بعد مرور أكثر من مائة عام على موجات الهجرة اليهودية المتتابعة من دول أوروبا إلى أرض فلسطين تحت شعار "أرض الميعاد"، وهدفها الخبيث هو إنشاء وطن مزعوم لليهود بدعوة من مؤسس الحركة الصهيونية "تيودر هرتزل" ، من خلال استغلال الصراعات بين الحلفاء والمحور فى القارة العجوز والتى تمخض عنها حربين عالمتين فى عامى 1914 و1945 ، اصبحت أرض فلسطين المحتلة قاب قوسين أو أدنى من موجة هجرة ثانية.
هجرة اليهود الأولى لفلسطين
فالظروف والعوامل التى دفعت اليهود إلى الهجرة الأولى تتشابه فى الوقت الراهن، من خلال الأوضاع الصعبة التى تمر بها القارة الأوربية فى استهدافها من قبل تنظيم "داعش" الإرهابى، فى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من الدول، ووصل الأمر إلى استهداف مطعم للمأكولات اليهودية الحلال"كوشير" بالحى اليهودى فى فرنسا عام 2015 ، واسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 22 أخرين.
وعلى الفور استغل رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو هذا العمل الإرهابى لدعوة يهود أوروبا بصفة عامة ويهود فرنسا بصفة خاصة للهجرة إلى إسرائيل، معتبرا أن إسرائيل أكثر أمناً من أوروبا التى يضربها إرهاب "داعش" فى كل يوم .
ولم يمر أسبوعا على دعوة نتنياهو التى يهدف من وراءها زيادة أعداد الإسرائيليين فى الأراضى المحتلة حتى أبدى أكثر من 5100 يهودى رغبتهم فى الهجرة إلى إسرائيل ، وأعربت وزارة الهجرة والاستيعاب عن استعدادها لاستيعاب هذا العدد من اليهود الراغبين فى الهجرة .
وقال وزير الاستيعاب والهجرة زائيف الكين، إنه من المتوقع أن يصل المهاجرون من فرنسا إلى إسرائيل حوالى 9000 يهودى فرنسى.
كما تستسغل الحكومة الإسرائيلية قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المشئوم بأن القدس عاصمة لإسرائيل لدعوة يهود أوروبا والولايات المتحدة للهجرة إليها، بزعم أنها أرضهم المزعومة التى وعدهم الله اياها فى التلمود المكتوب بأيادى الحاخامات.
وقام "نتنياهو" بجولة أوروبية هذا الاسبوع فى أول زيارة خارجية له عقب القرار، حيث زار فرنسا وبلجيكا التى بها مقر الاتحاد الأوروبى للترويج للقدس عاصمة لإسرائيل وإتاحة الفرصة لليهود للهجرة اليها.
هجرة اليهود لفلسطين
ولم تلبس الموجة الثانية من الهجرة إلى فلسطين الثوب السياسى فقط بل أيضا الثوب الدينى، حيث دعا حاخام برشلونة الأكبر مئير بار حن، اليهود الأسبان للفرار مما أسماه بـ"محور الإرهاب الإسلامى" الذى انتشر ـ على حد قوله ـ ليس فقط فى إسبانيا وإنما فى الدول الأوروبية كافة.
الحاخام بار حن
وبعد أيام من هجوم برشلونة فى أغسطس الماضى الذى تبناه "داعش" وأسفر عن مقتل 14 وإصابة العشرات ، قال بار حن فى مقابلة نشرتها صحيفة الاندبندنت البريطانية، إن "اليهود ليسوا هنا بشكل دائم.. أقول لأبناء طائفتى لا تعتقدوا أننا هنا للأبد.. كما أشجعهم على شراء ممتلكات فى إسرائيل.. هذا المكان أصبح ضائعا.. لا تكرروا خطأ اليهود الجزائريين، واليهود الفنزويليين.. من الأفضل الخروج فى وقت مبكر. "
وتابع الحاخام الذى يحمل الجنسية الإسبانية، أن الهجمات الأخيرة كشفت بلا شك أن أوروبا بأكملها ضاعت، ووجود هامش متطرف داخل المجتمع الإسلامى.
ومنذ هزائم تنظيم داعش الإرهابى فى ميادين النزاعات داخل سوريا والعراق وليبيا بدأت العديد من دوائر الأمن والاستخبارات داخل أوروبا التحذير قبل أكثر من عام من احتمالات تسلل المقاتلين الأجانب فى صفوف التنظيم الإرهابى إلى بلدانهم الأصلية وشن هجمات على أراضيها.
وأحدث قرار "ترامب" موجة من الغضب العارم فى أوروبا والدول العربية ، حيث خرجت مظاهرات منددة بالقرار ضد "ترامب" فى الاراضى الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس وقطاع غزة قابلتها قوات الاحتلال باستخدام الرصاص الحى والمطاطى أسفرت عن استشهاد 4 فلسطينيين و ألاف الجرحى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة