نظمت جامعة الدول العربية اليوم،الأربعاء، احتفالية بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى وكفاحه المشروع وقضيته العادلة، وتأكيدا على دعمها لكافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وكذا للإعراب عن رفضها لكافة أشكال الظلم الواقع على الشعب الفلسطينى جراء الاحتلال الإسرائيلى، وذلك تفعيلا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1977 باعتبار التاسع والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام "يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطينى" من أجل استعادة حقوقه المشروعة، وفى مقدمتها حقه فى تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال أحمد أدو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية خلال كلمته بهذه المناسبة، إن شهر نوفمبر يمثل أهمية خاصة لدى الشعب الفلسطينى، إذ يذكر بحجم الظلم الذى وقع عليه والمآسى والمعاناة التى ظلت تحاصره لعقود طويلة. ففى الثانى من شهر نوفمبر عام 1917 صدر وعد "بلفور" المشؤوم بإقامة وطن قومى لليهود على أرض فلسطين التاريخية. وفى التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولتين؛ دولة عربية وأخرى يهودية.
وتابع: وقد قامت دولة إسرائيل، بينما لم تقم بعد الدولة العربية الفلسطينية التى لا يمكن تحقيق العدالة والسلام بدون قيامها وفق رؤية حل الدولتين الذى يحظى بالإجماع العربى والدولى.
وفى نفس هذا تاريخ اليوم (29 نوفمبر) قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2012 بترقية مركز فلسطين إلى دولة لها صفة المراقب فى الأمم المتحدة، بتصويت 138 دولة لصالح القرار الذى جاء كخطوة هامة وضرورية تمهد السبيل للحصول على العضوية الكاملة.
وأضاف وقد تواصلت مظاهر تعزيز مركز فلسطين على الصعيد الدولى وتصاعد الاعتراف على المستوى العالمى بحق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، وهو ما ترجمه مؤخرا حصول دولة فلسطين على العضوية فى منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) بتصويت 75 دولة لصالح القرار، الأمر الذى يعكس ثقة المجتمع الدولى وانتصاره للحق الفلسطينى.
وفى هذا السياق، فإن الجامعة العربية سوف تستمر في دعم وتأييد كافة التحركات الدبلوماسية والقانونية الفلسطينية والحراك العربي المنسق المشترك على الساحة الدولية من أجل ترسيخ الوضعية القانونية لفلسطين وتوسيع دائرة الاعتراف بها، وخاصةً فيما يتعلق بمسعى الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المُتحدة.
ونوه أبو الغيط إن بداية الشهر الماضى (شهر أكتوبر) شهدت حدثا هاما ويبعث على الأمل، وهو إنجاز المصالحة الفلسطينية، برعاية جمهورية مصر العربية. مؤكدا إن إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة التى طال انتظارها يقطع الطريق على تهرب الحكومة الإسرائيلية من استحقاقات عملية السلام ويفضح التبريرات الواهية التى تطرحها بغياب شريك فلسطينى للسلام. والمأمول هو أن تستمر مسيرة المصالحة ويجرى الانتهاء سريعا من كافة المسائل العالقة، ذلك أنها تُعد عنصر قوة رئيسياً فى الموقف الفلسطينى.
وأكمل أبو الغيط: بعد خمسين عاما من الاحتلال، تواصل إسرائيل تبنى سياسة مُمنهجة لتدمير حل الدولتين وإفشال فرص تحقيق السلام، ومن ذلك الإمعان فى النشاط الاستيطانى وابتلاع المزيد من الأراضى الفلسطينية رغم الإدانات الدولية المتواصلة والمُتكررة، فيما يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولى، ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 بتاريخ 23/12/2016 الذى أكد على أن كافة المستوطنات الإسرائيلية تُعد غير شرعية وغير معترف بها من وجهة نظر القانون الدولى.
كما تستمر الانتهاكات الإسرائيلية فى كافة الأراضى الفلسطينية المُحتلة بما فيها القدس الشرقية، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة فى المسجد الأقصى المبارك، وفضلاً عن استمرار إسرائيل فى حصارها الجائر غير القانونى وغير الشرعى المفروض على قطاع غزة لأكثر من عشر سنوات، إضافة إلى استمرار سياسة الإعدامات الميدانية وفرض الحواجز العسكرية واستمرار الانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الاسرائيلى.
وأكد أبو الغيط أن لإسرائيل تاريخاً طويلاً من الاستهانة بالأمم المُتحدة ورفض الالتزام بقراراتها، بل وتطاولها على أجهزتها. ورغم ذلك، تسعى إسرائيل –ولديها هذا السجل المخزى- للحصول على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن المنوط به حفظ الأمن والسلم الدوليين لعامى 2019-2020. إن نجاح إسرائيل فى "تطبيع وضعيتها" على الصعيد الدولى يمثل مكافأة صريحة للاحتلال، وتشجيعا للدولة العبرية على المضى قُدماً فى سياساتها لتدمير حل الدولتين. ويتعين أن تقف دول العالم التى تنشد السلام صفا واحدا من أجل الحيلولة دون هذا الترشيح. إن جامعة الدول العربية تؤكد على رفضها الكامل لهذا الترشّح الإسرائيلى وترى ضرورة التصدى له، وتدعو كافة دول العالم إلى إفشال هذا المسعى الإسرائيلى.
وأشار إلى أن انسداد أفق التسوية السلمية ينذر بعواقب وخيمة ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم بأسره، وهو ما يتطلب إطلاق عملية تفاوضية جادة وفق آلية واضحة وإطار زمنى محدد يفضى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
ونأمل بأن تنجح الإدارة الأمريكية فى دعم هذا المسار، وأن تتواصل مساعيها –جنبا إلى جنب مع كافة الشركاء الدوليين- لتحقيق ذلك الهدف الذى طال انتظاره بإنهاء الصراع الممتد منذ عقود. ومازال يحدونا الأمل بإمكانية أن تلعب اللجنة الرباعية دورا بناء، وأن تواصل الاضطلاع بدورها ومسئولياتها سعيا لتحقيق السلام المنشود. وجامعة الدول العربية على استعداد كامل للتعاون معها لتعزيز فرص تحقيق هذا السلام. ولا شك أن توسيع اللجنة الرباعية بإشراك الجامعة من شأنه أن يسهم فى تعزيز من هذا المسار.
ووجه أبو الغيط تحية إعزاز وإجلال وإكبار لهذا الشعب المناضل والبطل على صموده الأسطورى فى ظل كل ما يتعرض له من ظلم ومعاناة، وما يتحمله من عذابات وما يقدمه من تضحيات. لقد آن الأوان أن تنتصر قوة القانون على قانون القوة، وأن ينال الشعب الفلسطينى حريته واستقلاله ويستعيد حقه فى أرضه ووطنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة