خطابات رنانة وحماسة غابت عنها قوة الفعل.. بهذه الاستراتيجية استطاعت دول من بينها تركيا وإيران وقطر على مدار سنوات رسم صورة لها مغايرة للواقع عبر المتاجرة بقضايا الأمة العربية وفى مقدمتها القدس والقضية الفلسطينية، لتدشن تلك الدول عبر مصطلحات روجتها فضائية الجزيرة القطرية مثل "محور الممانعة" و"محور الاعتدال" مجداً لا يستند إلا لسلسلة من الأكاذيب.
وفى الوقت الذى نشرت فيه العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية -على حد سواء- تقارير تفيد باعتزام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، لم تقف إلا دول "محور الاعتدال" كما لقبتها الجزيرة القطرية فى وجه تلك التحركات الأمريكية، حيث حذرت القاهرة والرياض وعمان من خطورة هذه الخطوة وعواقبها، فى وقت آثرت فيه الأنظمة الحاكمة فى قطر وتركيا وإيران التزام الصمت.
وكشفت الأيام القليلة الماضية بطلان ادعاءات كل من الرئيسين التركى والإيرانى رجب طيب أردوغان وحسن روحانى، وأمير قطر، تميم بن حمد بمساندتهم عروبة القدس ضد التحركات الإسرائيلية التى تتم بتنسيق أمريكى لتمرير وعد "بلفور" جديد.
دونالد ترامب
وفى وقت شهدت فيه القاهرة وعمان تحركا دبلوماسيا نشطا من أجل إقناع الإدارة الأمريكية بعدم اتخاذ هذه الخطوة التى ستضفى شرعية غير مستحقة من شأنها تدمير عملية السلام فى الشرق الأوسط، ونسف كافة الجهود الرامية لعودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد ترميم البيت الفلسطينى بجهود مصرية خالصة، وتوحيد راية الفصائل الفلسطينية لتكفل البدء الفورى للمفاوضات حول الحل النهائى وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، نأت تركيا وإيران وقطر بنفسها عن أى دور يتخذ لإنقاذ القدس.
أردوغان وإسرائيل اصدقاء فى الخفاء.. أعداء فى العلن
ذر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الرماد فى الأعين حول قضية القدس من خلال إجراء اتصال هاتفى بالرئيس الفلسطينى محمود عباس، ناقش خلاله آخر المستجدات فى القدس، من دون أن يدلى بدلوه فى إقناع الإدارة الأمريكية بعدم اتخاذ قرار يتعلق بالقدس، حيث إنه يخشى على علاقاته الوطيدة مع تل أبيب، والمتمثلة فى استيراد الغاز الطبيعى من حقلى "ليفتان" و"ايتمار" حتى ولو على حساب القضية الفلسطينية.
الرئيس التركى
وتشهد له الحكومة الإسرائيلية، بأن "أردوغان" صديقًا وفيًا بعدما أرسل 4 طائرات متطورة للقدس شاركت فى إطفاء الحرائق العام الماضى، عندما اشتعلت النيران فى غابات القدس واستنجدت تل أبيب بتركيا فوجدته عند حسن ظنها.
إيران "ودن من طين وودن من عجين"
منذ الإعلان عن أزمة القدس تغيبت إيران عن المشهد كليًا، حيث لم تصدر الخارجية الإيرانية أى بيان تدين فيه أو تستنكر أى محاولة تهدف لاعتبار القدس عاصمة لإسرائيل باعتراف أمريكى، فدولة الخمينى الشيعية التى ملأت الدنيا ضجيجاً برغبتها فى تحرير القدس وأن صواريخها موجهة نحو تل أبيب لم تبالِ ما يحاك فى الكواليس داخل الإدارة الأمريكية حول مدينة القدس.
تميم بن حمد
قطر تحافظ على علاقاتها مع تل أبيب على حساب القدس الشريف
لا يستطيع تنظيم "الحمدين" أن ينكر العلاقات الوطية مع حكومة تل أبيب رغم عدم وجود تمثيل دبلوماسى متبادل لهما، لكن أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة يعتبر إسرائيل هى السند والمعين له عقب مقاطعة الرباعى للدوحة لدعمها للإرهاب فى الشرق الأوسط.
فمن بضائع المستوطنات التى تغرق أسواق قطر إلى التعاون فى بناء ملاعب مونديال 2022 وصولاً بمشاركة ضباط من جهاز الأمن العام "الشاباك" فى استجواب المعارضين القطريين يقف "تميم" ساكناً إزاء أى تحرك إسرائيلى – أمريكى للمساس بعروبة القدس الشريف.
إسرائيل تعترف بضغوط مصرية وأردنية على ترامب لمنع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن التقارير المسربة الخاصة بإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، دفعت كلاً من مصر والأردن إلى الإسراع إلى التعبير عن غضبهما الشديد تجاه اتخاذ مثل هذه الخطوات التى من شأنها تدمير عملية السلام فى الشرق الأوسط، موضحة الصحيفة أن أكثر الدول العربية هى تلك التى وقعت مع تل أبيب اتفاقية سلام.
وقالت الصحيفة، إن وزير الخارجية المصرى سامح شكرى أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الأمريكى ريكس تليرسون أعرب فيه عن مدى خطورة إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل، حيث سيؤدى هذا إلى موجة غضب عارمة تجتاح الشعوب العربية.
سامح شكرى
وأوضحت الصحيفة، أن اتصالاً مماثلاً جرى أيضًا بين وزير الخارجية الأردنى ونظيره الأمريكى، للحديث عن مدى الضرر الكبير الذى سيلحق بعملية السلام إذا ما مضى قدمًا الرئيس الأمريكى فى اتخاذ هذه الخطوة.
وكانت تقارير غربية وإسرائيلية، تحدثت عن أن "ترامب" سيعلن فى خطابه للشعب الأمريكى يوم الأربعاء المقبل، عن أن واشنطن ستعترف بأن القدس هى العاصمة الأبدية لإسرائيل من دون إعلان رسمى عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة