أعرب ملوك ورؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، المجتمعين فى إطار القمة الإسلامية الاستثنائية المنعقدة فى إسطنبول بالجمهورية التركية اليوم الأربعاء عن رفضهم بيان الإدارة الأمريكية غير القانونى بشأن وضع القدس، معلنين أن البيان الأمريكى باطل ولاغٍ من وجهة نظر الضمير والعدالة والتاريخ، شأنه فى ذلك شأن قرار إسرائيل ضم القدس وتدابيرها وإجراءاتها هناك والتى لم تكن ولن تكون يوماً مقبولة، داعين جميع أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والمجتمع الدولى إلى أن يظلوا ملتزمين بوضع القدس وبجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وشدد البيان، على أنه لن يكون بالإمكان البتة التنازل عن طموح إقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره شرطاً لازماً لإحلال السلم والأمن فى المنطقة، معلنين عزمهم التعاون والتنسيق من أجل نصرة قضية فلسطين والقدس الشريف فى المحافل الدولية، ولاسيما فى الأمم المتحدة، وحشد الدعم باسم الإنسانية جمعاء لتقوية دولة فلسطين ومؤسساتها فى جميع المجالات.
ودعا الزعماء جميع الدول التى لم تعترف بعد بدولة فلسطين، التى تم الإعلان عنها عام 1988 بالجزائر تجسيداً لرغبة أبناء الشعب الفلسطينى، فى أن يحيوا حياة حرة، إلى اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة. إذ أضحى اليوم الاعتراف بدولة فلسطين شرطاً أساسياً لتحقيق التوازن ولسيادة الحس السليم ومنطق العقل فى المنطقة فى أعقاب التطورات الأخيرة.
وأكدت الدول اعترافها بدولة فلسطين داعين دول العالم أجمع إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة محتلة لدولة فلسطين، موضحين ان الدفاع عن القضية الفلسطينية يستوجب، فى ظل الظروف الحالية، تحقيق المصالحة الفلسطينية دون مزيد من الإبطاء على أساس الاحترام المتبادل والثقة والتوافق وروح التضامن الوطنى، ونجدد فى هذا الصدد دعمنا لتحقيق هذه المصالحة.
وطالب الزعماء إدارة ترمب بمراجعة قرارها غير القانونى الذى من شأنه أن يفجر الفوضى فى المنطقة، مضيفين:"ندعوها إلى إلغاء هذه الخطوة الخاطئة، مؤكدين على دعمنا الكامل لجميع أشقائنا الفلسطينيين، وفى مقدمتهم رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، فى نضالهم من أجل إقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس".
وأكد إعلان إسطنبول الصادر عن - مؤتمر القمة الإسلامى الاستثنائي لبحث الوضع فى أعقاب اعتراف الإدارة الأمريكية بمدينة القدس الشريف عاصمةً مزعومةً لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس - الأهمية البالغة لصون حرمة والحرم القدس الشريف ووضعها التاريخى بالنسبة للأمة الإسلامية قاطبة، مشددا على أنه لن يتأتى للأمة الإسلامية الدفاع بقوة عن قضاياها على الصعيد العالمى إلا من خلال عمل قوامه الوحدة والتضامن.
وشددوا على التزامهم بأحكام ميثاقَى منظمة التعاون الإسلامى والأمم المتحدة وبمبادئ القانون الدولى، مشيرين إلى القرارات الصادرة عن مؤتمر القمة الإسلامى ومجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى بشأن فلسطين والقدس الشريف، مؤكدين أن القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن فلسطين والقدس الشريف، ولا سيما قرار مجلس الأمن الدولى رقم 478 لعام 1980.
وحيا البيان الختامى لقمة إسطنبول، المقاومة السلمية الاستثنائية التى ما برح الشعب الفلسطينى بأسره، وخاصة أهالى القدس الشريف، يبديها من خلال العديد من التضحيات ضد الانتهاكات الشنيعة فى الحرم الشريف فى يوليو 2017، مشددين على أهمية العمل المشترك مع جميع الشركاء الدوليين الذين يشاطروننا ذات الرؤى والأفكار للتصدى لبيان الرئيس الأمريكى ترامب، بالاستناد إلى الشرعية والقانون الدوليين، فضلا عن الامتناع عن العنف بجميع أشكاله.
وأعرب الزعماء عن دعمهم للدور الذى تضطلع به المملكة الأردنية الهاشمية بصفتها راعية للأماكن المقدسة فى القدس الشريف، وللموقف الثابت لدائرة الأوقاف الأردنية فيما يتعلق بصون قدسية الحرم الشريف ووضعه التاريخى، باعتباره مكاناً للعبادة.وأدانوا ما تقوم به إسرائيل من أنشطة استيطانية غير مشروعة، ومصادرة للأراضى، وعمليات هدم، واستخدام للقوة المفرطة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
وأكدوا أن المساعى المشتركة ستتواصل بهدف وضع حد للحصار اللاإنسانى الذى يتسبب فى حرمان أكثر من مليونيْن من الأشقاء الفلسطينيين من حريتهم وسبل عيشهم الكريم وعزلهم عن فلسطين وعن بقية العالم منذ أكثر من عقد من الزمان. وستُبذل الجهود من أجل التخفيف من محنتهم، مؤكدين التزامهم بحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم، مشددين على أهمية دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى (أونروا) التى توفر الخدمات الأساسية الضرورية للاجئين الفلسطينيين من أجل بقائهم على قيد الحياة منذ عام 1949.
وأوضح البيان، أن قرار الرئيس ترامب بشأن القدس لا يمثل انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة فحسب، بل أيضاً لعراقة القدس الشريف التى تعود إلى قرون من الزمان، وهو بذلك يغفل الحقائق التاريخية والاجتماعية والثقافية وأحكام القانون الدولى.
وشدد البيان على أهمية حماية الطابع المتعدد الثقافات والأديان للقدس الشريف حيث تتجاور مقدسات الأديان السماوية الثلاث كنتيجة تاريخية لفلسفة التسامح المتأصلة فى الإسلام، دين الوسطية والتعايش السلمى.
وأكد أن كل خطوة لا تحترم حقوق الفلسطينيين فى القدس، والتى ما فتئت تؤكدها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، تشكل ضربة قوية للتطلعات إلى تحقيق التعايش بين أتباع مختلف الديانات.
واستذكر البيان هول المعاناة التى حدثت فى الماضى عندما لم تُحترَم الهوية الدينية الخاصة للقدس الشريف وحُرمته، مشددا على أن حماية القدس هى حجر الزاوية لإرساء وصون الحق والعدل والاحترام المتبادل فى منطقتنا وخارجها.
وجدد البيان التأكيد على أن إحلال السلام الحقيقى للجميع لن يتسنى إلا عندما ينتهى الاحتلال الإسرائيلى للقدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، وعندما يصبح الفلسطينيون أحراراً فى وطنهم.
وأكدوا للعالم أجمع ضرورة صون سلم الأجيال المقبلة وأمْنها بالتصدى لهذه الأعمال غير المشروعة، مشددين على أن كل شخص يتمتع بحس وضمير، بغض النظر عن دينه وجنسيته ومعتقده، تقع على عاتقه اليوم مسؤولية الوقوف إلى جانب أبناء الشعب الفلسطينى والقدس الشريف فى قضيتهم العادلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة