كثيرون من غنوا وتغنوا للحب، ولكن من عبّر منهم عن معنى الحب ولمست أغانيهم قلوبنا؟.. قلة كلمة "أحبك" التى هى أساس الحركة الغنائية العاطفية كانت بداية لثلاث أغان من أروع الأغانى التى كتبت ولحنت وتم غناؤها للحب لثلاثة من العظماء فى الغناء للحب، هم شادية وعبد الحليم حافظ وصباح، ويضاف إليهم عظيم آخر هو المطرب محمد عبد المطلب بأغنيته "حبيتك وبحبك".
"أحبك" لشادية كانت من كلمات صالح جودت، وألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب، وتوزيع أندريا رايدر، وتعد هذه الأغنية تحفة فنية من حيث الكلمات السلسة المعبرة التى تؤكد معانى الحب والتضحية فتقول شادية: "أحبك.. أحبك وأضحى لحبك أعز الحبايب وعمرى ما اكابر وأقول وأنت حاضر وأقول وانت غايب.. أحبك أحبك.. أنا أنا أنا أحبك.."، فهناك كم من العذوبة فى الكلمات والسلاسة وتوصيل معانى الحب بتقطيع من الشاعر أكمله أيضا اللحن الراقص الـ"سلو" من مقام "النهاوند"، وهو من أكثر المقامات المناسبة للحالة العاطفية .
الموسيقار محمد عبد الوهاب تحرك فى تلك الأغنية بأكثر من مقام، منها الماجير والحجاز والكرد، ويصر موسيقار الأجيال فى هذه الأغنية على تقديم المفاجآت اللحنية، فالأغنية بها الكثير من التكثيف الأوركيسترالى.
أما عن شادية وأداؤها الرائع فهناك حالة تغنى بها بخفة دم وروح وسلاسة جميلة، لأنها تضع المستمع معها فى الموقف العاطفى الذى تتعايش فيه، فصوتها فى هذه الأغنية يأسر من يسمعها بإحساسها الصادق ودلعها فى الغناء.
"أحبك" لعبد الحليم حافظ اختلفت كثيرا عن شادية، فقد اختار عبد الحليم أن يعبر عن حالة الحب التى تظهر على المحب فى جميع حالاته، وتصل به إلى درجة من الفرحة تجعل نفسه مفتوحة للكون من خلال كلمات العبقرى مرسى جميل عزيز، والملحن الكبير محمد الموجى والموزع على إسماعيل.
فقد بنى الشاعر مرسى جميل عزيز كلمات أغنيته من خلال كلمة "أحبك"، وقام ببناء حالة من الحب من خلال كلماته "أحبك.. كلمة بقالها أيام وليالى تدوب فيا، عايز تروحلك وأنت بعيدة عليا"، ويصل مرسى جميل عزيز بحالة الحب ليجعل نفسه تكون مفتوحة للكون كله بقوله: "يا صحابى يا أهلى يا جيرانى أنا عايز اخدكوا فى أحضانى".
فالكلام رقيق وجميل والمشاعر فياضة، ولذلك جاء اللحن من مقام الكرد، وهو مقام عاطفى جدا وعجرى جميل على درجة الـ"LA"، واللحن به سيمترية، ولم يكتف الملحن بذلك بل يمر بنا على مجموعة إيقاعات متعددة والموجى فى مدخل كوبليه "بحبها" ينتقل لكرد آخر على درجة أخرى من السلم الموسيقى وهى درجة الـ "re".
الموزع على إسماعيل لم يستخدم أوركيسترا كاملا، لكنه استطاع فى التوزيع أن يجعل الرتم فى الأغنية به الكثير من التنوع والإثراء والجمل المتعارضة وأهم ما يميز هذه الأغنية أنها بالفعل فرجة فى التوزيع وأداء عبد الحليم حافظ فيها يحمل الصدق كله والإحساس لديه يصل سريعا لكل من يحب مثله.
المطربة صباح لم تغن كلمة أحبك فقط لكنها أضافت لها "أحبك يانى" من كلمات عبد العزيز سلام، وألحان الموسيقار فريد الأطرش، فالكلمات بسيطة وظريفة كما نرى: أحبك يانى ولو ترعانى أحبك تانى وأقول أه يانى يانى، معاك وجدانى وكل حنانى وأخاف تنسانى.."
فكم هى الكلمات بها شقاوة صباح ودلعها فى الأداء الصوتى، وهى هنا فى تلك الأغنية فى أحلى حالتها الغنائية وخفة الدم فى الأغنية تجعلك تبتسم وأنت تستمع لها، وتعبر الأغنية عن حالة المحب المتيم بمن يحبه، والذى يحبه أكثر كلما اهتم به ورعاه وتتساءل صباح فى الأغنية من خلال كوبليه آخر تقول فيه: الحب ده إيه أنا معرفش، وبنهواه ليه مادام على حبك مقدرشى قولى نويت إيه.. أنت هتهوانى ولا هتسلانى ولا إيه تانى.. أه يانى أه يانى.."
اللحن اختار له الموسيقار الكبير فريد الأطرش الـ"تانجو"، وهو من مقام النهاوند فاللحن جميل جدا "بونبوناية"، وهناك خفة ظل لحنية والموسيقار فريد الأطرش يغنى معها فى الكورال، ويغنى بصوته ومن يستمع الأغنية يجد صوته مميزا فى الكورال.
آخر عظماء من تغنوا للحب هو العبقرى محمد عبد المطلب فى أغنيته "حبيتك وبحبك وهحبك على طول" للشاعر محمود فهمى إبراهيم وألحان عزت الجاهلى، فالشاعر استخدم الماضى والمضارع والمستقبل فى الأغنية ليؤكد على الحب الأبدى للمحب واللحن جاء من الـ"فالس"، وهو لحن عربى صريح جدا فالملحن الموسيقار عزت الجاهلى يلعب اللحن من مقام الـ"رست"، ويلحن الجملة الواحدة داخل الأغنية بلحنين مختلفين، وهذا إبداع وموهبة كبيرة أما أداء عبد المطلب فهو الحصان العربى الأصيل فى الغناء وصوته كله ذكورة و"عُربه" جميلة، وهو مطرب لن يتكرر فمثلا عبقريته فى "التلكيع" فى غناء مقطع: "حبيتك وبحبك وهحبك على طول" فالتلكيع فى طريقته فى الغناء هنا يؤكد مدى حبه ومدى اقتناعه وتمسكه به، كما وضع شدات جعلته متفرد جدا فى الغناء فى هذا المقطع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة