"الفلسطينييون شعب قاهر للمستحيل"، وصف يتجسد فى قدرة الأشقاء فى الأراضى المحتلة على الحزن والفرح معًا، بل واستمرار مقاومتهم من أجل تحرير وطنهم، ومع حلول أعياد الميلاد، التى يستعد لها العالم أجمع بالأشجار المزينة والملابس الملونة المبهجة، كان للشعب الفلسطينى استعدادات من نوع خاص، الذى استقبل احتفالات الكريسماس، بالشهداء والمصابين والمعتقلين، وكذلك زى "سانتا كلوز"، ولكن فى المظاهرات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلى.
وزاد من كدر الفلسطينيين قبيل احتفالات أعياد الميلاد، قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما يترتب عليها من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو القرار الذى زاد من حنق وغضب الشعب الفلسطينى مسلمين وأقباط، وتوالت على إثره المظاهرات والاشتباكات الدموية مع قوات الاحتلال، ما أثر بدوره على التحضيرات لعيد الميلاد فى مدينة بيت لحم الفلسطينية التى تبعد كيلومترات قليلة عن المدينة المقدسة، هذا إلى جانب تأثير على الأجواء الاحتفالية الذى كساها الحزن فى القدس.
ورغم إدانه المجتمع الدولى هذا القرار الأرعن، رافضين تهويد القدس، إلا أن الولايات المتحدة، تمادت فى العناد، حيث استخدمت حق الفيتو ضد مشروع القرار المصرى بالاحتفاظ بعروبة القدس، ليأتى القول الفصل فى الأمم المتحدة، حيث أعطت الأغلبية صوتها إلى الاحتفاظ بعروبة المدينة، رافضين الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، على الرغم من التهديدات الأمريكية بمنع المعونة عن الدول المؤيدة للقرار الأممى.
وفى الوقت الذى طغى فيه قرارالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على الأجواء فى المدن الفلسطينية، تحدى العشرات من الفلسطينيين والسياح الأجانب الأجواء الباردة، صباح الأحد، وتوجهوا إلى ساحة المهد القريبة من الكنيسة التى تحمل الإسم نفسه أمام مغارة كبيرة لميلاد المسيح وشجرة مزينة بالالوان، حيث بدأت ترانيم الميلاد باللغة العربية، وبثت عبر مكبرات الصوت، بينما اشترى البعض بالونات لأطفالهم فى انتظار بدء احتفالات الكشافة.
مسيحيو بيت لحم يستعدون للاحتفال بأعياد الميلاد
وفى هذا الصدد، قالت إحدى السيدات المسيحيات من بلدة بيت ساحور القريبة من بيت لحم، إن عيد الميلاد ليس سعيدا لهذا العام، مضيفه - وهى تلاعب حفيدتها التى ارتدت قبعة بابا نويل وحملت بالونا زهرى اللون - أن "الوضع تعيس هذا العام"، فى إشارة إلى قرار ترامب، مشيرة إلى أن "الناس يخرجون فقط للتنفيس"، فيما قالت إحدى المحتفلات، موجهه رسالة للرئيس الأمريكى "من قام بتوكيل ترامب بهذا، فلينصرف من هنا".
فلسطينى يصلى داخل كنيسة المهد
من جهته، قال القس الفلسطينى مترى الراهب، راعى كنيسة الميلاد اللوثرية الإنجيلية فى بيت لحم، إن ـجواء عيد الميلاد لهذا العام يمتزج فيها الحزن مع الفرح بسبب القرار حول القدس، ورأى الراهب، أن الاحتفال بعيد الميلاد نوع من المقاومة المبدعة، مضيفًا "لا ننكفئ على أنفسنا ولا نيأس بل نصمد ونحتفل بهذا الطفل الذى ولد فى هذه المدينة المقدسة"، فى إشارة إلى مدينة بيت لحم.
وقال رئيس الأساقفة بيير باتيستا بيتسابالا - أحد أهم رجال الدين الروم الكاثوليك فى الشرق الأوسط - إن إعلان ترامب أدى إلى توتر حول القدس وشغل الناس عن عيد الميلاد، مضيفًا "كان الزوار الأجانب عددهم كبيرا فى عيد الميلاد عندما يسمح الوضع الأمنى بذلك، إلا أنهم نادرين فى الأيام الأخيرة فى بيت لحم، وأضاف أن عشرات المجموعات ألغت رحلاتها منذ السادس من ديسمبر.
مواطنون يصلون داخل الكنيسة
من جهته، قال ناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، إن وحدات إضافية ستنشر فى القدس ونقاط العبور إلى بيت لحم لتسهيل تحركات ووصل آلاف السياح والزوار، بينما عبر الرئيس الفلسطينى محمود عباس، عن استيائه - الجمعة من جديد - مؤكدًا أن الفلسطينيين لن يقبلوا أى خطة سلام تقترحها الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.
كنائس بيت لحم
وقال الرئيس الفلسطينى - فى تصريحه آنذاك - إن "الولايات المتحدة لم تعد وسيطا نزيها فى عملية السلام، ولن نقبل أى خطة منها بسبب انحيازها وخرقها للقانون الدولى"، وأضاف أن ما قامت به الولايات المتحدة فى هذا الموضوع بالذات، جعلها هى تبعد نفسها عن الوساطة.
وأدى القرار الأحادى الذى أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى السادس من ديسمبر، إلى تظاهرات شبه يومية فى الأراضى الفلسطينية بما فى ذلك فى بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، حيث يفترض أن يشارك المؤمنون بقداس منتصف الليل فى كنيسة المهد، بينما يستعد ملايين المسيحيين فى العالم للاحتفال بليلة عيد الميلاد، بدءًا من بيت لحم مهد يسوع المسيح، حيث يسود توتر مع اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة