محمد محمود حبيب يكتب : خدعوك فقالوا.. عيد الحب حرام

الثلاثاء، 14 فبراير 2017 03:48 م
محمد محمود حبيب يكتب : خدعوك فقالوا.. عيد الحب حرام عيد الحب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ينتظر كثير من المتشددين والدواعش مناسبات كثيرة لينشروا ما كُتب لهم فى الكتالوج المتشدد وهى كتب شيوخهم، ويتبارون لبثه على الناس باعتقاد إن هذا الكتالوج هو الدين المستقيم الحق، ويخلطون بين مخالفات المناسبة والمناسبة نفسها ومنها على سبيل المثال مناسبة عيد الحب ويزعمون أنه عيد العشاق ويعتقدون أنه تتم فيه الفواحش والمنكرات، وهذا التعميم ليس فى محله، وأى مخالفات شرعية تحدث فيه لا يتردد أى دين فى تحريمها، ونؤكد مراراً وتكراراً تحريم الاحتفال بأى عيد دينى لأى ملة، ولكن الأعياد الدنيوية لا دليل على تحريمها، وإن كان الأفضل عدم قصر هذه المناسبة على يوم واحد فقط بل يجب أن تكون كل السنة عيد حب وعيد أم.

ويرى المتشددون أن هذا العيد أو هذا اليوم يرتبط بعدة مخالفات شرعية كفعل الفواحش فيه، ولكن هذه مغالطات وظن سوء ليس عليه دليل ومن ذلك :

1-    قالوا إن أصل هذا العيد يرجع إلى الرومان القدماء، فقد كانوا يحتفلون بعيد يسمى (لوبركيليا) فى يوم 15 فبراير كل عام يقدمون فيه القرابين لإلههم المزعوم (لركس) ليحمى مواشيهم ونحوها من الذئاب، كى لا تعدو عليها فتفترسها، وقد تغيّر هذا العيد ليوافق يوم 14 فبراير.

ونقول:  هذا الأمر ليس له علاقة بفالنتاين أو عيد الحب، والثابت أنه بعد ذلك بكثير جداً وفى القرن الثالث الميلادى، كان حكم الامبراطورية الرومانية لكلايديس الثانى الذى قام بتحريم الزواج على جنوده، بحجة أن الزواج يربطهم بعائلاتهم فيشغلهم ذلك عن خوض الحروب وعن مهامهم القتالية، فقام فالنتاين بالتصدى لهذا الأمر، وكان يقوم بإبرام عقود الزواج سراً، ولكن افتضح أمره وقبض عليه، وحكم عليه بالإعدام، وقد نفذ فيه حكم الإعدام فى 14 فبراير عام 270 ميلادى، ومن تقدير الناس له بالغوا فى أمره فجعلوه قديساً.

والمستفاد أن فالنتاين هذا سن سنة حسنة والتى حث عليها الإسلام بعده بثلاثة قرون، فالغرض من عيد الحب هو  البعد عن  التبتل أو عدم الزواج وهو أمر نهى عنه الإسلام .

- قالوا بأن شهود أعياد المسيحيين محرم بنص القرآن من قوله عز وجل "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً[سورة الفرقان 72] " ويستند المُحرّمون على ما ورد عن غير واحد من السلف بأن عدم شهادة الزور تعنى عدم التهنئة بأعياد غير المسلمين. وعيد الحب من أعيادهم فيحرم فعله والتهنئة.

 ونقول: قد ورد فى شهود وحضور الزور عدة أقوال وتفاسير مختلفة من التابعين  مثل تفسيرها بالكذب واللهو بل والغناء فهى اجتهادات وليست حجة خصوصاً عند الاختلاف وتعدد تفاسير الآية، ولم يأت فيها تفسير للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولا عن الصحابة إلا عن ابن عباس بقوله هى: أعياد المشركين

فنقول: لم يصح عن ابن عباس ذلك، فقد أخرج هذا القول الخطيب البغدادى فى تاريخه (12/14)، وإسناده ضعيف لا يصح، ففيه على بن عاصم، وجمهور المحققين على ضعفه، فقد قال ابن حجر فى ترجمته فى تهذيب التهذيب (7/345): "قال ابن المدينى عنه: كان كثير الغلط وكان إذا غلط فرد عليه لم يرجع". بل هذا يخالف ما صح عن ابن عباس كما أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه برقم (11847) عن سعيد بن جبير، قال: مات رجل نصرانى وله ابن مسلم، فلم يتبعه فقال ابن عباس: «كان ينبغى له أن يتبعه، ويدفنه، ويستغفر له فى حياته ».

3 - قالوا يحرم الاحتفال بأعياد غير المسلمين لقول النبى (صلى الله عليه وسلم): " وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ "

ونقول : هو حديث ضعيف لم يخرجه البخارى ولا مسلم، وكل طرقه ضعيفة، بل ضعّفه جمع من العلماء منهم الإمام أحمد بن حنبل فقال عن أحد رواته : "أحاديثه مناكير"، كما قال الذهبى فى ميزان الاعتدال برقم (4828)، أى لم يستثن ابن حنبل هذا الحديث من مرويات هذا الراوى، وكذلك ضعّفه الإمامان دُحيم، وأبو حاتم بقولهما : " هذا الحدِيثُ ليس بِشىءٍ " كما فى العلل لابن أبى حاتم (956)   فضلاً عن لابد من وجود نية مصاحبة بقصد التشبه.

 

4-  قالوا ليس فى الإسلام أعيادا غير الفطر والأضحى

فنقول: عيد الحب وعيد الأم ورأس السنة الميلادية وشم النسيم ليست أعيادا عند المسيحيين ولكن بعضها هى مناسبات تسبق أو تلى أعياد المسيحيين، وأقوى دليل فى تحريم هذه المناسبات عند القائلين بتحريمها هو ما جاء عَنْ أَنَسٍ ( رضى الله عنه) قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: " إن اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ "

والحديث فيه مخالفة تاريخية واضحة، فقد ثبت تاريخياً أن عند قدوم النبى (صلى الله عليه وسلم) المدينة فى أول السنة الأولى من الهجرة لم تكن شُرّعت بَعدُ الأعياد !!! فحتى لم تُشرّع بعدها بشهور فى نفس السنة، بل فى أواخر السنة التى تليها فى الشهر التاسع ( رمضان ) وبعدها بسنوات فى الشهر الثانى عشر (ذى الحجة)!! وهذا مما لا خلاف فيه، والحديث تفرد به حميد الطويل عن أنس وهو مدلس فقد أورد ابن حجر فى ترجمته فى تهذيب التهذيب (3/38) إجماع 13 عالماً على تدليسه عن أنس، والحديث لم يخرجه أصحاب الصحاح برغم أهميته لعدم وجود ما يقوى تفرد حميد به.

وختاماً نقول: الأفضل جعل السنة كلها أعياداً لتكريم الأم وللحب، ولا تحرم هذه الأعياد الدنيوية أو هذه المناسبات أو هذه الأيام ولكن يأثم من يفعل أى مخالفات تخالف الشريعة فيها.

حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة