكد أن مياه الفيضان قبل إقامة خزان أسوان وقناطر إسنا كانت تأتى مندفعة، فتصطدم بثنية النيل عند أرمنت، فتقلب التماسيح على ظهورها نتيجة تيار المياه المندفع، وفى ثنية الأقصر تكون قد أنهكت فيسهل اصطيادها، ولذلك عند بداية هذه الثنية عند قرية المحاميد أقام الفراعنة معبداً لعبادة الإله سوبك "التمساح".
ويضيف الروائى محمد عبد الدايم الرزيقى أنه مع تلك الشهر للضريح والشيخ أبو حطب قرر عدد من السياح الذين قام بعمل زيارات لهم تحت إشرافه، حيث أن عدد منهم يظن أنه قصته ترتبط بقصة صندوق موسى عليه السلام رحلة هادئة من لحظة إلقائه فى اليم عند الطود حتى التقطته امرأة فرعون عند قصرها بطيبة، قائلاً أنه من العجيب أن اليهود يحتفلون بمولد الشيخ أبو حطب رغم تاريخه المجهول ويعتبرونه جزءاً من تراثهم.
ضريح الإمام أبوالحجاج الأقصري بقلب معبد الأقصر
السياح في زيارة ضريح ومسجد أبو الحجاج الأقصري
سياح الكرنك يحرضون علي إلتقاط-صور تذكارية امام ضريح بن دقيق العيد
السائحون يلتقطون صور تذكارية بجوار ضريح أبو الحجاج الأقصري
السياح يضعون زيارة ضريح أبوالحجاج في جداول زياراتهم السياحية بالأقصر
السياح الزوار لمعبد الكرنك يتوجهون يومياً لضريح بن دقيق العيد
سائحين في طريقهم لضريح بن دقيق العيد بالكرنك
ضريح أبوالحجاج الأقصري قبلة السائحين بالأقصر
ضريح بن دقيق العيد يعانق معابد الكرنك
ضريح الإمام أبو الحجاج الاقصري يستقبل السياح يومياً
مشهد لضريح أبو الحجاج الأقصري يعانق معبد الأقصر
ضريح الشيخ علي بن دقيق العيد بمعابد الكرنك
لهو السياح والاطفال امام ضريح أبو الحجاج الاقصري
السياح المصريين والاجانب داخل ضريح ابو الحجاج الاقصري
السائحين الاجانب يلتقطون صور لضريح-بن دقيق العيد بالكرنك
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة