شغل القرار الذى اتخذه الرئيس الأمريكى ترامب، مؤخرا، والمتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الجميع، الذين أبدو غضبهم ضد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدسة، والذين أكدوا على عروبة فلسطين.
ومن جانبه قال بسام الشماع، عالم المصريات، إن الوجود الصهيونى فى فلسطين ليس له ما يدعمه تاريخيا أو ثقافيا، وأضاف بأنه من المتعارف عليه أن "يبوس" أو "اليبوسيين" هم قوم عرب، وهم فى الأصل بطن من بطون شبه الجزيرة العربية، وهم المؤسسون الأصليون لمدينة "القدس" التى أطلق عليها "يبوس".
وأوضح بسام الشماع، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن ذلك ما أكده العهد القديم وبالتحديد فى (أخبار أيام الثانى) وتحت عنوان جانبى (نسل الأمم الباقية) وفيه أن "جميع نسل الأمم الباقيين من الحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين الذين لا ينتمون لإسرائيل، ممن بقوا فى الأرض من بعدهم، ولم يفنهم بنو إسرائيل"، وهذا دليل واضح يؤكد أن اليبوسيين ليسوا من بنى إسرائيل.
والمعروف أن القدس أطلق عليها عبر التاريخ أسماء عديدة أوردتها الباحثة "آمنة أبو حجر" فى موسوعة المدن والقرى فى فلسطين منها بيت المقدس، يبوس، إيليا كابيتولينا، مدينة الأنهار، نور الغسق .
بينما يقول الدكتور عبد الرحمن غنيم فى كتابة "تاريخ القدس القديم" قراءة جديدة دار الكتاب العربى 2016، أن ورد اسم يبوس فى الكتابات المصرية الهيروغليفية باسم " يابثى أو يابتى وهو تعريف الاسم الكنعانى، ومن الخطأ التاريخى أن يتم الربط بين بنى إسرائيل ومن هم يحتلون فلسطين الأبية الآن، فهؤلاء المحتلون المغتصبون ليس لهم علاقة دم ببنى إسرائيل وبالتأكيد فإن نقاء العنصر اليهودى أو الإسرائيلى فرية وكذبة كبيرة.
وأكد بسام الشماع، أن المغالطات السياسية والتاريخية والاجتماعية كثيرة، فهم مثلا يقولون إن القدس وطنهم وهذا تاريخياً خطأ، ناهيك عن احتلالهم واغتصابهم الواضح وضوح الشمس، فالقدس ليس كما يدعى ظلما النشيد القومى الصهيونى والمسمى "هاتيكفاه" بالعبرانية، تعتبر "الأمل"، وليس المقصود من النشيد أرضهم بل مدينة القدس.
ولفت بسام الشماع، إلى أنه لم تتوقف محاولات الإسرائيليين فى تهويد كل شىء فى فلسطين، فقد حاولوا أن يسرقوا ويغيروا مثلا اسم مدينة شرم الشيخ إلى "أوفير" وأم الرشراش إلى "إيلات" وهو ما أطلق عليه الدكتور عبد الوهاب المسيرى "يُعبرن" أى يجعله عبرانياً، ووصل بهم الحال البائس إلى أن حاولوا سرقة وردة فلسطينية، كما روى "أسامة السلوادى" المصور الفلسطينى فى مجلة ناشيونال جغرافيك الشباب، إذ بدأوا فى نشر أسماء النباتات المتأصلة فى فلسطين باللغة العبرانية على صفحات الإنترنت ونسبها إلى أصول إسرائيلية مثل زهرة دم الغزال التى تم تغيير اسمها إلى زهرة "المكابين" وقد غير الصهاينة أنفسهم أسماءهم، متابعا أنهم وصل بهم الأمر بأن يقولوا بأنهم بنوا هرم خوفو، ولم أجد فى التوراة أى علامة على بنائهم هرم خوفو، ولماذا خوفو بالتحديد فمصر لديها 130 هرما.
وأكد بسام الشماع، أن هؤلاء المحتلين يدعون أنهم يريدون السلام مع الآخر وهذا كذب واضح، حيث كتب "مارتن بوبر" فى كتابه "إسرائيل والعالم" فى نيويورك 1948 عن الحركة الصهيونية، "تبدأ بأمل كبير ثم تتدهور حتى تصبح أنانية مقدسة" وقال "يهودا ماغنيس" رئيس الجامعة العبرية فى القدس منذ 1926، وفى عام 1946 "ينطق الصوت اليهودى بلغة البنادق، هذه هى توراة أرض إسرائيل الجديد".
ويفضح دكتور أيمن شرف الصهاينة بكتابة " الهولوكوست المعكوس" ما فعله اليهود الصهاينة بالألمان، وقال إن عدد الكتب فى العالم عن الهولوكوست تتعدى الثمانين ألف كتاب، أما عدد الكتب التى كتبت عن الهولوكوست المعكوس، فهو واحد نعم كتاب واحد، هذا الكتاب الذى كتبه بالمعلومات والإحصائيات، الصحفى الأمريكى "جون ساك" وثق فيه قتل اليهود للأمان، لكن تم التعتيم عليه ومُنع، ويعترف "إسرائيل شامير" ردا على "إيلى وايزل" صاحب "القدس فى قلبى" إن المدينة كانت منذ عصور تعيش بسعادة فى رعاية الفلسطينيين، الذين كانوا يحسنون الاعتناء بها، وجعلوها مدينة جميلة بحالتها الراهنة وزينوها بجوهرة رائعة قبة الحرم الشريف الذهبية وبنو منازلها بقناطر مدببة ومصاطب رحبة وزرعوا فيها أشجار سرو ونخيل.
وتابع عالم المصريات، تتوالى الأكاذيب اليهودية حيث قال عبد الرحمن غنيم، إنه فى جبل صهيون، فى الحيين الأرمنى واليهودى حاليا، وحيث يفترض أن يكون مدفون "حصن صهيون" الذى أخذه داود، لكنهم لم يُعثروا على شىء، إذن هى رواية مختلقة كالعديد من روايات اليهود.
ويتابع "الشماع" عاش الإنسان فى القدس منذ العصر الباليوليتى الأدنى منذ 500 ألف إلى 100 ألف عام قبل الميلاد، كما أثبتت حفائر ستيكليس، وكما ذكرت رسائل تل العمارنة الشهيرة وقد قرر الأثريون جميعا أنه المصرية القديمة لم تذكر أبدا وجود أية آثار تتعلق بما يسمى هيكل سليمان.
ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيرى فى موسوعته الشهيرة (موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية) "يرى كثير من المؤرخين أن أصول يهود أوروبا الأشكناز ترجع الى يهود الخزر وليس إلى فلسطين، وهم (أى الخزر) الذين كونوا مملكة المجر فى شرق أوروبا خلال تولى "خاقان" (حاكم) الخزر ملكاً عليهم ثم انتشر الخزر والمجريون وشعوب أوروبية أخرى بعد ذلك فى أوروبا شرقا وغربا، وكونوا أنوية للجماعات اليهودية فى أوروبا الوسطى والشرقية وذلك على خلاف ما تدعيه الصهيونية أن أصل معظم اليهود فلسطينيين.
وأكد بسام الشماع، أنهم سرقوا هذا الأصل لتأصيل استخراجهم واحتلالهم لأرض فلسطين العربية، وقبيلة الخزر ليست فى الأصل من أرض فلسطين أو كنعان لكن هى أصلا قبيلة تسمى "خازارا" والخزر، وبالعبرية تسمى "خازاريم" أو "خوزاريم"، ويؤكد لنا دكتور مصطفى عبد المعبود فى عمله "يهود الخزر وفرية نقاء اليهود العرقى"، أن أصل الخزر جنوب شرق روسيا فى منطقة الفولجا والقوقاز من القرن السابع الميلادى حتى القرن الثانى عشر الميلادى، وقد استقر فى أوروبا الشرقية مدة قرن ونصف قرن وكانوا حاجز حماية منيع يسد ممر الأورال وقزوين فيما بين آسيا وأوروبا، وقد شكلوا أكبر تجمع يهودى فى العالم و هم يهود بولندا وبالتالى فليس لهم علاقة بالعبرانيين القدماء .
ولفت بسام الشماع، إلى أن "أرثر كوستلر " أكد فى كتابه "القبيلة الثالثة عشر" وهو كاتب يهودى أكاديمى، أن الأغلبية الساحقة ليهود هذا الزمان ليست من ذرية بنى إسرائيل القدماء، وأن معظم اليهود الآن هم من نسل يهود الخزر، وهم فى أصلهم قبائل تترية قديمة كانت تعيش فى منطقة القوقاز، وقد سقطت مملكة الخزر على يد تحالف روسى بيزنطى فى نهاية القرن العاشر وأوائل القرن الحادى عشر، بعدها انتشر يهود الخزر فى روسيا وأروبا الشرقية والغربية واستقرت أعداد منهم فى الأندلس أيام الحكم الإسلامى ثم هاجروا إلى شمال أفريقيا بعد خروج المسلمين من الأندلس على يد الأسبان، وتمت معاملتهم على أحسن ما يكون على يد المسلمين كما ذكر الدكتور مصطفى عبد المعبود.
ومن الجدير بالذكر أن مملكة الخزر كانت قد لقت هزيمة على يد جيش المسلمين بقيادة مروان بن محمد (مروان الثانى) فى عام 737 ميلادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة